[16:1] - النحل - ابن كثير

[16:1] - النحل - ابن كثير

ابن كثير

﴿بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ أَتى أَمرُ اللَّهِ فَلا تَستَعجِلوهُ سُبحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشرِكونَ﴾ [ النحل - 16:1 ]

تفسير سورة النحل وهي مكية.

أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون

يخبر تعالى عن اقتراب الساعة ودنوها معبرا بصيغة الماضي الدال على التحقق والوقوع لا محالة [ كما قال تعالى ]: ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) [ الأنبياء: 1 ] وقال: ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) [ القمر: 1 ].

وقوله: ( فلا تستعجلوه ) أي: قرب ما تباعد فلا تستعجلوه.

يحتمل أن يعود الضمير على الله، ويحتمل أن يعود على العذاب، وكلاهما متلازم، كما قال تعالى: ( ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) [ العنكبوت: 53، 54 ].

وقد ذهب الضحاك في تفسير هذه الآية إلى قول عجيب، فقال في قوله: ( أتى أمر الله ) أي: فرائضه وحدوده.

وقد رده ابن جرير فقال: لا نعلم أحدا استعجل الفرائض والشرائع قبل وجودها بخلاف العذاب فإنهم استعجلوه قبل كونه، استبعادا وتكذيبا.

قلت: كما قال تعالى: ( يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد ) [ الشورى: 18 ].

وقال ابن أبي حاتم: ذكر عن يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عياش، عن محمد بن عبد الله - مولى المغيرة بن شعبة - عن كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن حجيرة، عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - ﷺ - تطلع عليكم عند الساعة سحابة سوداء من المغرب مثل الترس، فما تزال ترتفع في السماء، ثم ينادي مناد فيها: يا أيها الناس، فيقبل الناس بعضهم على بعض: هل سمعتم؟ فمنهم من يقول: نعم، ومنهم من يشك، ثم ينادي الثانية: يا أيها الناس، فيقول الناس بعضهم لبعض: هل سمعتم؟ فيقولون: نعم، ثم ينادي الثالثة: يا أيها الناس، أتى أمر الله فلا تستعجلوه. قال رسول الله - ﷺ -: فوالذي نفسي بيده، إن الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه أبدا، وإن الرجل ليمدن حوضه فما يسقي فيه شيئا أبدا، وإن الرجل ليحلب ناقته فما يشربه أبدا - قال - ويشتغل الناس.

ثم إنه تعالى نزه نفسه عن شركهم به غيره، وعبادتهم معه ما سواه من الأوثان والأنداد، تعالى وتقدس علوا كبيرا، وهؤلاء هم المكذبون بالساعة، فقال: ( سبحانه وتعالى عما يشركون ).

Report Page