لا تَصالح
مجلة بلاغ العدد ٤٠ - صفر ١٤٤٤
كلمة التحرير
رددت قبل أيام جماهير الثورة السوية هذا الشعار "لا تَصالح" في مواجهة التصريحات التركية الداعية للتصالح مع النظام النصيري المجرم، والعاملة على تطبيق حل "سياسي" يجمع "النظام" مع "المعارضة"..
خرجت الجماهير في مظاهرات شعبية، ووقفات احتجاجية، وبيانات، وتصريحات، وتغريدات..، تعبر عن رفضها لأي خطوة تهدف للتقارب مع النظام الطاغوتي النصيري المجرم الذي ارتكب جرائم كبرى في حق هذا الشعب الأبي.
وقد أفادت هذه التحركات تجديدا لمعاني الثورة، وتأخيرا للمؤامرات التي تحاك ضدها، وضغطا على المتاجرين بقضيتها من الدول والكيانات والشخصيات التي لا تعرف للمبادئ قيمتها ولا للحق قضيته.
وقد أكد هذا النشاط إن التصالح مع النظام البعثي النصيري المجرم هو انقلاب على الثورة وطعن فيها وعداوة صريحة لها؛ فمصالحة الدول الإقليمية للمجرمين تقوية لهم وشرعنة لفعالهم وتسويق لإجرامهم وفت في عضد المظلومين، وتلك المصالحة الإقليمية إن تضمنت دعوة الثوار للمصالحة والضغط عليهم في سبيل ذلك تحولت لاصطفاف مع المجرم السفاح ضد شعب مكلوم
وليس يكون المرء سلم صديقه
إذا لم يكن حرب العدوّ المخالف
* وإن استثمار وعي الجماهير بخطورة التصالح مع النظام المجرم يقتضي:
- التأكيد على هوية الصراع في سوريا، وأنه جهاد في سبيل الله تعالى ضد طاغوت يحكم بغير ما أنزل الله وينشر الكفر والفساد ويحارب الإسلام ويقتل الأبرياء وينتهك الأعراض ويسعى في الأرض فسادا..، وإن نزع الهوية الإسلامية عن الصراع أو تغييبها وتحويله لمجرد "خلاف سياسي" و"انتهاكات حقوق إنسان" هو استسلام للعدو وتسليم للمستضعفين إلى مذابح التفتيش المتوقعة..
- تحديد وتعيين الخطوات الإجرامية التصالحية التي تسير فيها دول أو كيانات أو شخصيات محسوبة على الثورة، والتبرؤ القوي منها؛ مثل مؤتمرات الأستانا وسوتشي وجنيف، وكقرار الأمم المتحدة رقم 2254، وكذلك ما يقوم به بعض المتسلطين من تجميد الجبهات، والتغاضي عن المجازر التي يرتكبها العدو في أسواق ومدارس ومشافي المدن المحررة، ومحاربة المجموعات المجاهدة، وحماية الدوريات الروسية، وفتح معابر التهريب مع النظام النصيري...
- المصالحون للنظام المجرم يثقون في أنهم سلبوا قرار المنطقة ووضعوا دمى تابعة لهم في الشؤون المفصلية فيها كغرف العمليات والحكومات الصورية، وعندهم أوراق ضغط على أغلب من سلطوهم بالمنطقة عبر: التحكم في المعابر، والدعم، والجنسية، وبطاقة الحماية المؤقتة، ومستندات الفساد لهم..؛ فتحرير القرار واستعادته ضروري جدا لإفشال مخطط التصالح، ولا يمكن تحرير القرار إلا بعد التفريق الجلي بين "الاعتصام بحبل الله" الذي هو فريضة شرعية و "الاعتصام بحبل الداعم" الذي هو خنجر مسموم في ظهر الثورة؛ فإن حماة الروس الأستانيين يستغلون الخلط بين الأمرين ليستمروا في تجارتهم بالجهاد والثورة تحت مزاعم التوحد الذي يصرون على أن يكونوا كعادتهم رؤوس فساد وإفساد وحرف للبوصلة فيه، وإن "تقديس" المؤسسات الفاسدة هو من أهم مفردات الخطاب البعثي في معارضته للثورة، وهو اليوم من أهم مفردات خطاب المفسدين في حربهم للإصلاح.
- النخب الواعية عندما تواجه مؤامرة خارجية داخلية كبرى مثل مؤامرة التصالح مع النصيرية فإنها تعلم أن شياطين الإنس سيعملون جاهدين على إفشال سعيهم؛ لذا فإن كتمان خطط الإصلاح والسير فيها بحذر مهم في تجديد الثورة.