الصفة بين النحو والبلاغة

الصفة بين النحو والبلاغة

مجلة بلاغ- العدد الثاني عشر- شوال ١٤٤١


الأستاذ: ربيع الأحمد


 الصفة والموصوف لفظان مترابطان متلازمان في اللغة العربية، ولكن سياقهم في النحو يختلف عن سياقهم في البلاغة..

فرغم أن الكلام لا يستقيم إلا بربط النحو بالبلاغة والنطق بالمعنى، إلا أن النحو يهتم أساسا بضبط إعراب الكلام أما البلاغة فتهتم أساسا بمعانيه، ويحتاج كل منهما للآخر في أداء وظيفته..

الصفة في النحو إحدى أنواع التوابع في اللغة العربية، والتوابع أسماء تتبع ما قبلها في الإعراب؛ أي إنها تشابه الكلمة التي قبلها في الرفع أو النصب أو الجر، أما بقية التوابع في اللغة العربية فهي: العطف، والبدل، والتوكيد..

والصفة عند النحويين هي اسم يتبع ما قبله يُذكر في الجملة ليبين صفة ما قبله، ويحددها، ولا بد أن يكون تابعًا للاسم الذي قبله في الإعراب، والاسم الذي يسبق الصفة يسمى موصوفًا، والبعض يطلق عليها اسم النعت والاسم الذي قبلها منعوتًا.

وللصفة عند النحويين أقسام منها ما يتعلق بعلاقتها بالموصوف ومنها ما يتعلق بأصل الصفة من ناحية الاشتقاق؛ فأقسامها من حيث علاقتها بالموصوف الذي قبلها قسمان: 

1- الصفة أو النعت الحقيقي: وهو تابع يبين صفة الموصوف، ويعود على الموصوف مباشرة، ولذلك سُمي بالصفة أو النعت الحقيقي، والنعت الحقيقي لا بد أن يكون مطابقًا لمنعوته في علامة الإعراب، والتذكير أو التأنيث، والإفراد أو التثنية أو الجمع، والتعريف أو التنكير.. ففي قوله تعالى: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) كلمة الفاسقين نعت أو صفة لكلمة القوم، وهو نعت حقيقي وذلك لأنه يصف المتبوع قبله، وهو مطابق له في علامة الإعراب، والتعريف، والجمع، والتذكير. 

2- الصفة أو النعت السببي: وهو المتمم للمتبوع قبله، ولكن لا يبين صفة المتبوع بل يبين صفة شيء يتعلق بالمتبوع، ولذلك سمي سببيًا؛ لأنه يبين صفة شيء له سبب بالمتبوع، ويوافق النعت منعوته في هذا القسم في أمرين فقط، هما علامة الإعراب، والتعريف أو التنكير، ففي قوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا) لفظة (الظالمِ) هي نعت سببي؛ وذلك لأنها من حيث اللفظ هي نعت للقرية، أما في المعنى فهي نعت لما هو سبب (متعلق) للقرية وهو كلمة أهلُها، وقد طابقت الصفة الموصوف في التعريف، وعلامة الإعراب..


* أما في علم البلاغة فالصفة والموصوف أعم وأشمل من ذلك بكثير: فالوصف هو وظيفة جل الأساليب البلاغية التي تحاول تقريب الصورة إلى الذهن بطرق جمالية؛ فهل التشبيه والتمثيل والاستعارة والكناية والتورية إلا بعض الطرق التي تعمل على تحديد الموصوف وصفاته.

وهل التخصيص والتأكيد والتعميم والتفصيل إلا بعض أساليب شرح الموصوف في اللغة.

بل وهل بعض أساليب النحو كالحال والتمييز والمبتدأ والخبر إلا صفة للمعاني.


والخلاصة: أن المعنى الاصطلاحي لكلمة في فن ليس بالضرورة أن يكون هو معناها الاصطلاحي أو العرفي ذاته في فن آخر.




هنا بقية مقالات العدد الثاني عشر من مجلة بلاغ


Report Page