[17:74] - الإسراء - الوسيط
الطنطاوي﴿وَلَولا أَن ثَبَّتناكَ لَقَد كِدتَ تَركَنُ إِلَيهِم شَيئًا قَليلًا﴾ [ الإسراء - 17:74 ]
ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر فضله على نبيه ﷺ فقال: وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا.
أى: ولولا تثبيتنا إياك- أيها الرسول الكريم- على ما أنت عليه من الحق والصدق، بأن عصمناك من كيدهم لقاربت أن تميل ميلا قليلا، بسبب شدة احتيالهم وخداعهم.
قال بعض العلماء: وهذه الآية أوضحت غاية الإيضاح، براءة نبينا ﷺ من مقاربة الركون إلى الكفار، فضلا عن نفس الركون لأن لَوْلا حرف امتناع لوجود، فمقاربة الركون منعتها لَوْلا الامتناعية لوجود التثبيت من الله- تعالى- لأكرم خلقه ﷺ فاتضح يقينا انتفاء مقاربة الركون- أى الميل-، فضلا عن الركون نفسه.
وهذه الآية تبين ما قبلها، وأنه ﷺ لم يقارب الركون إليهم مطلقا. لأن قوله:
لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا أى: قاربت تركن إليهم، هو عين الممنوع بلو لا الامتناعية.
ومما يشهد بأن الرسول ﷺ لم يقارب الركون من مقترحات الكافرين، قول ابن عباس- رضى الله عنهما- كان رسول الله ﷺ معصوما، ولكن هذا تعريف للأمة، لئلا يركن أحد منهم إلى المشركين في شيء من أحكام الله- تعالى- وشرائعه.
وعن قتادة أنه قال: لما نزلت هذه الآية، قال النبي ﷺ «اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين».