[15:91] - الحجر - القرطبي

[15:91] - الحجر - القرطبي

القرطبي

﴿الَّذينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضينَ﴾ [ الحجر - 15:91 ]

قوله تعالى: الذين جعلوا القرآن عضين هذه صفة المقتسمين. وقيل: هو مبتدأ وخبره لنسألنهم. وواحد العضين عضة، من عضيت الشيء تعضية أي فرقته؛ وكل فرقة عضة. وقال بعضهم: كانت في الأصل عضوة فنقصت الواو، ولذلك جمعت عضين؛ كما قالوا: عزين في جمع عزة، والأصل عزوة. وكذلك ثبة وثبين. ويرجع المعنى إلى ما ذكرناه في المقتسمين. قال ابن عباس: ( آمنوا ببعض وكفروا ببعض ). وقيل: فرقوا أقاويلهم فيه فجعلوه كذبا وسحرا وكهانة وشعرا. عضوته أي فرقته. قال الشاعر - هو رؤبة -:

وليس دين الله بالمعضى

أي بالمفرق. ويقال: نقصانه الهاء وأصله عضهة؛ لأن العضه والعضين في لغة قريش السحر. وهم يقولون للساحر: عاضه وللساحرة عاضهة. قال الشاعر:

أعوذ بربي من النافثا ت في عقد العاضه المعضه

وفي الحديث: لعن رسول الله - ﷺ - العاضهة والمستعضهة، وفسر: الساحرة والمستسحرة.

والمعنى: أكثروا البهت على القرآن ونوعوا الكذب فيه، فقالوا: سحر وأساطير الأولين، وأنه مفترى، إلى غير ذلك. ونظير عضة في النقصان شفة، والأصل شفهة. كما قالوا: سنة، والأصل سنهة، فنقصوا الهاء الأصلية وأثبتت هاء العلامة وهي للتأنيث. وقيل: هو من العضه وهي النميمة. والعضيهة البهتان، وهو أن يعضه الإنسان ويقول، فيه ما ليس فيه. يقال عضهه عضها رماه بالبهتان. وقد أعضهت أي جئت بالبهتان. قال الكسائي: العضة الكذب والبهتان، وجمعها عضون؛ مثل عزة وعزون؛ قال - تعالى -: الذين جعلوا القرآن عضين. ويقال: عضوه أي آمنوا بما أحبوا منه وكفروا بالباقي، فأحبط كفرهم إيمانهم. وكان الفراء يذهب إلى أنه مأخوذ من العضاة، وهي شجر الوادي ويخرج كالشوك.

Report Page