الباطنية

الباطنية

سُني

[[ إن هذا ما يميز الإخوان الآن عن باقى الأحزاب الموجودة في الساحة، فهى لا تعدوا أن تكون جريدة ومجموعة أفراد يلتفون حولها، أما الإخوان فهم قاعدة منظمة تنظيماً جيداً ولديهم وسائل الاتصال على أحدث ما في السوق، وهم يهتمون جداً باستعمال الكمبيوتر لتيسير الاتصال بينهم. لقد درس الإخوان جميع التنظيمات العالمية حين حاولوا بناء النظام الخاص، وقد تأثروا جداً بالفكر الباطنى فى التاريخ الإسلامي، حيث كانت التنظيمات العباسية والعلوية والشيعة وما صاحبها من فرق سرية مصدراً أساسياً تم الرجوع إليه ودراسته والاستنارة بالأفكار الحركية في كل تنظيم على حده. وفيها أيضاً كانت هناك وقفة شديدة أمام فرقة الحشاشين أتباع حسن الصباح ، وكان الانبهار من وصولهم إلى حد الإعجاز في تنفيذ آليات السمع والطاعة، وكيف كان الأفراد يسمعون ويطيعون حتى لو طلب منهم قتل أنفسهم، أما الحركات العالمية الأخرى سواء كانت حركات إجرامية أو حركة سياسية مثل المافيا العالمية والتنظيمات الفرنسية، وأخيراً التنظيمات الصهيونية العالمية بما لها من قوة وانضباط و اتصالات بجميع السياسية ومعرفة إخضاع الخصوم والسيطرة عليهم أو تصفيتهم القوى ]]

[[ حدثنا التاريخ عن أن التنظيمات والحركات الباطنية الفكر والاعتقاد مثل جماعة الإخوان المسلمين بكثرة الشللية، وكثرة الدسائس والمؤتمرات بغية السيطرة والقفز على مراكز القيادة، وإحكام السيطرة على الأفراد وهم إلى جانب تكتيكات الشلل والمؤامرات، فهم يستعملون شعارين في غاية الأهمية بغية السيطرة هما

1) السمع والطاعة

وقد تعرض هذا الطرح لكثير من النقد والهجوم على الجماعة وعلى قادتها عبر تاريخ طويل. لذلك فقد انتهز القيادى البارز فى الجماعة، الصاعد كالصاروخ الدكتور محمد السيد حبيب النائب الأول للمرشد العام فرصة إحدى الندوات التي أقيمت مؤخراً بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان تحت عنوان "هل الإخوان رصيد للإصلاحيين أم خصم متهم ؟ " للرد على الكثير من تساؤلات الإخوان الحاضرين فى تلك الندوة، ولكنه لم يستطع الرد على التساؤلات من خلال الندوة، فأكمل الحديث في إحدى صحف المعارضة وكان موضوع الرد هو " السمع والطاعة " . وحاول تثبيت المعنى في نفوس الإخوان وتعميقه خشية أن يتأثر تحت معاول الهجوم المتصل من الآخرين على هذا المعنى حيث قال :

« من بين الأسئلة التى أثبتت مسألة السمع والطاعة في الجماعة والتى لا تعنى عند البعض - ممن لا يعرفون الإخوان - سوى ' جندية عمياء وقيادة متجبرة فالمرء الذي لا يتناسب مع الظروف الحالية التي نعيشها والتطوروالتقدم الذي ننشده، فضلاً عن أن ذلك يورث أفراد الجماعة فقدان الشخصية وعدم القدرة على الابتكار والإبداع والقدرة و إهدار الفرصة في إفراز عناصر متميزة يمكن أن تفيد الجميع فى الفكر والحركات والاستشراف نحو المستقبل ' والحقيقة أن السمع والطاعة في الجماعة أمر ضرورى ومهم لتحقيق أهدافها وبلوغ غاياتها »

2) "دعنا نتعاون فيما نتفق عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه" .. كان هذا الشعار هو مفتاح السيطرة في أخذ مزايا ما اتفق عليه ثم يحاصرون الخصم ويدفعونه إلى الحائط ويجبرونه على التسليم فيما اختلف فيه، هذا هو الأسلوب وتلك هى الوسائل ]]

[[ وأنا في انتظار نتيجة الأوضاع سواء داخل الجماعة، أم في صراعهم مع النظام، فلقد هدد نائب المرشد الحالى والمرشد المتوقع بتنظيم مظاهر كبرى تتكون من عشرات الآلاف وهو فى طريق التصعيد وزيادة الضغط المستمر على الحكومة حتى يصل إلى تحقيق ما يريد وهو بذلك يجر الآلاف المؤلفة من شباب الإخوان باسم السمع والطاعة لي حيث يريد، فيا ليتهم يعلمون فكرهم وعقولهم ويضيفون إلى مبدأ السمع والطاعة كلمة أخرى وهى أن تصبح السمع والطاعة المبصرة بدلاً من أن تكون عمياء. ]]

[[ طبعاً الحديث في مناقشة أى قول للأستاذ البنا غير مسموح بـ الجماعة، فهو كما يقولون "تابو" لا يمكن الاقتراب منه أو مناقشته .. بخصوص مكانة الأستاذ البنا، وتوجيهاته بين الإخوان فهم ينزلونه منزلة تقترب من منزلة الأنبياء حتى إنه حين دب الخلاف بين الإخوان وهم فى السجون وكانت خطة الأستاذ سيد قطب وأفكاره قد بدأت تنتشر بشدة بين الإخوان فى السجون، ولما انقسم الإخوان على قسمين طالب المعترضون أن يتم الاحتكام إلى أقوال الشيخ حسن البنا لحسم الخلاف، ولم يقل أحدهم لنحتكم إلى كتاب الله وسنة رسوله، بل كان الاحتكام إلى أحاديث البنا المرشد العام ومؤسس الجماعة التى كما قلت أسست على بناء جيش وليس أفراداً مدنيين وكانت التوجيهات كلها تتسم بالطابع العسكري الهجومي، وإن كان هناك خطابان، خطاب للخاصة من الإخوان وخطاب للعامة وشتان بين الخطابين واعتادت الجماعة موقفاً يتسق مع الناس والجماهير، وتعليمات أخرى وفكراً آخر داخل الجماعة، فيا ترى كيف يتناسق هذا المنشأ ادعاء أنهم يريدون حزباً سياسياً مدنياً يلتزم بالقانون الوضعى ويحترم مبدأه، فهل يا ترى سيعلنون تبرؤهم من أقوال وتعليمات حسن البنا التي ذكرت فيها عينة فقط، فإن الباقى أشد من ذلك، وإن فعلوا فليتخذوا لأنفسهم أسماء أخرى وتاريخاً آخر وليخلعوا عنهم كل الماضى ويعلنون للناس برامج جديدة تتفق مع التوجه الجديد ]]

[[ إن جميع تصريحات القادة الحاليين تتخذ موقفاً متشدداً باستمرار، يتصاعد، ولست أدرى إلى أين هم ذاهبون وماذا سيفعلون بأنفسهم وبالأفراد البسطاء الذين هم وقود تلك المظاهرات، فلقد صرح الأستاذ محمد هلال رئيس الإخوان فى الدقهلية وعضو مكتب الاسترشاد أنهم يقومون بالتصعيد حتى يسمح لهم بتأسيس حزب يتحركون من خلاله فى الحياة السياسية ويعطيهم الفرصة مع باقى قوى الشعب. ]]

[[ استمر الحال هكذا بضعة أشهر، إلى أن أحسسنا تغيراً كبيراً في أحاديث قادة الإخوان عن رجال الثورة، وكيف أنهم - أى رجال الثورة - بدأوا يخرجون على السمع والطاعة وأنهم حنثوا بوعدهم وخانوا بيعتهم. وسط هذا الحماس الجارف بشئون مصر ومصيرها، تمت مفاتحتی بأمر "النظام الخاص" وكيف أننى كنت تحت المراقبة طوال الفترة السابقة من قبل الأخ محيى وأن مجموعتنا الثلاثية المكونة منى ومن مختار مراد وأسامة علام سوف تبدأ اجتماعات تمهيدية مع الأخر محيى لدخول النظام الخاص، وأننا سنكون تابعين لتنظيم القاهرة، ولن تكون لنا صلة في هذا الأمر مع الجماعة بميت غمر ولا ينبغي أن يعلموا به. وبدأ الحديث عن تاريخ النظام وتاريخ بدء تكوين جماعة الإخوان المسلمين وكيف بدأت فى الإسماعيلية عام 1928 ، وقام بها الأستاذ "البنا" متأثراً بوجود القوات الإنجليزية فى منطقة القنال ، وأن تاريخ بدء النظام الخاص كان في الوقت نفسه تقريباً، وكان الأستاذ "البنا" يعتبر أفراد النظــــام التعداد الحقيقى للإخوان المسلمين .. أما باقى الأفراد فهـم ـ بــدرجات متفاوتة - حقل لاختيار أفراد النظام الذين يحظون باهتمامه الكامل، وأولويته المطلقة في الإعداد والتربية والمتابعة. وكان يريد الوصول بهم إلى عدد معين وهو الرقم الذي لا يقهر من قلة. هو "أثنا عشر ألفا" وقد تولى قيادة النظام وأشرف عليه منذ بدايته الشيخ صالح عشماوى وبدأ مع الأستاذ البنا فى اختيار الإخوان الأوائل من هذا النظام والإشراف على تربيتهم روحياً - وكأنهم فى طريقة صوفية ـ وعسكرياً وكأنهم جنود في جيش. كان للنظام الخاص قيادة من أربعة أفراد تساعدهم هيئة تأسيسية مكونة من أحد عشر فرداً. أما التنظيم العام للجماعة فهو الإرشاد، والهيئة التأسيسية وقيادات المكاتب الإدارية والمناطق. كل هؤلاء كان يتم اختيارهم على أساس الوضع الاجتماعي المؤثر، دون النظر إلى قناعتهم الكاملة بأهداف الجماعة، وكان يتم تشبيه جمهور الإخوان الموجود بالشعب بالمرضى داخل المستشفى فمنهم المريض جداً، ومنهم مــن هــو فـي دور النقاهة، ومنهم الذى بدأ يشفى وتعود إليه صحته. ]]

[[ كانت البيعة تتم في منزل معين، وكان آخذ البيعة يجلس خلف ستار، وفى جو قريب إلى الظلام، ثم يبدأ بالحديث عن الجماعة وأهدافها وتاريخها، ثم يتم إحضار مسدس ومصحف وتتلاقى الأيدي على المسدس والمصحف ويتم القسم وهى بيعة الله على السمع والطاعة للجماعة وقادتها، ثم بعد ذلك يتم التدريب على حل أجزاء المسدس وتركيبه وصيانته وكيفية استعماله. وبعد عودة الجماعة من الحل عام 1948 حدث بعض التعديل، فقد أصبحت البيعة تتم في بعض المنازل الأخرى - وليس في منزل معين وينتقل المسئول ليقابل المجموعة دون أن تحدث أى من المؤثرات السابقة من ملاءة ساترة أو أضواء خافتة، وقد قام بأخذ البيعة منى وباقى مجموعتي مختار مراد وأسامة علام - محمود زينهم فى غرفة سطح أحد المنازل بشارع عباس بالجيزة وقتها لم نكن نعرف من هو محمود زينهم فقد أحضرنا إلى هذا المكان وظللنا منتظرين حوالى 12 ساعة حتى حضر هو والإجهاد بان عليه وكان شديد التفرس فينا وهو يتحدث إلينا بعد البيعة كانت لقاءاتنا في التدريب ودراسة كتب النظام الخاص تتم بمعرفة الأخ محيى هلال حيث تم تدريبنا على أكثر من نوع من المسدسات والقنابل اليدوية والحارقة، وأنواع المفرقعات وكيفية التعامل معها، ودراسة بعض الكتب العسكرية التى ألفها الإخوان للنظام، وكتيب صغير عن أعمال المراقبة و التعقب وكلها كانت تدرس لأعضاء مخابرات الإخوان. إذن فلأذهب إلى ميت غمر، فقد أجد هناك بعض الراحة، خاصة وأن هناك أخوة أحبهم وارتاح لحديثهم ، وصارحت الأخوين "مختار وأسامة" بالأمر، وذهبنا إلى شعبة ميت غمر والتقينا بباقى الأخوة هناك، وكانوا لا يعرفون شيئاً عن انتظامنا فى أجهزة القاهرة وطلبوا منا الانتظام في تدريباتهم والاشتراك معهم في الإعداد للمعركة. ولم نستطع كشف علاقاتنا، ولم يكن أمامنا إلا موافقتهم ]]

[[ القارئ المتأمل لكتاب صلاح شادى يلحظ أن الأستاذ صلاح منذ أن ألتحق بالجماعة وهو يتمتع بطموح شديد للسيطرة عليها. وأول مظاهر ذلك أنه كان يمتدح الأستاذ البنا دائماً بشكل أكثر مــــن الذي اعتاده الإخوان. فكان يعامله معاملة الأنبياء !! فحين حكمه الأستاذ البنا في الخلاف الذى شأ بينه وبين الأستاذ أحمد السكرى ـ حسبما روى في كتابه – فقد قال للأستاذ السكرى: "هل ارتضيت حسن البنا مرشداً لـــك فــــي أمور الآخرة، قال نعم : فقال له، فماذا يمنعك أن نرتضيه مرشداً ـ كذلك في شئون الدنيا "   📚صفحات من التاريخ ص 21 .

وكان هذا ـ في الواقع - منحى خطيراً إذ أنه يسلب الأفراد شخصياتهم واستقلالهم فى الرأى وتميزهم عن غيرهم، ويطبع الجماعة كلها بقالب واحد وكأنهم دمى تتحرك كما يشاء ،المعلم، وليس هذا من منهج الإسلام الذي ترك حرية الفكر والإبداع في الإطار العام الذي حدده... هكذا كانت الروح الإسلامية، وهذا هو المنهج الذي حاد عنه بعض الإخوة حيث كان السمع والطاعة المطلقة للقائد أو المرشد. ]]

[[ وإضافة لذلك كان الأستاذ سيد قطب يرى أن للحركة الإسلامية قواعد وأحكاماً فقهية مختلفة كثيراً - وفى كثير من الحالات - عما هو عما هو مقرر في الفقه الإسلامي العادي، وسمعنا منه لأول مرة تعبير "فقه الحركة". وكان يقول أحكاماً قائمة على فقه الحركة مخالفة - إلى حد ما ــ الأحكام العامة. وفي كتابه الذي لم ينشر : "معالم الطريق - الجزء الثاني" كان يفرد جزءاً كاملاً "فقه الحركة" ولكنه عندما أخذ في رأيي في نشر هذا الكتاب رجوته ألا ينشره، لأنه سيثير انقسامات واختلافات كثيرة، وسيثير الدنيا علينا وسيقولون إن سيد قطب ابتدع في الإسلام بدعة، ووافق على رأيي ولم ينشر الكتاب، ولا أعرف مصيره بعد ذلك. وقد أخبرنا الأستاذ سيد قطب أن هذه الرؤية قد اتضحت له أثناء وجوده في السجن عندما اعتقل عام 1954، وحكم عليه بعشر سنوات قضاها في السجن، وكان يتأمل ما حدث، ورافقه فى هذا التأمل الأستاذ محمد يوسف حواش – الذي أعدم في أحداث 1965 - وشاركه في الرأي. وقال: أن الأستاذ محمد يوسف حواش يجب أن نعتبره الشخص الثاني بعده فإذا أصابه مكروه فلنلجأ إليه، وأنه هو - تقريباً - الفكر نفسه والرأى نفسه والمشورة نفسها. وقال الأستاذ سيد إنه حين رأى هذا الفكر وقدمه للإخوة في السجون حدثت خلافات شديدة بينه وبينهم، ومنهم بعض الشباب الذين رفضوا التعاون معه فى هذا الأمر ، ومنهم من التقى معه على هذا الفكر. وذكر بعض الأسماء التي وفقته، وبعض الأسماء التي عارضته، وكان بعض الإخوة قد انتظموا معه في تنظيمى سمى "تنظيم "السجون" وكان على قمته الأخ "محمد الطوخى" بعد الأستاذ محمد يوسف حواش. ولكن لما اختلف معه من اختلف لم يقولوا : { دعنا نحتكم إلى كتاب الله وسنة رسوله } .. ولكنهم قالوا : { نحتكم إلى رسائل الأستاذ البنا }.وفي هذه الصفحة نرى أن جزءاً منهم رفض حتى أن يسمع إلا من قيادة الإخوان. وهذه نقطة مهمة جداً داخل جماعة الإخوان، فهم يرون دائماً أن الفكر - حتى الفكر - لا ينبغي أن يقتربوا منه إلا بإذن الجماعة. والقول بعصمة الأئمة غير معروف بين جمهور المسلمين من أهل السنة فمذهبهم أن القائد أو الحاكم يجئ من أية طبقة وأنه ـ في موضعه العالى من تصريف الأمور - يجوز عليه أن يخطئ وأن يصيب، وأن نصحه ـ إذا أخطأ كمؤازرته إذا أصاب واجب على الأئمة. وهذه إحدى النقاط المهمة التى ينبغى الوقوف عندها جيداً، لأنها تعتبر وصاية على الفكر أو حجراً على الفكر أو محاصرة لفكرة الشخص ألا يتلقى ولا يسمع ولا يقرأ إلا من خلالهم، وبهذا تكون الشخصية موضوعة في قالب محدد، وينبغى أن يخرج الإخوان من هذه النظرة، وأن يدرسوا، وأن يناقشوا، وأن يكون لكل فكره الواضح الناضج الذى يشكل شخصيته هو، وأن الإسلام إذا كان قد تميز بشئ فقد تميزبأنه ترك للإنسان أن يجتهد وأن يدرس وأن يفكر ما شاء له الفكر ما دام في حدود الإطار الشرعي العام للإسلام]]

[[ في هذا اليوم صممت على أن أنسحب من الأمر كله، ولا أستطيع أن أصف ما اعتمل في نفسي هذا اليوم، ولا أن أصف مشاعري في هذه اللحظات بعد استعراض لكل العمر الذى ضيعته مع الجماعة، والذى رأيته ينكسر في لحظة واحدة بعد إحساسي بأن أحد القادة والمفكرين والزعماء يمكن أن يرجع في قولته بهذه السهولة، وكيف كنا نلقى بأنفسنا، وأقدارنا، وكل شئ في حياتنا بين يدى أي فرد، وتساءلت بينى وبـيـن نفـسـي: لمــــاذا أعطى نفسى لأى فرد وأوقف عقلى وأوقف إرادتي، وأسلبها عن طواعية، وأعطى قيادى لشخص آخر دون سبب مفهوم، وتكون النهاية مثل ذلك وأشد. كانت هذه هي حال الجميع في قيادات الإخوان ولا أقول إنه سيد قطب فقط، وكما ذكرت من قبل فقد كان بعض قادة الإخوان إذا أردنا أن نفعل ما هو مطلوب منا لا نفعله إلا حسب تقديراتهم، وإذا فعلنا غير ذلك فإنهم يصلون لحد الشطط الكامل فى إبلاغ البوليس عنا، فأى قيادات تلك، وأى خطأ قد فعلته بنفسى كى أصل إلى هذا الحد ؟! ... فقد كان هو الإحساس بالصحوة وقد بدأ داخلى وتأكدت أن ما نحن فيه خطأ، وعبث ولم يكن مفروضاً أن نتورط فيه، وأن هذه القيادات - جميعها - تعمل وتسوس القطيع، وأقول القطيع لأن من يسلم أرادته لشخص آخر ، فقــ أعطى من نفسه الكثير ، وقد سلب إرادته وأصبح مثل القطيع.]]

[[ ولكنه أي محمد الغزالي – كما قال ـ كان الكلمة يسمع ولا تغادر أذنه ثم تسقط على الأرض. وقد ناقش هذه الأمور فى كتابه القيم من معالم الحق ومن أهم ما ناقشه أنه تعرض لمسألة الجماعة والبيعة والسمع والطاعة وبين أن جماعة الإخوان ليست هي جماعة المسلمين، ولكنها جماعة من المسلمين، وهناك فارق كبير بين هذه وتلك، كما بين أن البيعة للقائد لا تعطيه الحق في السمع والطاعة دون إعمال الفكر ومناقشة الأمور، وعدم السمع ولا الطاعة إذا تعرض الأمر إلى مسألة غير شرعية أو إلى عدوان على نفس أو عرض أو مال الآخرين. إنه لغلو كبير، وخطأ فادح هذا الذى حدث ويحدث، وينبغي الوقوف أمامه و دراسته دراسة تحليلية شاملة، لأن ما يجرى يمس آلافاً مؤلفة من الشباب المسلم الذين يسيرون فى بيعة لقادة لا أستطيع أن أقول إنهم على مستوى الصحابة - وإن كان لابد أن يكونوا كذلك ما داموا قد تصدوا للعمل الإسلامي - ولكنهم تشغلهم الأمور الدنيوية كثيراً وتأكل صراعاتهم، ولا يدرون أنهم بذلك يقتلون إخوانهم ويسيئون إلى روح الإسلام الذي يعملون له، وأولى لهم أن يقفوا مع أنفسهم وقفة، وأن يراجعوا أنفسهم لأنهم سيحاسبون أمام الله حساباً عسيراً، فالله سبحانه وتعالى يعلم السر وأخفى، ويعلم ما بداخل النفوس، وسيحاسب كل امرئ على ما كان بداخله وعلى ما فعل إن كان هذا الفعل قد أساء إليه أو إلى دعوته أو إلى إخوانه. ]]



المقال الأصلي



Report Page