[20:3] - طه - التنوير

[20:3] - طه - التنوير

ابن عاشور

﴿إِلّا تَذكِرَةً لِمَن يَخشى﴾ [ طه - 20:3 ]

إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) وقوله { إلاَّ تَذْكِرَةً } استثناء مفرّغ من أحوال للقرآن محذوفة، أي ما أنزلنا عليك القرآن في حال من أحوال إلا حال تذكرة فصار المعنى: ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى وما أنزلناه في حال من الأحوال إلا تذكرة. ويدل لذلك تعقيبه بقوله { تنزيلاً ممَّن خَلَق الأرضَ } الذي هو حال من القرآن لا محالة، ففعل { أنْزَلنا } عامل في { لِتَشْقَى } بواسطة حرف الجرّ، وعامل في { تَذْكِرة } بواسطة صاحب الحال، وبهذا تعلم أن ليس الاستثناء من العلّة المنفية بقوله: { لِتَشْقَى } حتى تتحير في تقويم معنى الاستثناء فتفزع إلى جعله منقطعاً وتقع في كُلف لتصحيح النّظم.

وقال الواحدي في «أسباب النزول»: «قال مقاتل: قال أبو جهل والنضر بن الحارث ( وزاد غير الواحدي: الوليد بن المغيرة، والمطعِم بنَ عديّ ) للنبيء ﷺ إنك لتشقى بترك ديننا، لما رأوا من طول عبادته واجتهاده، فأنزل الله تعالى: { طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } الآية، وليس فيه سند.

والتذكرة: خطور المنسي بالذهن؛ فإن التوحيد مستقرّ في الفطرة والإشراك مناف لها، فالدعوة إلى الإسلام تذكير لما في الفطرة أو تذكير لملّة إبراهيم عليه.

و { من يخشى } هو المستعد للتأمل والنظر في صحة الدّين، وهو كل من يفكّر للنجاة في العاقبة، فالخشية هنا مستعملة في المعنى العَربي الأصلي، ويجوز أن يراد بها المعنى الإسلامي، وهو خوف الله، فيكون المراد من الفعل المآل، أي من يؤول أمره إلى الخشية بتيْسِير الله تعالى له التقوى، كقوله تعالى: { هدى للمتقين } [ البقرة: 2 ] أي الصائرين إلى التقوى.

Report Page