[17:13] - الإسراء - ابن كثير
ابن كثير﴿وَكُلَّ إِنسانٍ أَلزَمناهُ طائِرَهُ في عُنُقِهِ وَنُخرِجُ لَهُ يَومَ القِيامَةِ كِتابًا يَلقاهُ مَنشورًا﴾ [ الإسراء - 17:13 ]
يقول تعالى بعد ذكر الزمان وذكر ما يقع فيه من أعمال بني آدم: ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ) وطائره: هو ما طار عنه من عمله، كما قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: من خير وشر، يلزم به ويجازى عليه ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) [ الزلزلة: 5، 6 ]، وقال تعالى: ( عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) [ ق: 17، 18 ]، وقال تعالى: ( وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ) [ الانفطار: 10 - 14 ]، قال: ( إنما تجزون ما كنتم تعملون ) [ الطور: 16 ] وقال: ( من يعمل سوءا يجز به ) [ النساء: 123 ].
والمقصود أن عمل ابن آدم محفوظ عليه، قليله وكثيره، ويكتب عليه ليلا ونهارا، صباحا ومساء.
وقال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى الزبير، عن جابر: سمعت رسول الله ﷺ يقول: " لطائر كل إنسان في عنقه ". قال ابن لهيعة: يعني الطيرة.
وهذا القول من ابن لهيعة في تفسير هذا الحديث، غريب جدا، والله أعلم.
وقوله [ تعالى ] ( ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا ) أي: نجمع له عمله كله في كتاب يعطاه يوم القيامة، إما بيمينه إن كان سعيدا، أو بشماله إن كان شقيا ) منشورا ) أي: مفتوحا يقرؤه هو وغيره، فيه جميع عمله من أول عمره إلى آخره ( ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره ) [ القيامة: 13 - 15 ]