[18:24] - الكهف - ابن كثير

[18:24] - الكهف - ابن كثير

ابن كثير

﴿إِلّا أَن يَشاءَ اللَّهُ وَاذكُر رَبَّكَ إِذا نَسيتَ وَقُل عَسى أَن يَهدِيَنِ رَبّي لِأَقرَبَ مِن هذا رَشَدًا﴾ [ الكهف - 18:24 ]

وقوله: ( واذكر ربك إذا نسيت ) قيل: معناه إذا نسيت الاستثناء، فاستثن عند ذكرك له. قاله أبو العالية، والحسن البصري.

وقال هشيم، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس في الرجل يحلف؟ قال: له أن يستثني ولو إلى سنة، وكان يقول: ( واذكر ربك إذا نسيت ) في ذلك. قيل للأعمش: سمعته عن مجاهد؟ قال حدثني به ليث بن أبي سليم، يرى ذهب كسائي هذا.

ورواه الطبراني من حديث أبي معاوية، عن الأعمش، به.

ومعنى قول ابن عباس: " أنه يستثني ولو بعد سنة " أي: إذا نسي أن يقول في حلفه أو كلامه " إن شاء الله " وذكر ولو بعد سنة، فالسنة له أن يقول ذلك، ليكون آتيا بسنة الاستثناء، حتى ولو كان بعد الحنث، قال ابن جرير، رحمه الله، ونص على ذلك، لا أن يكون [ ذلك ] رافعا لحنث اليمين ومسقطا للكفارة. وهذا الذي قاله ابن جرير، رحمه الله، هو الصحيح، وهو الأليق بحمل كلام ابن عباس عليه، والله أعلم.

وقال عكرمة: ( واذكر ربك إذا نسيت ) أي: إذا غضبت. وهذا تفسير باللازم.

وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني، حدثنا سعيد بن سليمان، عن عباد بن العوام، عن سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلم، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس: ( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت ) أن تقول: إن شاء الله [ وهذا تفسير باللازم ].

وقال الطبراني: حدثنا محمد بن الحارث الجبيلي حدثنا صفوان بن صالح، حدثنا الوليد بن مسلم، عن عبد العزيز بن حصين، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: ( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت ) أن تقول: إن شاء الله.

وروى الطبراني، أيضا عن ابن عباس في قوله: ( واذكر ربك إذا نسيت ) الاستثناء، فاستثن إذا ذكرت. وقال: هي خاصة برسول الله ﷺ، وليس لأحد منا أن يستثني إلا في صلة من يمينه ثم قال: تفرد به الوليد، عن عبد العزيز بن الحصين.

ويحتمل في الآية وجه آخر، وهو أن يكون الله - عز وجل - قد أرشد من نسي الشيء في كلامه إلى ذكر الله تعالى؛ لأن النسيان منشؤه من الشيطان، كما قال فتى موسى: ( وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ) [ الكهف: 63 ] وذكر الله تعالى يطرد الشيطان، فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان، فذكر الله سبب للذكر؛ ولهذا قال: ( واذكر ربك إذا نسيت ).

وقوله: ( وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا ) أي: إذا سئلت عن شيء لا تعلمه، فاسأل الله فيه، وتوجه إليه في أن يوفقك للصواب والرشد [ في ذلك ] وقيل غير ذلك في تفسيره، والله أعلم.

Report Page