[19:17] - مريم - الوسيط

[19:17] - مريم - الوسيط

الطنطاوي

﴿فَاتَّخَذَت مِن دونِهِم حِجابًا فَأَرسَلنا إِلَيها روحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَرًا سَوِيًّا﴾ [ مريم - 19:17 ]

وقوله: فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً

تأكيد لانتباذها من أهلها، واعتزالها إياهم.

أى: اذكر وقت أن اعتزلت أهلها. في مكان يلي شرق بيت المقدس، فاتخذت بينها وبينهم حجابا وساترا للتفرغ لعبادة ربها.

ثم بين- سبحانه- ما أكرمها به في حال خلوتها فقال: فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا.

أى: فأرسلنا إليها روحنا وهو جبريل- عليه السلام- فتشبه لها في صورة بشر سوى معتدل الهيئة، كامل البنية، كأحسن ما يكون الإنسان.

يقال: رجل سوى، إذا كان تام الخلقة عظيم الخلق، لا يعيبه في شأن من شئونه إفراط أو تفريط.

والإضافة في قوله رُوحَنا

للتشريف والتكريم، وسمى جبريل- عليه السلام- روحا لمشابهة الروح الحقيقية في أن كلا منهما مادة الحياة للبشر. فجبريل من حيث ما يحمل من الرسالة الإلهية تحيا به القلوب، والروح تحيا به الأجسام.

وإنما تمثل لها جبريل- عليه السلام- في صورة بشر سوى، لتستأنس بكلامه، وتتلقى منه ما يلقى إليها من كلماته، ولو بدا لها في صورته التي خلقه الله- تعالى- عليها. لنفرت منه، ولم تستطع مكالمته.

وقوله: بَشَراً سَوِيًّا

حالان من ضمير الفاعل في قوله فَتَمَثَّلَ لَها.

Report Page