[19:88] - مريم - التنوير
ابن عاشور﴿وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحمنُ وَلَدًا﴾ [ مريم - 19:88 ]
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) عطف على جملة { ويقول الإنسان أإذا ما مت } [ مريم: 66 ] أو على جملة { واتخذوا من دون الله آلهة } [ مريم: 81 ] إتماماً لحكاية أقوالهم، وهو القول بأن لله ولداً، وهو قول المشركين: الملائكة بنات الله. وقد تقدم في سورة النحل وغيرها؛ فصريح الكلام رد على المشركين، وكنايته تعريض بالنّصارى الذين شابهوا المشركين في نسبة الولد إلى الله، فهو تكملة للإبطال الذي في قوله تعالى آنفاً: { ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه } [ مريم: 35 ] الخ.
والضمير عائد إلى المشركين، فيفهم منه أنّ المقصود من حكاية قولهم ليس مجرد الإخبار عنهم، أو تعليم دينهم ولكن تفظيع قولهم وتشنيعه، وإنما قالوا ذلك تأييداً لعبادتهم الملائكة والجن واعتقادهم شفعاء لهم.
وذكر { الرّحمان } هنا حكاية لقولهم بالمعنى، وهم لا يذكرون اسم الرحمان ولا يُقرون به، وقد أنكروه كما حكى الله عنهم: { وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان قالوا وما الرحمان } [ الفرقان: 60 ]، فهم إنما يقولون: { اتخذ الله ولداً } كما حكي عنهم في آيات كثيرة منها آية سورة الكهف ( 4 ). فذكر الرحمن } هنا وضع للمرادف في موضع مرادفه، فذكر اسم { الرحمان } لقصد إغاظتهم بذكر اسم أنكروه.
وفيه أيضاً إيماء إلى اختلال قولهم لمنافاة وصف الرحمان اتخاذ الولد كما سيأتي في قوله: { وما ينبغي للرحمان أن يتخذ ولداً }.