[18:13] - الكهف - ابن كثير
ابن كثير﴿نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ نَبَأَهُم بِالحَقِّ إِنَّهُم فِتيَةٌ آمَنوا بِرَبِّهِم وَزِدناهُم هُدًى﴾ [ الكهف - 18:13 ]
من هاهنا شرع في بسط القصة وشرحها، فذكر تعالى أنهم فتية - وهم الشباب - وهم أقبل للحق، وأهدى للسبيل من الشيوخ، الذين قد عتوا وعسوا في دين الباطل؛ ولهذا كان أكثر المستجيبين لله ولرسوله ﷺ شبابا. وأما المشايخ من قريش، فعامتهم بقوا على دينهم، ولم يسلم منهم إلا القليل. وهكذا أخبر تعالى عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شبابا.
قال مجاهد: بلغني أنه كان في آذان بعضهم القرطة يعني الحلق فألهمهم الله رشدهم وآتاهم تقواهم. فآمنوا بربهم، أي: اعترفوا له بالوحدانية، وشهدوا أنه لا إله إلا هو.
( وزدناهم هدى ): استدل بهذه الآية وأمثالها غير واحد من الأئمة كالبخاري وغيره ممن ذهب إلى زيادة الإيمان وتفاضله، وأنه يزيد وينقص؛ ولهذا قال تعالى: ( وزدناهم هدى ) كما قال ( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ) [ محمد: 17 ]، وقال: ( فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا ) [ التوبة: 124 ]، وقال ) ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ) [ الفتح: 4 ] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك.
وقد ذكر أنهم كانوا على دين عيسى ابن مريم، عليه السلام، والله أعلم - والظاهر أنهم كانوا قبل ملة النصرانية بالكلية، فإنه لو كانوا على دين النصرانية؛ لما اعتنى أحبار اليهود بحفظ خبرهم وأمرهم؛ لمباينتهم لهم. وقد تقدم عن ابن عباس: أن قريشا بعثوا إلى أحبار اليهود بالمدينة يطلبون منهم أشياء يمتحنون بها رسول الله ﷺ، فبعثوا إليهم أن يسألوه عن خبر هؤلاء، وعن خبر ذي القرنين، وعن الروح، فدل هذا على أن هذا أمر محفوظ في كتب أهل الكتاب، وأنه متقدم على دين النصرانية، والله أعلم.