[15:98] - الحجر - الوسيط

[15:98] - الحجر - الوسيط

الطنطاوي

﴿فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَكُن مِنَ السّاجِدينَ﴾ [ الحجر - 15:98 ]

والفاء في قوله فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ... واقعة في جواب شرط.

والتسبيح لله- تعالى- معناه: تنزيهه- عز وجل- عن كل ما لا يليق به.

والتحميد له- تعالى- معناه: الثناء عليه بما هو أهله من صفات الكمال والجلال.

أى: إن ضاق صدرك- أيها الرسول الكريم- بسبب أقوال المشركين القبيحة، فافزع إلينا بالتسبيح والتحميد، بأن تكثر من قول سبحان الله، والحمد لله.

قال بعض العلماء: فهذه الجملة الكريمة قد اشتملت على الثناء على الله بكل كمال لأن الكمال يكون بأمرين:

أحدهما: التخلي عن الرذائل، والتنزه عما لا يليق، هذا معنى التسبيح.

والثاني: التحلي بالفضائل، والاتصاف بصفات الكمال، وهذا معنى الحمد.

فتم الثناء بكل كمال. ولأجل هذا المعنى ثبت في الصحيح عنه ﷺ أنه قال:

«كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم... ».

والمراد بالسجود في قوله- تعالى- وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ الصلاة. وعبر عنها بذلك من باب التعبير بالجزء عن الكل، لأهمّيّة هذا الجزء وفضله، ففي صحيح مسلم عن أبى هريرة- رضى الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء».

ويؤخذ من هذه الآية الكريمة، أن ترتيب الأمر بالتسبيح والتحميد والصلاة على ضيق الصدر دليل على أن هذه العبادات، بسببها يزول المكروه بإذنه- تعالى-، وتنقشع الهموم... ولذا كان ﷺ إذا حزبه أمر لجأ إلى الصلاة.

وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث نعيم بن عمار- رضى الله عنه- أنه سمع النبي ﷺ يقول: قال الله- تعالى-: «يا ابن آدم لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار، أكفك آخره».

فينبغي للمسلم إذا أصابه مكروه أن يفزع إلى الله- تعالى- بأنواع الطاعات من صلاة وتسبيح وتحميد وغير ذلك من ألوان العبادات.

Report Page