[2:265] - البقرة - ابن كثير

[2:265] - البقرة - ابن كثير

ابن كثير

﴿وَمَثَلُ الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُمُ ابتِغاءَ مَرضاتِ اللَّهِ وَتَثبيتًا مِن أَنفُسِهِم كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَت أُكُلَها ضِعفَينِ فَإِن لَم يُصِبها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ﴾ [ البقرة - 2:265 ]

وهذا مثل المؤمنين المنفقين ( أموالهم ابتغاء مرضاة الله ) عنهم في ذلك ( وتثبيتا من أنفسهم ) أي: وهم متحققون مثبتون أن الله سيجزيهم على ذلك أوفر الجزاء، ونظير هذا في المعنى، قوله عليه السلام في الحديث المتفق على صحته: " من صام رمضان إيمانا واحتسابا... " أي: يؤمن أن الله شرعه، ويحتسب عند الله ثوابه.

قال الشعبي: ( وتثبيتا من أنفسهم ) أي: تصديقا ويقينا. وكذا قال قتادة، وأبو صالح، وابن زيد. واختاره ابن جرير. وقال مجاهد والحسن: أي: يتثبتون أين يضعون صدقاتهم.

وقوله: ( كمثل جنة بربوة ) أي: كمثل بستان بربوة. وهو عند الجمهور: المكان المرتفع المستوي من الأرض. وزاد ابن عباس والضحاك: وتجري فيه الأنهار.

قال ابن جرير: وفي الربوة ثلاث لغات هن ثلاث قراءات: بضم الراء، وبها قرأ عامة أهل المدينة والحجاز والعراق. وفتحها، وهي قراءة بعض أهل الشام والكوفة، ويقال: إنها لغة تميم. وكسر الراء، ويذكر أنها قراءة ابن عباس.

وقوله: ( أصابها وابل ) وهو المطر الشديد، كما تقدم، ( فآتت أكلها ) أي: ثمرتها ) ضعفين ) أي: بالنسبة إلى غيرها من الجنان. ( فإن لم يصبها وابل فطل ) قال الضحاك: هو الرذاذ، وهو اللين من المطر. أي: هذه الجنة بهذه الربوة لا تمحل أبدا؛ لأنها إن لم يصبها وابل فطل، وأيا ما كان فهو كفايتها، وكذلك عمل المؤمن لا يبور أبدا، بل يتقبله الله ويكثره وينميه، كل عامل بحسبه؛ ولهذا قال: ( والله بما تعملون بصير ) أي: لا يخفى عليه من أعمال عباده شيء.

Report Page