[15:98] - الحجر - التنوير
ابن عاشور﴿فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَكُن مِنَ السّاجِدينَ﴾ [ الحجر - 15:98 ]
وفرع على جملة { ولقد نعلم } أمره بتسبيح الله تعالى وتنزيهه عمّا يقولونه من نسبة الشريك، أي عليك بتنزيه ربّك فلا يضرّك شركهم. على أن التسبيح قد يستعمل في معناه الكنائي مع معناه الأصلي فيفيد الإنكار على المشركين فيما يقولون، أي فاقتصر في دفعهم على إنكار كلامهم. وهذا مثل قوله تعالى: { قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً } [ سورة الإسراء: 93 ].
والباء في بحمد ربك } للمصاحبة. والتقدير: فسبح ربّك بحمده؛ فحُذف من الأول لدلالة الثاني. وتسبيح الله تنزيهه بقول: سُبحان الله.
والأمر في { وكن من الساجدين واعبد ربك } مستعملان في طلب الدّوام.
و { من الساجدين } أبلغ في الاتّصاف بالسجود من ( ساجداً ) كما تقدم في قوله تعالى: { وكونوا مع الصادقين } في سورة براءة ( 119 )، وقوله { قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين } في سورة البقرة ( 67 ) ونظائرهما.
والساجدون: هم المصلّون. فالمعنى: ودم على الصلاة أنتَ ومن معكَ.
وليس هذا موضع سجدة من سجود التلاوة عند أحد من فقهاء المسلمين. وفي { تفسير القرطبي } عن أبي بكر النقاش أن أبا حُذيفة ( لعلّه يعني به أبا حذيفة اليمان بن المغيرة البصري من أصحاب عكرمة وكان منكر الحديث ) واليمان بن رئاب ( كذا ) رأياها سجدةَ تلاوة واجبة.
قال ابن العربي: شاهدت الإمام بمحراب زكرياء من البيت المقدس سجد في هذا الموضع حين قراءته في تراويح رمضان وسجدتُ معه فيها. وسجود الإمام عجيب وسجود أبي بكر بن العربي معه أعجب للإجماع؛ على أنه لا سجدة هنا، فالسجود فيها يعدّ زيادة وهي بدعة لا محالة.