٦١٢| فاطمة فائز

٦١٢| فاطمة فائز

مشروع يقظة فكر


في إحدى صباحات مدينة فانكوفر الكندية و اوراق الأشجار الحمراء تملأ الشوارع معلنة قدوم فصل الخريف ..

تجلب سمر كعادتها كل صباح الخبز و الكرواسون لأطفالها من المخبز الواقع تحت عمارتهم و ها هي تمر للمرة الرابعة على التوالي من الممر المؤدي الى شقتها و لا تزال تلك الرائحة الغريبة المجهولة المصدر تملأ المكان ، فكرت للحظة ربما هناك طعام فاسد او قمامة ثم تسائلت في نفسها : لمَ لم ينظفها احد لغاية اللحظة ؟ ، توقفت قليلاً و قد اعتراها الفضول فبدلاً من ان تدخل شقتها استدارت لتتمعن الشقق الاخرى بعينيها السوداوين و بدأت تشم الرائحة بأنفها المدبب كالقطة حتى اقتربت من شقة رقم ٦١٢ حيث كلما اقتربت كلما زادت الرائحة و تغير نوعها و اصبحت اشبه برائحة الجثث و الكلاب الميتة ، وضعت يدها النحيلة على فمها وانفها بسرعة قبل ان يصيبها الغثيان واحتضنت كيس الخبز داخل معطفها كالطفل خوفاً من ان يأخذ من الرائحة شيئاً وانطلقت هاربة الى شقتها كي تطعم اطفالها و تتصل بالشرطة بسرعة و في هذه اللحظات تذكرت ان تللك الشقة تسكنها فتاة شابة بمقتبل العمر سمراء ممشوقة القوام من اصول عربية ..

لم تشأ الدخول الى الشقة لكنها اضطرت بعد اصرار رجل البوليس على استجوابها في الداخل ، لقد كانت توقعاتها في محلها هناك جثة بالفعل و لكنها للأسف جثة الفتاة نفسها صاحبة الشقة ، لا يوجد هناك اي اثر لارتكاب جريمة قتل كل شي كان مرتباً و في محله

لكنه يثير الدهشة : الوان الجدران الغريبة الشبيهة بالقوس قزح و المكتبة المخيفة العلو بخشبها الأسود محشدة بكتب ترأسها علامة الماسونية يقابلها في الجانب الاخر من الشقة قسم يكتض بأنواع المشروبات الكحولية الأحمر منها والأخضر و كل ما ينافي اسم الفتاة و اصلها …

هكذا كانت حياة عبير الحجازية الفتاة المصرية

ذات الثمانية والعشرون عاماً ، تلك الفتاة الغريبة الأطوار و المثيرة للشكوك ماتت منتحرة و الدليل القاطع هو الرسالة المكتوب فيها بخط يدها :


" تعبت لم يعد للحياة قيمة، انتهى الدور“. 


ترى ما الذي يتعب الانسان في مقتبل عمره و ريعان شبابه الى هذه الدرجة التي ينهي فيها حياته بيديه ،، سوى ابتعاده عن طريق الله ، اجابت سمر نفسها بعد ان رأت شقة عبير بالكامل فايقنت انها دخلت في نفق الإلحاد المظلم و الذي نهايته الانتحار .

عادت سمر الثلاثينية الى شقتها واخذت تسقي السنادين المليئة بازهار الياسمين التي تذكرها بياسمين الشام تنهدت و حمدت الله على نعمة الحياة و ادركت مبتسمةً ان أجمل ما في الوجود هو وجود الله رب العالمين و السعادة الحقيقية هي بالقرب من الله " الا بذكر الله تطمئن القلوب " .


انتهى



#انتهاج4

#اصنع_قصة

Report Page