[19:84] - مريم - القرطبي
القرطبي﴿فَلا تَعجَل عَلَيهِم إِنَّما نَعُدُّ لَهُم عَدًّا﴾ [ مريم - 19:84 ]
قوله تعالى فلا تعجل عليهم أي تطلب العذاب لهم. إنما نعد لهم عدا قال الكلبي: آجالهم يعني الأيام والليالي والشهور والسنين إلى انتهاء أجل العذاب. وقال الضحاك: الأنفاس. ابن عباس: أي نعد أنفاسهم في الدنيا كما نعد سنيهم. وقيل: الخطوات. وقيل: اللذات. وقيل: اللحظات. وقيل: الساعات. وقال قطرب: نعد أعمالهم عدا، وقيل: لا تعجل عليهم فإنما نؤخرهم ليزدادوا إثما. روي أن المأمون قرأ هذه السورة، فمر بهذه الآية وعنده جماعة من الفقهاء، فأشار برأسه إلى ابن السماك أن يعظه، فقال: إذا كانت الأنفاس بالعدد، ولم يكن لها مدد فما أسرع ما تنفد، وقيل: في هذا المعنى:
حياتك أنفاس تعد فكلما مضى نفس منك انتقصت به جزءا
يميتك ما يحييك في كل ليلة ويحدوك حاد ما يريد به الهزءا
ويقال: إن أنفاس ابن آدم بين اليوم والليلة أربعة وعشرون ألف نفس: اثنا عشر ألف نفس في اليوم، واثنا عشر ألفا في الليلة، والله أعلم، فهي تعد وتحصى إحصاء ولها عدد معلوم، وليس لها مدد فما أسرع ما تنفد.