[15:86] - الحجر - التنوير
ابن عاشور﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الخَلّاقُ العَليمُ﴾ [ الحجر - 15:86 ]
وجملة { إن ربك هو الخالق العليم } في موقع التعليل للأمر بالصّفح عنهم، أي لأن في الصّفح عنهم مصلحة لك ولهم يعلمها ربك، فمصلحة النبي ﷺ في الصّفح هي كمال أخلاقه، ومصلحتهم في الصّفح رجاء إيمانهم، فالله الخلّاق لكم ولهم ولنفسك وأنفسهم، العليم بما يأتيه كل منكم، وهذا كقوله تعالى: { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون } [ سورة فاطر: 8 ].
ومناسبته لقوله تعالى: { وإن الساعة لأتية } ظاهرة.
وفي وصفه ب { الخالق العليم } إيماء إلى بشارة النبي ﷺ بأن الله يخلق من أولئك من يعلم أنّهم يكونون أولياء للنبيء ﷺ وهم الذين آمنوا بعد نزول هذه الآية والّذين ولدوا، كقول النبي ﷺ « لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده ». وقال أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب وكان في أيام الجاهلية من المؤذين للنبي ﷺ:
دَعَاني داععٍ غيرُ نفسي وردّني... إلى الله من أطردتُه كل مُطْرَد
يعني بالداعي النبي ﷺ
وتلك هي نكتة ذكر وصف { الخالق } دون غيره من الأسماء الحسنى.
والعدول إلى { إن ربك } دون ( إنّ الله ) للإشارة إلى أن الّذي هو ربّه ومدبّر أمره لا يأمره إلا بما فيه صلاحه ولا يقدر إلاّ ما فيه خيره.