[19:13] - مريم - ابن كثير
ابن كثير﴿وَحَنانًا مِن لَدُنّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا﴾ [ مريم - 19:13 ]
وقوله: ( وحنانا من لدنا ) قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( وحنانا من لدنا ) يقول: ورحمة من عندنا، وكذا قال عكرمة، وقتادة، والضحاك وزاد: لا يقدر عليها غيرنا. وزاد قتادة: رحم بها زكريا.
وقال مجاهد: ( وحنانا من لدنا ) وتعطفا من ربه عليه.
وقال عكرمة: ( وحنانا من لدنا ) قال: محبة عليه. وقال ابن زيد: أما الحنان فالمحبة. وقال عطاء بن أبي رباح: ( وحنانا من لدنا )، قال: تعظيما من لدنا.
وقال ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار، أنه سمع عكرمة عن ابن عباس قال: لا والله ما أدري ما حنانا.
وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن منصور: سألت سعيد بن جبير عن قوله: ( وحنانا من لدنا )، فقال: سألت عنها عباسا، فلم يحر فيها شيئا.
والظاهر من هذا السياق أن: ( وحنانا من لدنا ) معطوف على قوله: ( وآتيناه الحكم صبيا ) أي: وآتيناه الحكم وحنانا، ( وزكاة ) أي: وجعلناه ذا حنان وزكاة، فالحنان هو المحبة في شفقة وميل كما تقول العرب: حنت الناقة على ولدها، وحنت المرأة على زوجها. ومنه سميت المرأة " حنة " من الحنة، وحن الرجل إلى وطنه، ومنه التعطف والرحمة، كما قال الشاعر:
تحنن علي هداك المليك فإن لكل مقام مقالا
وفي المسند للإمام أحمد، عن أنس، رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: " يبقى رجل في النار ينادي ألف سنة: يا حنان يا منان "
وقد يثني ومنهم من يجعل ما ورد من ذلك لغة بذاتها، كما قال طرفة:
أنا منذر أفنيت فاستبق بعضنا حنانيك بعض الشر أهون من بعض
وقوله: ( وزكاة ) معطوف على ) وحنانا ) فالزكاة الطهارة من الدنس والآثام والذنوب.
وقال قتادة: الزكاة العمل الصالح.
وقال الضحاك وابن جريج: العمل الصالح الزكي.
وقال العوفي عن ابن عباس: ( وزكاة ) قال: بركة ( وكان تقيا ) طهر، فلم يعمل بذنب.