[19:47] - مريم - الوسيط

[19:47] - مريم - الوسيط

الطنطاوي

﴿قالَ سَلامٌ عَلَيكَ سَأَستَغفِرُ لَكَ رَبّي إِنَّهُ كانَ بي حَفِيًّا﴾ [ مريم - 19:47 ]

ولكن إبراهيم- عليه السلام- لم يقابل فظاظة أبيه وتهديده بالغضب والضيق، بل قابل ذلك بسعة الصدر. وجميل المنطق، حيث قال له: سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا.

أى: لك منى- يا أبت- السلام الذي لا يخالطه جدال أو أذى، والوداع الذي أقابل فيه إساءتك إلى بالإحسان إليك. وفضلا عن ذلك فإنى سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا أى: بارّا بي، كثير الإحسان إلى.

يقال: فلان حفى بفلان حفاوة، إذا بالغ في إكرامه، واهتم بشأنه.

وقد وفي إبراهيم بوعده، حيث استمر على استغفاره لأبيه إلى أن تبين له أنه عدو لله- تعالى- فتبرأ منه كما قال- تعالى-: وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ، إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ .

Report Page