[2:53] - البقرة - الطبري
ابن جرير الطبري﴿وَإِذ آتَينا موسَى الكِتابَ وَالفُرقانَ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾ [ البقرة - 2:53 ]
القول في تأويل قوله تعالى وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53)
قال أبو جعفر: يعني بقوله: (وإذ ءاتينا موسى الكتاب): واذكروا أيضا إذ آتينا موسى الكتاب والفرقان. ويعني ب " الكتاب ": التوراة، وب " الفرقان ": الفصل بين الحق والباطل، كما:-
928 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال حدثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، في قوله: (وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان)، قال: فرق به بين الحق والباطل.
929 - حدثني محمد بن عمرو الباهلي قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان)، قال: الكتاب: هو الفرقان، فرقان بين الحق والباطل (113).
930 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
931 - وحدثني القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: (وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان)، قال: الكتاب هو الفرقان، فرق بين الحق والباطل.
932 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال، وقال ابن عباس: " الفرقان ": جماع اسم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان.
وقال ابن زيد في ذلك بما: -
933 - حدثني به يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب. قال: &; 2-71 &; سألته -يعني ابن زيد- عن قول الله عز وجل: (وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان) فقال: أما " الفرقان " الذي قال الله جل وعز: يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ [الأنفال: 41]، فذلك يوم بدر، يوم فرق الله بين الحق والباطل، والقضاء الذي فرق به بين الحق والباطل. قال: فكذلك أعطى الله موسى الفرقان، فرق الله بينهم، وسلمه وأنجاه، فرق بينهم بالنصر. فكما جعل الله ذلك بين محمد ﷺ والمشركين، فكذلك جعله بين موسى وفرعون (114).
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذين التأويلين بتأويل الآية، (115) ما روي عن ابن عباس وأبي العالية ومجاهد: من أن الفرقان الذي ذكر الله أنه آتاه موسى في هذا الموضع، هو الكتاب الذي فرق به بين الحق والباطل، وهو نعت للتوراة وصفة لها. فيكون تأويل الآية حينئذ: وإذ آتينا موسى التوراة التي كتبناها له في الألواح وفرقنا بها بين الحق والباطل.
فيكون " الكتاب " نعتا للتوراة أقيم مقامها، استغناء به عن ذكر التوراة، ثم عطف عليه ب " الفرقان "، إذ كان من نعتها.
* * *
وقد بينا معنى " الكتاب " فيما مضى من كتابنا هذا، وأنه بمعنى المكتوب. (116)
* * *
وإنما قلنا هذا التأويل أولى بالآية، وإن كان محتملا غيره من التأويل، لأن الذي قبله من ذكر " الكتاب "، وأن معنى " الفرقان " الفصل (117) - وقد دللنا على ذلك فيما مضى من كتابنا هذا (118) -، فإلحاقه إذ كان كذلك، بصفة ما وليه أولى من إلحاقه بصفة ما بعد منه.
وأما تأويل قوله: (لعلكم تهتدون)، فنظير تأويل قوله: لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، ومعناه لتهتدوا (119).
وكأنه قال: واذكروا أيضا إذ آتينا موسى التوراة التي تفرق بين الحق والباطل لتهتدوا بها، وتتبعوا الحق الذي فيها، لأني جعلتها كذلك هدى لمن اهتدى بها واتبع ما فيها.
-----------
الهوامش:
(113) في المخطوطة: "هو الفرقان بين الحق والباطل"، والذي في المطبوعة أجود.
(114) في المطبوعة: "بين محمد والمشركين"، وأثبت ما في المخطوطة.
(115) في المطبوعة: "فأولى هذين التأويلين... ".
(116) انظر ما مضى 1: 97 - 99.
(117) في المطبوعة: "لأن الذي قبله ذكر الكتاب" بإسقاط"من".
(118) انظر ما مضى 1: 98 - 99.
(119) انظر ما مضى 2: 69.