[19:90] - مريم - التنوير

[19:90] - مريم - التنوير

ابن عاشور

﴿تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرنَ مِنهُ وَتَنشَقُّ الأَرضُ وَتَخِرُّ الجِبالُ هَدًّا﴾ [ مريم - 19:90 ]

تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) { تكاد } بالتاء المثناة الفوقية، وهو الوجه الآخر.

والتفطر: الانشقاق، والجمع بينه وبين { وتنشق الأرض } تفنّن في استعمال المترادف لدفع ثقل تكرير اللفظ. والخرور: السقوط.

ومن في قوله: { منه } للتعليل، والضمير المجرور بمن عائد إلى { شيئاً إداً }، أو إلى القول المستفاد من { قالوا اتخذ الرحمن ولداً.

والكلام جار على المبالغة في التهويل من فظاعة هذا القول بحيث إنه يبلغ إلى الجمادات العظيمة فيُغيّر كيانها.

وقرأ نافع، وابن كثير، وحفص عن عاصم، والكسائي: يتفطرن بمثناة تحتية بعدها تاء فوقية. وقرأ أبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، وأبو جعفر، ويعقوب، وخلف، وأبو بكر عن عاصم، بتحتية بعدها نون، من الانفطار. والوجهان مطاوع فطَر المضاعف أو فطر المجرد، ولا يكاد ينضبط الفرق بين البنيتين في الاستعمال. ولعلّ محاولة التّفرقة بينهما كما في الكشاف } و«الشافية» لا يطرد، قال تعالى: { ويوم تشقق السماء بالغمام } [ الفرقان: 25 ]، وقال: { إذا السماء انشقت } [ الانشقاق: 1 ]، وقرىء في هذه الآية: { ينفطرون وينفطرن، والأصل توافق القرآتين في البلاغة.

والهدّ: هدم البناء. وانتصب هَدّاً } على المفعولية المطلقة لبيان نوع الخرور، أي سقوط الهَدم، وهو أن يتساقط شظايا وقطعاً.

Report Page