[16:9] - النحل - القرطبي

[16:9] - النحل - القرطبي

القرطبي

﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصدُ السَّبيلِ وَمِنها جائِرٌ وَلَو شاءَ لَهَداكُم أَجمَعينَ﴾ [ النحل - 16:9 ]

قوله تعالى: وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين قوله تعالى: وعلى الله قصد السبيل أي على الله بيان قصد السبيل، فحذف المضاف وهو البيان. والسبيل: الإسلام، أي على الله بيانه بالرسل والحجج والبراهين. وقصد السبيل: استعانة الطريق؛ يقال: طريق قاصد أي يؤدي إلى المطلوب.

ومنها جائر أي ومن السبيل جائر؛ أي عادل عن الحق فلا يهتدى به؛ ومنه قول امرئ القيس:

ومن الطريقة جائر وهدى قصد السبيل ومنه ذو دخل

وقال طرفة:

عدولية أو من سفين ابن يامن يجور بها الملاح طورا ويهتدي

العدولية سفينة منسوبة إلى عدولى قرية بالبحرين. والعدولي: الملاح؛ قاله في الصحاح. وفي التنزيل وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل. وقد تقدم وقيل: المعنى ومنهم جائر عن سبيل الحق، أي عادل عنه فلا يهتدي إليه. وفيهم قولان: أحدهما: أنهم أهل الأهواء المختلفة؛ قاله ابن عباس. الثاني: ملل الكفر من اليهودية والمجوسية والنصرانية. وفي مصحف عبد الله " ومنكم جائر " وكذا قرأ علي " ومنكم " بالكاف. وقيل: المعنى وعنها جائر؛ أي عن السبيل. ف " من " بمعنى عن. وقال ابن عباس: أي من أراد الله أن يهديه سهل له طريق الإيمان، ومن أراد أن يضله ثقل عليه الإيمان وفروعه. وقيل: معنى قصد السبيل مسيركم ورجوعكم. والسبيل واحدة بمعنى الجمع، ولذلك أنث الكناية فقال: ومنها والسبيل مؤنثة في لغةأهل الحجاز.

قوله تعالى: ولو شاء لهداكم أجمعين بين أن المشيئة لله - تعالى -، وهو يصحح ما ذهب إليه ابن عباس في تأويل الآية، ويرد على القدرية ومن وافقها كما تقدم.

Report Page