[16:6] - النحل - الطبري
ابن جرير الطبري﴿وَلَكُم فيها جَمالٌ حينَ تُريحونَ وَحينَ تَسرَحونَ﴾ [ النحل - 16:6 ]
يقول تعالى ذكره: ولكم في هذه الأنعام والمواشي التي خلقها لكم (جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ) يعني: تردّونها بالعشيّ من مسارحها إلى مراحها ومنازلها التي تأوي إليها ولذلك سمي المكان المراح، لأنها تراح إليه عشيا فتأوي إليه، يقال منه: أراح فلان ماشيته فهو يريحها إراحة، وقوله (وَحِينَ تَسْرَحُونَ) يقول: وفي وقت إخراجكموها غدوة من مُراحها إلى مسارحها، يقال منه: سرح فلان ماشيته يسرحها تسريحا، إذا أخرجها للرعي غدوة، وسَرحت الماشية: إذا خرجت للمرعى تسرح سرحا وسروحا، فالسرح بالغداة، والإراحة بالعشيّ، ومنه قول الشاعر:
كــأنَّ بَقايــا الأتْـنِ فَـوْقَ مُتُونِـهِ
مـدَّبُّ الـدَّبىّ فَـوْقَ النَّقا وَهْوَ سارِحُ (12)
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) وذلك أعجب ما يكون إذا راحت عظاما ضروعها، طوالا أسنمتها، وحين تسرحون إذا سرحت لرعيها.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) قال: إذا راحت كأعظم ما تكون أسنمة، وأحسن ما تكون ضروعا.
------------------------
الهوامش:
(12) لعل الشاعر يصف حمارًا وحشيًا. يقول: إن الأتن قد عضضنه، فتركن فوق متونة آثارًا، كانت كأنها طريق للدبى، وهو صغار الجراد. فوق النقا، وهو الكثيب الأبيض من الرمل. ولم أعثر على البيت ولا قائله.