[15:94] - الحجر - القرطبي

[15:94] - الحجر - القرطبي

القرطبي

﴿فَاصدَع بِما تُؤمَرُ وَأَعرِض عَنِ المُشرِكينَ﴾ [ الحجر - 15:94 ]

قوله تعالى: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين

قوله تعالى: فاصدع بما تؤمر أي بالذي تؤمر به، أي بلغ رسالة الله جميع الخلق لتقوم الحجة عليهم، فقد أمرك الله بذلك. والصدع: الشق. وتصدع القوم أي تفرقوا؛ ومنه يومئذ يصدعون أي يتفرقون. وصدعته فانصدع أي انشق. أصل الصدع الفرق والشق. قال أبو ذؤيب يصف الحمار وأتنه:

وكأنهن ربابة وكأنه يسر يفيض على القداح ويصدع

أي يفرق ويشق. فقوله: اصدع بما تؤمر قال الفراء: أراد فاصدع بالأمر، أي أظهر دينك، ف " ما " مع الفعل على هذا بمنزلة المصدر. وقال ابن الأعرابي: معنى اصدع بما تؤمر، أي اقصد. وقيل: فاصدع بما تؤمر أي فرق جمعهم وكلمتهم بأن تدعوهم إلى التوحيد فإنهم يتفرقون بأن يجيب البعض؛ فيرجع الصدع على هذا إلى صدع جماعة الكفار.

قوله تعالى: وأعرض عن المشركين أي عن الاهتمام باستهزائهم وعن المبالاة بقولهم، فقد برأك الله عما يقولون. وقال ابن عباس: ( هو منسوخ بقوله فاقتلوا المشركين ). وقال عبد الله بن عبيد: ما زال النبي - ﷺ - مستخفيا حتى نزل قوله - تعالى -: فاصدع بما تؤمر فخرج هو وأصحابه. وقال مجاهد: أراد الجهر بالقرآن في الصلاة. وأعرض عن المشركين لا تبال بهم.

Report Page