[17:92] - الإسراء - التنوير
ابن عاشور﴿أَو تُسقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمتَ عَلَينا كِسَفًا أَو تَأتِيَ بِاللَّهِ وَالمَلائِكَةِ قَبيلًا﴾ [ الإسراء - 17:92 ]
وقولهم: { أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً } انتقال من تحديه بخوارق فيها منافع لهم إلى تحديه بخوارق فيها مضرتهم، يريدون بذلك التوسيع عليه، أي فليأتهم بآية على ذلك ولو في مضرتهم. وهذا حكاية لقولهم كما قالوا. ولعلهم أرادوا به الإغراق في التعجيب من ذلك فجمعوا بين جعل الإسقاط لنفس السماء. وعززوا تعجيبهم بالجملة المعترضة وهي { كما زعمت } إنباء بأن ذلك لا يصدق به أحد. وعنوا به قوله تعالى: { إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفاً من السماء } [ سبأ: 9 ] وبقوله: { وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم }
[ الطور: 44 ]، إذ هو تهديد لهم بأشراط الساعة وإشرافهم على الحساب. وجعلوا ( من ) في قوله تعالى: { كسفاً من السماء } [ الطور: 44 ] تبعيضية، أي قطعة من الأجرام السماوية، فلذلك أبوا تعدية فعل تسقط } إلى ذات السماء. واعلم أن هذا يقتضي أن تكون هاتان الآيتان أو إحداها نزلت قبل سورة الإسراء وليس ذلك بمستبعد.
و «الكسف» بكسر الكاف وفتح السين جمع كسْفة، وهي القطعة من الشيء مثل سِدرة وسدر. وكذلك قرأه نافع، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم، وأبو جعفر. وقرأه الباقون بسكون السين بمعنى المفعول، أي المكسوف بمعنى المقطوع.
والزعم: القول المستبعد أو المحال.
والقبيل: الجماعة من جنس واحد. وهو منصوب على الحال من الملائكة، أي هم قبيل خاص غير معروف، كأنهم قالوا: أو تأتي بفريق من جنس الملائكة.