[17:94] - الإسراء - ابن كثير
ابن كثير﴿وَما مَنَعَ النّاسَ أَن يُؤمِنوا إِذ جاءَهُمُ الهُدى إِلّا أَن قالوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسولًا﴾ [ الإسراء - 17:94 ]
يقول تعالى: ( وما منع الناس ) أي: أكثرهم ) أن يؤمنوا ) ويتابعوا الرسل، إلا استعجابهم من بعثته البشر رسلا كما قال تعالى: ( أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا ) [ يونس: 2 ].
وقال تعالى: ( ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد ) [ التغابن: 6 ]، وقال فرعون وملؤه: ( أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ) [ المؤمنون: 47 ]، وكذلك قالت الأمم لرسلهم: ( إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين ) [ إبراهيم: 10 ]، والآيات في هذا كثيرة.
ثم قال تعالى منبها على لطفه ورحمته بعباده: إنه يبعث إليهم الرسول من جنسهم؛ ليفقهوا عنه ويفهموا منه، لتمكنهم من مخاطبته ومكالمته، ولو بعث إلى البشر رسولا من الملائكة لما استطاعوا مواجهته ولا الأخذ عنه، كما قال تعالى: ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم ) [ آل عمران: 164 ]، وقال تعالى: ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) [ التوبة: 128 ]، وقال تعالى: ( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ) [ البقرة: 151، 152 ]