[18:29] - الكهف - البغوي
البغوي﴿وَقُلِ الحَقُّ مِن رَبِّكُم فَمَن شاءَ فَليُؤمِن وَمَن شاءَ فَليَكفُر إِنّا أَعتَدنا لِلظّالِمينَ نارًا أَحاطَ بِهِم سُرادِقُها وَإِن يَستَغيثوا يُغاثوا بِماءٍ كَالمُهلِ يَشوِي الوُجوهَ بِئسَ الشَّرابُ وَساءَت مُرتَفَقًا﴾ [ الكهف - 18:29 ]
( وقل الحق من ربكم ) أي ما ذكر من الإيمان والقرآن معناه: قل يا محمد لهؤلاء الذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا: أيها الناس [ قد جاءكم من ربكم الحق ] وإليه التوفيق والخذلان وبيده الهدى والضلال ليس إلي من ذلك شيء.
( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) هذا على طريق التهديد والوعيد كقوله: " اعملوا ما شئتم " ( فصلت - 40 ).
وقيل معنى الآية: وقل الحق من ربكم ولست بطارد المؤمنين لهواكم فإن شئتم فآمنوا وإن شئتم فاكفروا فإن كفرتم فقد أعد لكم ربكم نارا أحاط بكم سرادقها وإن آمنتم فلكم ما وصف الله عز وجل لأهل طاعته.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى الآية: من شاء الله له الإيمان آمن ومن شاء له الكفر كفر وهو قوله: " وما تشاءون إلا أن يشاء الله " ( الإنسان - 30 ).
( إنا أعتدنا ) أعددنا وهيأنا من الإعداد وهو العدة ( للظالمين ) للكافرين ( نارا أحاط بهم سرادقها ) " السرادق ": الحجرة التي تطيف بالفساطيط.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنبأنا محمد بن أحمد بن الحارث أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي أنبأنا عبد الله بن محمود أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال أنبأنا عبد الله بن المبارك عن رشدين بن سعد حدثني عمرو بن الحارث عن دراج بن أبي السمح عن أبي الهيثم بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ: أنه قال: " سرادق النار أربعة جدر كثف كل جدار مثل مسيرة أربعين سنة ".
قال ابن عباس: هو حائط من نار.
وقال الكلبي: هو عنق يخرج من النار فيحيط بالكفار كالحظيرة.
وقيل: هو دخان يحيط بالكفار وهو الذي ذكره الله تعالى: " انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب " ( المرسلات - 30 ).
( وإن يستغيثوا ) من شدة العطش ( يغاثوا بماء كالمهل )
أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنبأنا محمد بن أحمد بن الحارث أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي أنبأنا عبد الله بن محمود أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال حدثنا عبد الله بن المبارك عن رشدين بن سعد حدثنا عمرو بن الحارث عن دراج بن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: " ( بماء كالمهل ) قال كعكر الزيت فإذا قرب إليه سقطت فروة وجهه فيه ".
وقال ابن عباس: هو ماء غليظ مثل دردي الزيت.
وقال مجاهد: هو القيح والدم.
وسئل ابن مسعود عن: " المهل " فدعا بذهب وفضة فأوقد عليهما النار حتى ذابا ثم قال: هذا أشبه شيء بالمهل.
( يشوي الوجوه ) ينضج الوجوه من حره.
( بئس الشراب وساءت ) النار ( مرتفقا ) قال ابن عباس: منزلا وقال مجاهد: مجتمعا وقال عطاء: مقرا. وقال القتيبي: مجلسا. وأصل " المرتفق ": المتكأ.