[2:30] - البقرة - الطبري

[2:30] - البقرة - الطبري

ابن جرير الطبري

﴿وَإِذ قالَ رَبُّكَ لِلمَلائِكَةِ إِنّي جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَليفَةً قالوا أَتَجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها وَيَسفِكُ الدِّماءَ وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنّي أَعلَمُ ما لا تَعلَمونَ﴾ [ البقرة - 2:30 ]

وإذ قال ربك

القول في تأويل قوله تعالى: { وإذ قال ربك } قال أبو جعفر: زعم بعض المنسوبين إلى العلم بلغات العرب من أهل البصرة أن تأويل قوله: { وإذ قال ربك } وقال ربك، وأن " إذ " من الحروف الزوائد، وأن معناها الحذف. واعتل لقوله الذي وصفنا عنه في ذلك ببيت الأسود بن يعفر: فإذا وذلك لامهاه لذكره والدهر يعقب صالحا بفساد ثم قال: ومعناها: وذلك لامهاه لذكره. وببيت عبد مناف بن ربع الهذلي: حتى إذا أسلكوهم في قتائدة شلا كما تطرد الجمالة الشردا وقال: معناه: حتى أسلكوهم. قال أبو جعفر: والأمر في ذلك بخلاف ما قال؛ وذلك أن " إذ " حرف يأتي بمعنى الجزاء، ويدل على مجهول من الوقت، وغير جائز إبطال حرف كان دليلا على معنى في الكلام. إذ سواء قيل قائل هو بمعنى التطول، وهو في الكلام دليل على معنى مفهوم. وقيل آخر في جميع الكلام الذي نطق به دليلا على ما أريد به وهو بمعنى التطول. وليس لمدعي الذي وصفنا قوله في بيت الأسود بن يعفر، أن " إذا " بمعنى التطول وجه مفهوم؛ بل ذلك لو حذف من الكلام لبطل المعنى الذي أراده الأسود بن يعفر من قوله: فإذا وذلك لامهاه لذكره وذلك أنه أراد بقوله: فإذا الذي نحن فيه، وما مضى من عيشنا. وأشار بقوله ذلك إلى ما تقدم وصفه من عيشه الذي كان فيه لامهاه لذكره، يعني لا طعم له ولا فضل، لإعقاب الدهر صالح ذلك بفساد. وكذلك معنى قول عبد مناف بن ربع: حتى إذا أسلكوهم في قتائدة شلا.................. لو أسقط منه " إذا " بطل معنى الكلام؛ لأن معناه: حتى إذا أسلكوهم في قتائدة سلكوا شلا. فدل قوله: " وأسلكوهم شلا " على معنى المحذوف، فاستغني عن ذكره بدلالة " إذا " عليه، فحذف. كما قد ذكرنا فيما مضى من كتابنا على ما تفعل العرب في نظائر ذلك، وكما قال النمر بن تولب: فإن المنية من يخشها فسوف تصادفه أينما وهو يريد: أينما ذهب. وكما تقول العرب: أتيتك من قبل ومن بعد؛ تريد: من قبل ذلك ومن بعد ذلك. فكذلك ذلك في " إذا " كما يقول القائل: إذا أكرمك أخوك فأكرمه وإذا لا فلا؛ يريد: وإذا لم يكرمك فلا تكرمه. ومن ذلك قول الآخر: فإذا وذلك لا يضرك ضره في يوم أسأل نائلا أو أنكد نظير ما ذكرنا من المعنى في بيت الأسود بن يعفر. وكذلك معنى قول الله جل ثناؤه: { وإذ قال ربك للملائكة } لو أبطلت " إذ " وحذفت من الكلام، لاستحال عن معناه الذي هو به وفيه " إذ ". فإن قال قائل: فما معنى ذلك؟ وما الجالب ل " إذ "، إذ لم يكن في الكلام قبله ما يعطف به عليه؟ قيل له: قد ذكرنا فيما مضى أن الله جل ثناؤه خاطب الذين خاطبهم بقوله: { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم } بهذه الآيات والتي بعدها موبخهم مقبحا إليهم سوء فعالهم ومقامهم على ضلالهم مع النعم التي أنعمها عليهم وعلى أسلافهم، ومذكرهم بتعديد نعمه عليهم وعلى أسلافهم بأسه أن يسلكوا سبيل من هلك من أسلافهم في معصية الله، فيسلك بهم سبيلهم في عقوبته؛ ومعرفهم ما كان منه من تعطفه على التائب منهم استعتابا منه لهم. فكان مما عدد من نعمه عليهم، أنه خلق لهم ما في الأرض جميعا، وسخر لهم ما في السموات من شمسها وقمرها ونجومها وغير ذلك من منافعها التي جعلها لهم ولسائر بني آدم معهم منافع، فكان في قوله: { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون } معنى: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم، إذ خلقتكم ولم تكونوا شيئا، وخلقت لكم ما في الأرض جميعا، وسويت لكم ما في السماء. ثم عطف بقوله: { وإذ قال ربك للملائكة } على المعنى المقتضى بقوله: { كيف تكفرون بالله } إذ كان مقتضيا ما وصفت من قوله: اذكروا نعمتي إذ فعلت بكم وفعلت، واذكروا فعلي بأبيكم آدم، إذ قلت للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة. فإن قال قائل: فهل لذلك من نظير في كلام العرب نعلم به صحة ما قلت؟ قيل: نعم، أكثر من أن يحصى، من ذلك قول الشاعر: أجدك لن ترى بثعيلبات ولا بيدان ناجية ذمولا ولا متدارك والشمس طفل ببعض نواشغ الوادي حمولا فقال: ولا متدارك، ولم يتقدمه فعل بلفظ يعطف عليه، ولا حرف معرب إعرابه فيرد " متدارك " عليه في إعرابه. ولكنه لما تقدمه فعل مجحود ب " لن " يدل على المعنى المطلوب في الكلام وعلى المحذوف، استغني بدلالة ما ظهر منه عن إظهار ما حذف، وعامل الكلام في المعنى والإعراب معاملته أن لو كان ما هو محذوف منه ظاهرا. لأن قوله: أجدك لن ترى بثعيلبات بمعنى: أجدك لست براء، فرد " متداركا " على موضع " ترى " كأن " لست " والباء موجودتان في الكلام، فكذلك قوله: { وإذ قال ربك } لما سلف قبله تذكير الله المخاطبين به ما سلف قبلهم وقبل آبائهم من أياديه وآلائه، وكان قوله: { وإذ قال ربك للملائكة } مع ما بعده من النعم التي عددها عليهم ونبههم على مواقعها، رد " إذ " على موضع: { وكنتم أمواتا فأحياكم } لأن معنى ذلك: اذكروا هذه من نعمي، وهذه التي قلت فيها للملائكة. فلما كانت الأولى مقتضية " إذ " عطف ب " إذ " على موضعها في الأولى كما وصفنا من قول الشاعر في " ولا متدارك ".للملائكة

القول في تأويل قوله تعالى: { للملائكة } قال أبو جعفر: والملائكة جمع ملك، غير أن واحدهم بغير الهمز أكثر وأشهر في كلام العرب منه بالهمز، وذلك أنهم يقولون في واحدهم ملك من الملائكة، فيحذفون الهمز منه، ويحركون اللام التي كانت مسكنة لو همز الاسم. وإنما يحركونها بالفتح، لأنهم ينقلون حركة الهمزة التي فيه بسقوطها إلى الحرف الساكن قبلها، فإذا جمعوا واحدهم ردوا الجمع إلى الأصل وهمزوا، فقالوا: ملائكة. وقد تفعل العرب نحو ذلك كثيرا في كلامها، فتترك الهمز في الكلمة التي هي مهموزة فيجري كلامهم بترك همزها في حال، وبهمزها في أخرى، كقولهم: رأيت فلانا، فجرى كلامهم بهمز رأيت، ثم قالوا: نرى وترى ويرى، فجرى كلامهم في يفعل ونظائرها بترك الهمز، حتى صار الهمز معها شاذا مع كون الهمز فيها أصلا. فكذلك ذلك في ملك وملائكة، جرى كلامهم بترك الهمز من واحدهم، وبالهمز في جميعهم. وربما جاء الواحد مهموزا كما قال الشاعر: فلست لإنسي ولكن لملأك تحدر من جو السماء يصوب وقد يقال في واحدهم: مألك، فيكون ذلك مثل قولهم: جبذ وجذب، وشأمل وشمأل، وما أشبه ذلك من الحروف المقلوبة. غير أن الذي يجب إذا سمي واحدهم مألك، أن يجمع إذ جمع على ذلك: مالك، ولست أحفظ جمعهم كذلك سماعا، ولكنهم قد يجمعون ملائك وملائكة، كما يجمع أشعث: أشاعث وأشاعثة، ومسمع: مسامع ومسامعة. قال أمية بن أبي الصلت في جمعهم كذلك: وفيها من عباد الله قوم ملائك ذللوا وهم صعاب وأصل الملأك: الرسالة، كما قال عدي بن زيد العبادي أبلغ النعمان عني ملأكا أنه قد طال حبسي وانتظاري وقد ينشد " مألكا " على اللغة الأخرى، فمن قال: ملأكا، فهو مفعل من لأك إليه يلأك: إذا أرسل إليه رسالة ملأكة. ومن قال: مألكا، فهو مفعل من ألكت إليه آلك: إذا أرسلت إليه مألكة وألوكا، كما قال لبيد بن ربيعة: وغلام أرسلته أمه بألوك فبذلنا ما سأل فهذا من ألكت. ومنه قول نابغة بني ذبيان: ألكني يا عيين إليك قولا ستهديه الرواة إليك عني وقال عبد بني الحسحاس: ألكني إليها عمرك الله يا فتى بآية ما جاءت إلينا تهاديا يعني بذلك: أبلغها رسالتي. فسميت الملائكة ملائكة بالرسالة، لأنها رسل الله بينه وبين أنبيائه ومن أرسلت إليه من عباده.إني جاعل في الأرض

القول في تأويل قوله تعالى: { إني جاعل في الأرض } اختلف أهل التأويل في قوله: { إني جاعل }، فقال بعضهم: إني فاعل. ذكر من قال ذلك: 500 - حدثنا القاسم بن الحسن، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن جرير بن حازم، ومبارك عن الحسن، وأبي بكر، يعني الهذلي عن الحسن وقتادة، قالوا: قال الله للملائكة: { إني جاعل في الأرض خليفة } قال لهم: إني فاعل. وقال آخرون: إني خالق. ذكر من قال ذلك: 501 - حدثت عن المنجاب بن الحارث قال: حدثنا بشر بن عمارة عن أبي روق، قال: كل شيء في القرآن " جعل " فهو خلق. قال أبو جعفر: والصواب في تأويل قوله: { إني جاعل في الأرض خليفة } أي مستخلف في الأرض خليفة ومصير فيها خلفا، وذلك أشبه بتأويل قول الحسن وقتادة. وقيل إن الأرض التي ذكرها الله في هذه الآية هي مكة. ذكر من قال ذلك: 502 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن عطاء، عن ابن سابط أن النبي ﷺ قال: " دحيت الأرض من مكة. وكانت الملائكة تطوف بالبيت، فهي أول من طاف به، وهي الأرض التي قال الله: { إني جاعل في الأرض خليفة }، وكان النبي إذا هلك قومه ونجا هو والصالحون أتى هو ومن معه فعبدوا الله بها حتى يموتوا، فإن قبر نوح وهود وصالح وشعيب بين زمزم والركن والمقام "خليفة

القول في تأويل قوله تعالى: { خليفة } والخليفة الفعيلة، من قولك: خلف فلان فلانا في هذا الأمر إذا قام مقامه فيه بعده، كما قال جل ثناؤه: { ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون } 10 14 يعني بذلك: أنه أبدلكم في الأرض منهم فجعلكم خلفاء بعدهم ومن ذلك قيل للسلطان الأعظم: خليفة، لأنه خلف الذي كان قبله، فقام بالأمر مقامه، فكان منه خلفا، يقال منه: خلف الخليفة يخلف خلافة وخليفا، وكان ابن إسحاق يقول بما: 503 - حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: { إني جاعل في الأرض خليفة } يقول: ساكنا وعامرا يسكنها ويعمرها خلقا ليس منكم. وليس الذي قال ابن إسحاق في معنى الخليفة بتأويلها، وإن كان الله جل ثناؤه إنما أخبر ملائكته أنه جاعل في الأرض خليفة يسكنها، ولكن معناها ما وصفت قبل. فإن قال لنا قائل: فما الذي كان في الأرض قبل بني آدم لها عامرا فكان بنو آدم بدلا منه وفيها منه خلفا؟ قيل: قد اختلف أهل التأويل في ذلك. 504 - فحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: أول من سكن الأرض الجن، فأفسدوا فيها، وسفكوا فيها الدماء، وقتل بعضهم بعضا. قال: فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة، فقتلهم إبليس ومن معه، حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال؛ ثم خلق آدم فأسكنه إياها، فلذلك قال: { إني جاعل في الأرض خليفة }. فعلى هذا القول إني جاعل في الأرض خليفة من الجن يخلفونهم فيها فيسكنونها ويعمرونها. 505 - وحدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس في قوله: { إني جاعل في الأرض خليفة } الآية، قال: إن الله خلق الملائكة يوم الأربعاء، وخلق الجن يوم الخميس، وخلق آدم يوم الجمعة، فكفر قوم من الجن، فكانت الملائكة تهبط إليهم في الأرض فتقاتلهم، فكانت الدماء وكان الفساد في الأرض. وقال آخرون في تأويل قوله: { إني جاعل في الأرض خليفة } أي خلفا يخلف بعضهم بعضا، وهم ولد آدم الذين يخلفون أباهم آدم، ويخلف كل قرن منهم القرن الذي سلف قبله. وهذا قول حكي عن الحسن البصري، ونظير له ما: 506 - حدثني به محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب، عن ابن سابط في قوله: { إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } قال: يعنون به بني آدم. 507 - وحدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد قال الله للملائكة: إني أريد أن أخلق في الأرض خلقا، وأجعل فيها خليفة، وليس لله يومئذ خلق إلا الملائكة والأرض ليس فيها خلق. وهذا القول يحتمل ما حكي عن الحسن، ويحتمل أن يكون أراد ابن زيد أن الله أخبر الملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة له، يحكم فيها بين خلقه بحكمه، نظير ما: 508 - حدثني به موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي ﷺ: أن الله جل ثناؤه قال للملائكة: { إني جاعل في الأرض خليفة } قالوا: ربنا وما يكون ذلك الخليفة؟ قال: يكون له ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا. فكان تأويل الآية على هذه الرواية التي ذكرناها عن ابن مسعود وابن عباس: إني جاعل في الأرض خليفة مني يخلفني في الحكم بين خلقي، وذلك الخليفة هو آدم ومن قام مقامه في طاعة الله والحكم بالعدل بين خلقه. وأما الإفساد وسفك الدماء بغير حقها فمن غير خلفائه، ومن غير آدم ومن قام مقامه في عباد الله؛ لأنهما أخبرا أن الله جل ثناؤه قال لملائكته إذ سألوه: ما ذاك الخليفة: إنه خليفة يكون له ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا. فأضاف الإفساد وسفك الدماء بغير حقها إلى ذرية خليفته دونه وأخرج منه خليفته. وهذا التأويل وإن كان مخالفا في معنى الخليفة ما حكي عن الحسن من وجه، فموافق له من وجه. فأما موافقته إياه فصرف متأوليه إضافة الإفساد في الأرض وسفك الدماء فيها إلى غير الخليفة. وأما مخالفته إياها فإضافتهما الخلافة إلى آدم بمعنى استخلاف الله إياه فيها، وإضافة الحسن الخلافة إلى ولده بمعنى خلافة بعضهم بعضا، وقيام قرن منهم مقام قرن قبلهم، وإضافة الإفساد في الأرض وسفك الدماء إلى الخليفة. والذي دعا المتأولين قوله: { إني جاعل في الأرض خليفة } في التأويل الذي ذكر عن الحسن إلى ما قالوا في ذلك أنهم قالوا إن الملائكة إنما قالت لربها إذ قال لهم ربهم: { إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } إخبارا منها بذلك عن الخليفة الذي أخبر الله جل ثناؤه أنه جاعله في الأرض لا غيره؛ لأن المحاورة بين الملائكة وبين ربها عنه جرت. قالوا: فإذا كان ذلك كذلك، وكان الله قد برأ آدم من الإفساد في الأرض وسفك الدماء وطهره من ذلك، علم أن الذي عنى به غيره من ذريته، فثبت أن الخليفة الذي يفسد في الأرض ويسفك الدماء هو غير آدم، وأنهم ولده الذين فعلوا ذلك، وأن معنى الخلافة التي ذكرها الله إنما هي خلافة قرن منهم قرنا غيرهم لما وصفنا. وأغفل قائلو هذه المقالة ومتأولو الآية هذا التأويل سبيل التأويل، وذلك أن الملائكة إذ قال لها ربها: { إني جاعل في الأرض خليفة } لم تضف الإفساد وسفك الدماء في جوابها ربها إلى خليفته في أرضه، بل قالت: { أتجعل فيها من يفسد فيها }، وغير منكر أن يكون ربها أعلمها أنه يكون لخليفته ذلك ذرية يكون منهم الإفساد وسفك الدماء، فقالت: يا ربنا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟ كما قال ابن مسعود وابن عباس، ومن حكينا ذلك عنه من أهل التأويل.قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء

Report Page