عبير الضحية القاتلة | سوزان بخيت

عبير الضحية القاتلة | سوزان بخيت

-مشروع يقظة فكر.

بينما كانت نهى ترتشف مشروبها الساخن وتتصفح الأخبار، إذا بها تتفاجأ بالعنوان "انتحار اللاجئة عبير الحجازية"


انتفضت نهى في جلستها واعتدلت لقراءة تفاصيل الخبر ولم تأبه بنظرات من حولها المتسائلة

(أعلنت السّلطات الكندية انتحار اللاجئة “عبير الحجازيّة" البالغة من العمر ٢٨ عامًا، والّتي لم يمضِ على لجوئها وهروبها من “مصر“ سوى الثلاث سنوات، فبعد أن تلقّت السلطات الأمنية بلاغًا عن وجود رائحة تنبعث من شقّة رقم “612“ وبعد زيارتهم للمكان وجدوا جثة متعفنة وبجوارها رسالة بخط يد مكتوبٌ عليها “تعبت لم يعد للحياة قيمة، انتهى الدور“. ليتأكد فيما بعد أن الرسالة لعبير، باشرت اللجنة الأمنية التحقيق، لتعلن انتحار “عبير الحجازية“ دون إضافة تفاصيل أخرى!)


انتهت نهى من قراءة الخبر ولم تستطع منع دموعها التي انسابت على وجنتيها وقد عادت بذاكرتها لثلاث سنوات مضت، حينما التقت بعبير في أحد المطارات وكانت كليهما في انتظار طائرتها والتي ستقلع بعد عدة ساعات.


تذكرت كيف كانت عبير فتاة حائرة ومشتتة وقد بدا عليها أعراض الاكتئاب وتأكدت من ذلك حينما استمعت لقصتها

حاولت نهى محاورة عبير وقتها لكن الأمر كان يحتاج لأكثر من جلسة 


همست نهى لنفسها: ما زلت أتذكر كلماتك التي بثثتها إلي من بين دموعك وأنت ترددين: (لماذا تحكمين علي مثلهم يا نهى، لماذا لا يفهمني أحدا

لقد حرمت من الحب والرعاية صغيرة، وجف قلبي من شدة الحرمان العاطفي من أمي، وتعبت من قسوة أبي وشدته، أنا بشر ولي أحاسيس ومشاعر، وليس إنسان آلي يتحكمون فيه ويحكمون على مشاعره بالإعدام، أنا فتاة أغرق في محيط الحرمان، أعاني الألم والفقد وقلبي كان يقتطع كل ليلة، حتى وجدت "أمل"، أمل التي أعادت لي الحياة حينما غمرتني بالحب والرعاية حتى عشقتها عشقا ولم تعد تشبعني كلماتها بل اشتد حبي وتعلقي بها حتى رغبت في التواصل الجسدي معها لأشبع جوعي العاطفي

وفضلا لا تخبرينني أن هذا حرام وأنه من فعل قوم لوط، فقد اكتفيت من هذه الحوارات وقد كانت السبب الرئيسي في إلحادي حتى أتحرر من كل تلك القيود التي تخنقونني بها، القيود التي تقيدونني بها على حسب هواكم، القيود التي تجعل الوالدين يهينون ويقسون على الأبناء وتجبر الأبناء بالطاعة والبر وإلا أصبحنا عاقين ومرتكبين للكبار.


تعبت وتعبت وتعبت ولم أعد أتحمل

تحررت من فطرتي التي ترفض شذوذي لأسكن ألم روحي

وتحررت من ديني الذي يحرم شذوذي والذي يفرض علي بر من يستغل الدين لصالحه وينفي أي حق شرعي لي.


توقعت أن أجد الراحة والسعادة خاصة بعدما طلبت اللجوء إلى كندا ولكني ما زلت أتعذب وأتخبط ولم أعد أشعر لحياتي بأي قيمة أو معنى، اكتشفت كم كنت جاهلة بحقوقي الشرعية وسمحت لأهلي أن يفرضوا علي قناعاتهم الشخصية


أصبحت أتقزز من نفسي لأنها أعانتني على تشويه فطرتي، وندمت على إلحادي

لكني مقيدة ومنهكة ولا أستطيع العودة

تعبت جدا وأصبحت تطاردني فكرة الانتحار)


تذكرت نهى كيف أنها حاولت تبث لعبير كلمات لعلها تسكن روحها حتى أعلنت الميكروفونات وصول الطائرة، 

طلبت نهى من عبير أن تتصل بها وتتواصل معها وانتظرتها كثيرا، لكنها لم تفعل


منذ ذلك اليوم قررت نهى أن تكتب رسائل توعوية من وحي حياة مرضاها الذين تتعامل معهم

رسائل تصحح المفاهيم حول تربية الأبناء من الجانب النفسي

ورسائل تنشر الحب بالبيوت وتصحح المفاهيم الشرعية المغلوطة عند الوالدين


عند هذه اللحظة،

أغلقت نهى الصحيفة ومسحت دموعها ثم أخرجت قلمها لينساب عبيره ويبث الأمل في رسالة جديدة ترسلها لقرائها لعلها تحيي قلبا وتنقذ أسرة وتعيد الوالدين للهدي النبوي في تربية الأبناء بالحب.




#انتهاج4

#اصنع_قصة

Report Page