[18:26] - الكهف - ابن كثير

[18:26] - الكهف - ابن كثير

ابن كثير

﴿قُلِ اللَّهُ أَعلَمُ بِما لَبِثوا لَهُ غَيبُ السَّماواتِ وَالأَرضِ أَبصِر بِهِ وَأَسمِع ما لَهُم مِن دونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا يُشرِكُ في حُكمِهِ أَحَدًا﴾ [ الكهف - 18:26 ]

وقوله: ( قل الله أعلم بما لبثوا ) أي: إذا سئلت عن لبثهم وليس عندك [ علم ] في ذلك وتوقيف من الله عز وجل فلا تتقدم فيه بشيء، بل قل في مثل هذا: ( الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض ) أي: لا يعلم ذلك إلا هو أو من أطلعه الله عليه من خلقه، وهذا الذي قلناه، عليه غير واحد من علماء التفسير كمجاهد، وغير واحد من السلف والخلف.

وقال قتادة في قوله: ( ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا ) هذا قول أهل الكتاب، وقد رده الله تعالى بقوله: ( قل الله أعلم بما لبثوا ) قال: وفي قراءة عبد الله: " وقالوا: ولبثوا "، يعني أنه قاله الناس

وهكذا قال - كما قال قتادة - مطرف بن عبد الله.

وفي هذا الذي زعمه قتادة نظر، فإن الذي بأيدي أهل الكتاب أنهم لبثوا ثلاثمائة سنة من غير تسع، يعنون بالشمسية، ولو كان الله قد حكى قولهم لما قال: ( وازدادوا تسعا ) وظاهر من الآية إنما هو إخبار من الله، لا حكاية عنهم. وهذا اختيار ابن جرير، رحمه الله. ورواية قتادة قراءة ابن مسعود منقطعة، ثم هي شاذة بالنسبة إلى قراءة الجمهور فلا يحتج بها، والله أعلم.

وقوله: ( أبصر به وأسمع ) أي: إنه لبصير بهم سميع لهم.

قال ابن جرير: وذلك في معنى المبالغة في المدح، كأنه قيل: ما أبصره وأسمعه، وتأويل الكلام: ما أبصر الله لكل موجود، وأسمعه لكل مسموع، لا يخفى عليه من ذلك شيء.

ثم روي عن قتادة في قوله: ( أبصر به وأسمع ) فلا أحد أبصر من الله ولا أسمع.

وقال ابن زيد: ( أبصر به وأسمع ) يرى أعمالهم، ويسمع ذلك منهم، سميعا بصيرا.

وقوله: ( ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا ) أي: أنه تعالى هو الذي له الخلق والأمر، الذي لا معقب لحكمه، وليس له وزير ولا نصير ولا شريك ولا مشير، تعالى وتقدس.

Report Page