[19:71] - مريم - البغوي

[19:71] - مريم - البغوي

البغوي

﴿وَإِن مِنكُم إِلّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتمًا مَقضِيًّا﴾ [ مريم - 19:71 ]

قوله عز وجل: ( وإن منكم إلا واردها ) وما منكم إلا واردها وقيل: القسم فيه مضمر، أي: والله ما منكم من أحد إلا واردها، والورود هو موافاة المكان.

واختلفوا في معنى الورود هاهنا، وفيما تنصرف إليه الكناية في قوله: ( واردها ) قال ابن عباس رضي الله عنهما وهو قول الأكثرين; معنى الورود هاهنا هو الدخول والكناية راجعة إلى النار وقالوا: النار يدخلها البر والفاجر ثم ينجي الله المتقين فيخرجهم منها.

والدليل على أن الورود هو الدخول: قول الله عز وجل حكاية عن فرعون: " يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار " ( هود: 98 ).

وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار أن نافع بن الأزرق مارى ابن عباس رضي الله عنهما في الورود فقال ابن عباس رضي الله عنهما: هو الدخول. وقال نافع ليس الورود الدخول، فتلا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى: " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون " ( الأنبياء: 98 ) أدخلها هؤلاء أم لا؟ ثم قال: يا نافع أما والله أنت وأنا سنردها وأنا أرجو أن يخرجني الله منها وما أرى الله عز وجل أن يخرجك منها بتكذيبك.

وقال قوم: ليس المراد من الورود الدخول. وقالوا: النار لا يدخلها مؤمن أبدا لقوله تعالى: " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها " ( الأنبياء: 101 - 102 ) وقالوا: كل من دخلها لا يخرج منها. والمراد من قوله: ( وإن منكم إلا واردها ) الحضور والرؤية، لا الدخول كما قال الله تعالى: " ولما ورد ماء مدين " ( القصص: 23 ) أراد به الحضور.

وقال عكرمة: الآية في الكفار فإنهم يدخلونها ولا يخرجون منها.

وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ( وإن منكم إلا واردها ) يعني: القيامة، والكناية راجعة إليها.

والأول أصح، وعليه أهل السنة أنهم جميعا يدخلون النار ثم يخرج الله عز وجل منها أهل الإيمان بدليل قوله تعالى: ثم ننجي الذين اتقوا

.

Report Page