[17:96] - الإسراء - التنوير

[17:96] - الإسراء - التنوير

ابن عاشور

﴿قُل كَفى بِاللَّهِ شَهيدًا بَيني وَبَينَكُم إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبيرًا بَصيرًا﴾ [ الإسراء - 17:96 ]

بعد أن خص الله محمداً ﷺ بتلقين الحجة القاطعة للضلالة أردف ذلك بتلقينه أيضاً ما لقنه الرسل السابقين من تفويض الأمر إلى الله وتحكيمه في أعدائه، فأمره ب { قل كفى بالله } تسلية له وتثبيتاً لنفسه وتعهداً له بالفصل بينه وبينهم كما قال نوح وهود { رب انصرني بما كذبون } [ المؤمنون: 26 ]، وغيرهما من الرسل قال قريباً من ذلك.

وفي هذا رد لمجموع مقترحاتهم المتقدمة على وجه الإجمال.

ومفعول { كفى } محذوف، تقديره: كفاني. والشهيد: الشاهد، وهو المخبر بالأمر الواقع كما وقع.

وأريد بالشهيد هنا الشهيد للمُحق على المبطل، فهو كناية عن النصير والحاكم لأن الشهادة سبب الحكم، والقرينَةُ قوله: { بيني وبينكم } لأن ظرف ( بين ) يناسب معنى الحُكم. وهذا بمعنى قوله تعالى: { حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين } [ الأعراف: 87 ] وقوله: { يوم القيامة يفصل بينكم } [ الممتحنة: 3 ].

والباء الداخلة على اسم الجلالة زائدة لتأكيد لصوق فعل كفى } بفاعله. وأصله: كفى الله شهيداً.

وجملة { إنه كان بعباده خبيرا بصيراً } تعليل للاكتفاء به تعالى، والخبير: العليم. وأريد به العليم بالنوايا والحقائق، والبصير: العليم بالذوات والمشاهداتتِ من أحوالها.، والمقصود من اتباعه به إحاطةُ العلم وشموله.

Report Page