[18:18] - الكهف - البغوي

[18:18] - الكهف - البغوي

البغوي

﴿وَتَحسَبُهُم أَيقاظًا وَهُم رُقودٌ وَنُقَلِّبُهُم ذاتَ اليَمينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلبُهُم باسِطٌ ذِراعَيهِ بِالوَصيدِ لَوِ اطَّلَعتَ عَلَيهِم لَوَلَّيتَ مِنهُم فِرارًا وَلَمُلِئتَ مِنهُم رُعبًا﴾ [ الكهف - 18:18 ]

قوله تعالى: ( وتحسبهم أيقاظا ) أي: منتبهين جمع يقظ ويقظ ( وهم رقود ) نيام جمع راقد مثل قاعد وقعود وإنما اشتبه حالهم لأنهم كانوا مفتحي الأعين يتنفسون ولا يتكلمون.

( ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ) مرة للجنب الأيمن ومرة للجنب الأيسر. قال ابن عباس: كانوا يقلبون في السنة مرة من جانب إلى جانب لئلا تأكل الأرض لحومهم. وقيل كان يوم عاشوراء يوم تقلبهم. وقال أبو هريرة: كان لهم في كل سنة تقلبان.

( ( وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد ) أكثر أهل التفسير على أنه كان من جنس الكلاب.

وروي عن ابن جريج: أنه كان أسدا وسمي الأسد كلبا فإن النبي ﷺ دعا على عتبة بن أبي لهب فقال: " اللهم سلط عليه كلبا من كلابك " فافترسه أسد.

والأول أصح.

قال ابن عباس: كان كلبا أغر. ويروى عنه: فوق القلطي ودون الكردي [ والقلطي: كلب صيني ].

وقال مقاتل: كان أصفر. وقال القرظي: كان شدة صفرته تضرب إلى الحمرة. وقال الكلبي: لونه كالخلنج وقيل: لون الحجر.

قال ابن عباس: كان اسمه قطمير وعن علي: اسمه ريان. وقال الأوزاعي: بتور. وقال السدي: تور وقال كعب: صهيلة.

قال خالد بن معدان: ليس في الجنة شيء من الدواب سوى كلب أصحاب الكهف وحمار بلعام.

قوله ( بالوصيد ) قال مجاهد والضحاك: " والوصيد ": فناء الكهف وقال عطاء: " الوصيد " عتبة الباب. وقال السدي: " الوصيد " الباب وهو رواية عكرمة عن ابن عباس.

فإن قيل: لم يكن للكهف باب ولا عتبة؟

قيل: معناه موضع الباب والعتبة كان الكلب قد بسط ذراعيه وجعل وجهه عليهم.

قال السدي: كان أصحاب الكهف إذا انقلبوا انقلب الكلب معهم وإذا انقلبوا إلى اليمين كسر الكلب أذنه اليمنى ورقد عليها وإذا انقلبوا إلى الشمال كسر أذنه اليسرى ورقد عليها.

( لو اطلعت عليهم ) يا محمد ( لوليت منهم فرارا ) لما ألبسهم الله من الهيبة حتى لا يصل إليهم أحد حتى يبلغ الكتاب أجله فيوقظهم الله تعالى من رقدتهم ( ولملئت منهم رعبا ) خوفا قرأ أهل الحجاز بتشديد اللام والآخرون بتخفيفها.

واختلفوا في أن الرعب كان لماذا قيل من وحشة المكان.

وقال الكلبي: لأن أعينهم كانت مفتحة كالمستيقظ الذي يريد أن يتكلم وهم نيام.

وقيل: لكثرة شعورهم وطول أظفارهم ولتقلبهم من غير حس ولا إشعار.

وقيل: إن الله تعالى منعهم بالرعب لئلا يراهم أحد.

وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: غزونا مع معاوية نحو الروم فمررنا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف، فقال معاوية: لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم. فقال ابن عباس رضي الله عنهم: لقد منع ذلك من هو خير منك، فقال: " لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا " فبعث معاوية ناسا فقال: اذهبوا فانظروا فلما دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحا فأخرجتهم.

Report Page