[18:58] - الكهف - القرطبي

[18:58] - الكهف - القرطبي

القرطبي

﴿وَرَبُّكَ الغَفورُ ذُو الرَّحمَةِ لَو يُؤاخِذُهُم بِما كَسَبوا لَعَجَّلَ لَهُمُ العَذابَ بَل لَهُم مَوعِدٌ لَن يَجِدوا مِن دونِهِ مَوئِلًا﴾ [ الكهف - 18:58 ]

قوله تعالى: وربك الغفور ذو الرحمة أي للذنوب. وهذا يختص به أهل الإيمان دون الكفرة بدليل قوله: إن الله لا يغفر أن يشرك به.

ذو الرحمة فيه أربع تأويلات:

[ أحدها ] ذو العفو. [ الثاني ] ذو الثواب؛ وهو على هذين الوجهين مختص بأهل الإيمان دون الكفر. [ الثالث ] ذو النعمة. [ الرابع ] ذو الهدى؛ وهو على هذين الوجهين يعم أهل الإيمان والكفر، لأنه ينعم في الدنيا على الكافر، كإنعامه على المؤمن. وقد أوضح هداه للكافر كما أوضحه للمؤمن وإن اهتدى به المؤمن دون الكافر.

ومعنى قوله: لو يؤاخذهم بما كسبوا أي من الكفر والمعاصي.

لعجل لهم العذاب ولكنه يمهل.

بل لهم موعد أي أجل مقدر يؤخرون إليه، نظيره لكل نبإ مستقر، لكل أجل كتاب أي إذا حل لم يتأخر عنهم إما في الدنيا وإما في الآخرة.

لن يجدوا من دونه موئلا أي ملجأ؛ قاله ابن عباس وابن زيد، وحكاه الجوهري في الصحاح. وقد وأل يئل وألا ووءولا على فعول أي لجأ؛ وواءل منه على فاعل أي طلب النجاة. وقال مجاهد: محرزا. قتادة: وليا. وأبو عبيدة: منجى. وقيل: محيصا؛ والمعنى واحد والعرب تقول: لا وألت نفسه أي لا نجت؛ ومنه قول الشاعر:

لا وألت نفسك خليتها للعامريين ولم تكلم

وقال الأعشى:

وقد أخالس رب البيت غفلته وقد يحاذر مني ثم ما يئل

أي ما ينجو.

Report Page