حول سيد قطب

حول سيد قطب

سُني

1) إرجاء الجهمية

[[ ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ) النساء/ 150، قال : إن الإيمان وحدة لا تتجزأ. ]]

[[  قوله تعالى ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون . الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون . أولئك هم المؤمنون حقًّا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم) الأنفال

إن التعبير القرآني دقيق في بنائه اللفظي ليدل دلالة دقيقة على مدلوله المعنوي، وفي العبارة هنا قصر بلفظ: ( إنما )، وليس هنالك مبرر لتأويله – وفيه هذا الجزم الدقيق – ليقال: إن المقصود هو ” الإيمان الكامل “ فلو شاء الله – سبحانه – أن يقول هذا لقاله، إنما هو تعبير محدد دقيق الدلالة، إن هؤلاء الذين هذه صفاتهم وأعمالهم ومشاعرهم هم المؤمنون، فغيرهم ممن ليس له هذه الصفات بجملتها: ليسوا بالمؤمنين والتوكيد في آخر الآيات: ( أولئك هم المؤمنون حقًّا ) يقرر هذه الحقيقة، فغير المؤمنين ( حقًّا ) لا يكونون مؤمنين أصلًا. والتعبيرات القرآنية يفسِّر بعضها بعضًا، والله يقول: ( فماذا بعد الحق إلا الضلال )، فما لم يكن حقًّا فهو الضلال، وليس المقابل لوصف: ( المؤمنون حقًّا ) هو المؤمنون إيمانًا غير كامل ولا يجوز أن يصبح التعبير القرآني الدقيق عرضة لمثل هذه التأويلات المميعة لكل تصور، ولكل تعبير. لذلك كان السلف يعرفون من هذه الآيات أن من لم يجد في نفسه وعمله هذه الصفات لم يجد الإيمان، ولم يكن مؤمنًا أصلًا..... فأخبر الله تعالى أنهم ليسوا بمؤمنين، ثم وصف الله المؤمنين فقال: ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) فأدوا فرائضه، ( وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا ) يقول: زادتهم تصديقًا، ( وعلى ربهم يتوكلون ) يقول: لا يرجون غيره. وسنرى مِن طبيعة هذه الصفات أنه لا يمكن أن يقوم بدونها الإيمان أصلًا؛ وأن الأمر فيها ليس أمر كمال الإيمان أو نقصه، إنما هو أمر وجود الإيمان، أو عدمه ]]

[[ هنا تعرض قضية: «الإيمان يزيد وينقص» وهي قضية من قضايا الفرق وقضايا علم الكلام في فترة الترف العقلي والفراغ من الاهتمامات العملية الجادة.. فلا ندخل نحن الآن فيها. ]]

👈 ظلال القرآن

2) موافقته للأشعرية في تعريف الإله بقصره على بعض معان توحيد الربوبية

[[ قوله تعالى في سورة القصص: (وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ ): أي: فلا شريك له في خلق، ولا اختيار ]]

[[ فقضية الألوهية لم تكن محل خلاف إنما قضية الربوبية هي التي كانت تواجهها الرسالات وهي التي كانت تواجهها الرسالة الأخيرة ]]

👈 ظلال القرآن

3) نفيه للصفات

[[ قوله تعالى ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الزمر : وكلُّ ما يرد في القرآن، وفي الحديث، من هذه الصور، والمشاهد: إنما هو تقريب للحقائق, التي لا يملك البشر إدراكها بغير أن توضع لهم في تعبير يدركونه، وفي صورة يتصورونها، ومنه هذا التصوير لجانب من حقيقة القدرة المطلقة، التي لا تتقيد بشكل، ولا تتحيز في حيز، ولا تتحدد بحدود ]]

قال عند تفسير قوله تعالى ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) البقرة : ويُكثر المفسرون والمتكلمون هنا من الكلام عن خلق الأرض والسماء، يتحدثون عن القبلية والبعدية، ويتحدثون عن الاستواء، والتسوية، وينسون أن ” قبل ” و ” بعد “: اصطلاحان بشريان لا مدلول لهما بالقياس إلى الله تعالى، وينسون أن الاستواء والتسوية اصطلاحان لُغويان، يقربان إلى التصور البشري المحدود صورة غير المحدود ولا يزيدان، وما كان الجدل الكلامي الذي ثار بين علماء المسلمين حول هذه التعبيرات القرآنية، إلا آفة من آفات الفلسفة الإغريقية، والمباحث اللاهوتية، عند اليهود والنصارى، عند مخالطتها للعقلية العربية الصافية، وللعقلية الإسلامية الناصعة، وما كان لنا نحن اليوم أن نقع في هذه الآفة، فنفسد جمال العقيدة وجمال القرآن بقضايا علم الكلام ]]

[[  قوله تعالى ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) الحديد/ 4:

أما الاستواء على العرش: فنملك أن نقول: إنه كناية عن الهيمنة على هذا الخلق! استنادًا إلى ما نعلمه من القرآن عن يقين من أن الله – سبحانه – لا تتغير عليه الأحوال، فلا يكون في حالة عدم استواء على العرش، ثم تتبعها حالة استواء، والقول بأننا نؤمن بالاستواء ولا ندرك كيفيته لا يفسر قوله تعالى: ( ثم استوى )، والأولى أن نقول: إنه كناية عن الهيمنة كما ذكرنا، والتأويل هنا لا يخرج على المنهج الذي أشرنا إليه آنفًا؛ لأنه لا ينبع من مقررات وتصورات من عند أنفسنا، إنما يستند إلى مقررات القرآن ذاته، وإلى التصور الذي يوحيه عن ذات الله سبحانه وصفاته ]]

[[ ولا مجال للخوض في معنى الاستواء إلا بأنه رمز السيطرة . ]]

[[ وهكذا القرآن، حروف وكلمات يصوغ منها البشر كلاما وأوزانا، ويجعل منها الله قرآنًا وفرقانًا، والفرق بين صنع البشر وصنع الله من هذه الحروف والكلمات، هو الفرق ما بين الجسد الخامد والروح النابض ]]

[[ ( الم. تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) السجدة : والفارق بين القرآن وما يصوغه البشر من هذه الحروف من كلام: هو كالفارق بين صنعة الله وصنعة البشر في سائر الأشياء، صنعة الله واضحة مميزة، لا تبلغ إليها صنعة البشر في أصغر الأشياء ]]

[[ هذا الحرف، ” صاد ” يقسم به الله سبحانه كما يقسم بالقرآن ذي الذكر، وهذا الحرف من صنعة الله تعالى، فهو موجده، موجده صوتًا في حناجر البشر، وموجده حرفًا من حروف الهجاء التي يتألف من جنسها التعبير القرآني ]]

[[ عن الحروف المقطعة في سورة العنكبوت :  ولكنهم لا يملكون أن يؤلفوا منها مثل هذ الكتاب ، لأنه من صنع الله لا من صنع إنسان ]]

[[ والشأن في هذا الإعجاز هو الشأن في خلق الله جميعا وهو مثل صنع الله في كل شيء وصنع الناس ]]

[[  إن القرآن ظاهرة كونية كالأرض والسماوات ]]

[[ وكما أن الروح من الأسرار التي اختص الله بها؛ فالقرآن من صنع الله الذي لا يملك الخلق محاكاته، ولا يملك الجن والإنس – وهما يمثلان الخلق الظاهر والخفي – أن يأتوا بمثله، ولو تظاهروا وتعاونوا في هذه المحاولة، [ قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ] ؛ فهذا القرآن ليس ألفاظاً وعبارات يحاول الإنس والجن أن يحاكوها، إنما هو كسائر مايبدعه الله يعجز المخلوقون أن يصفوه، فهو كالروح من أمر الله، لا يدرك الخلق سره الشامل الكامل، وإن أدركوا بعض أوصافه وخصائصه وآثاره ]]

👈 ظلال القرآن

4) إنكار حجية آحاديث الآحاد في الاعتقاد موافقة للأشعرية

[[ وقد وردت روايات بعضها صحيح ولكنه غير متواتر: أن لبيد بن الأعصم اليهودي سحَر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، قيل أيامًا، وقيل أشهرًا، حتى كان يخيَّل إليه أنه يأتي النساء وهو لا يأتيهن في رواية، وحتى كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله في رواية، وأن السورتين نزلتا رقية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استحضر السحر المقصود كما أخبر في رؤياه وقرأ السورتين انحلت العقد، وذهب عنه السوء. ولكن هذه الروايات تخالف أصل العصمة النبوية في الفعل والتبليغ! ولا تستقيم مع الاعتقاد بأن كل فعل من أفعاله صلى الله عليه وسلم وكل قول من أقواله سنَّة وشريعة، كما أنها تصطدم بنفي القرآن عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مسحور، وتكذيب المشركين فيما كانوا يدعونه من هذا الإفك، ومن ثم تستبَعد هذه الروايات! وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في أمر العقيدة! والمرجع هو القرآن! والتواتر شرط للأخذ بالأحاديث في أصول الاعتقاد! وهذه الروايات ليست من المتواتر، فضلًا على أن نزول هاتين السورتين في مكة هو الراجح، مما يوهن أساس الروايات الأخرى ]]

👈 ظلال القرآن

5) قوله بالحلول

[[ قوله تعالى ( قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآَيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ ) الشعراء/ 15: والله معهما، ومع كل إنسان، في كل لحظة، وفي كل مكان. ]]

[[  قوله تعالى ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) الحديد/ 3:

( وهو بكل شيء عليم ) علم الحقيقة الكاملة، فحقيقة كل شيء مستمدة من الحقيقة الإلهية وصادرة عنها، فهي مستغرقة إذن بعلم الله اللدني بها، العلم الذي لا يشاركه أحد في نوعه وصفته وطريقته، مهما علم المخلوقون عن ظواهر الأشياء!. فإذا استقرت هذه الحقيقة الكبرى في قلب: فما احتفاله بشيء في هذا الكون غير الله سبحانه؟ وكل شيء لا حقيقة له ولا وجود – حتى ذلك القلب ذاته – إلا ما يستمده من تلك الحقيقة الكبرى، وكل شيء وهَم ذاهب، حيث لا يكون ولا يبقى إلا الله، المتفرد بكل مقومات الكينونة والبقاء. وإن استقرار هذه الحقيقة في قلب ليحيله قطعة من هذه الحقيقة. فأما قبل أن يصل إلى هذا الاستقرار: فإن هذه الآية القرآنية حسبه ليعيش في تدبرها وتصور مدلولها، ومحاولة الوصول إلى هذا المدلول الواحد وكفى! ولقد أخذ المتصوفة بهذه الحقيقة الأساسية الكبرى، وهاموا بها وفيها، وسلكوا إليها مسالك شتى، بعضهم قال إنه يرى الله في كل شيء في الوجود! وبعضهم قال: إنه رأى الله من وراء كل شيء في الوجود! وبعضهم قال: إنه رأى الله فلم ير شيئًا غيره في الوجود! وكلها أقوال تشير إلى الحقيقة!! إذا تجاوزنا عن ظاهر الألفاظ القاصرة في هذا المجال، إلا أن ما يؤخذ عليها – على وجه الإجمال – هو أنهم أهملوا الحياة بهذا التصور ]]

[[ عن سورة الإخلاص : إنه أحدية الوجود ، فليس هناك حقيقة إلا حقيقته ، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده ، وكل موجود آخر فإنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي ، ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية وهي من ثم أحدية الفاعلية فليس سواه فاعلا لشيء أو فاعلا في شيء في هذا الوجود أصلا ، وهذه عقيدة في الضمير ، وتفسير للوجود ]]

👈 ظلال القرآن

[[ وحدة الوجود في الظلال : كنت مولعاً بظلال القرآن لمؤلفه (سيد قطب) ولما قرأته وجدت وحدة الوجود في تفسير أول سورة الحديد وسورة الإخلاص ، وغيرها من الأخطاء التي تتنافى مع عقيدة الإسلام  كقوله عن تفسير الاستواء الوارد في عدة آيات : كناية عن السيطرة والهيمنة  وهذا مخالف للتفسير الوارد في البخاري عن مجاهد وأبي العالية : في قوله تعالى : ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ﴾، قال مجاهد وأبو العالية : علا وارتفع .و ذكرت ذلك لأخيه (محمد قطب) وقلت له : {علق على كلام أخيك في الظلال ، فقال لي : أخي يتحمل مسئولية كلامه . } وبعد سنتين طلبت مني إحدى دور النشر نشر كتابي الجديد : ( شهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله) .  فذكرت فيه من نواقض الشهادتين : وحدة الوجود عند الصوفية وقرأت في كتاب ( لا إله إلا الله عقيدة وشريعة ومنهج حياة) لمؤلفه (محمد قطب) ذكر فيه نواقض لا إله إلا الله ، ولم يذكر وحدة الوجود  فاتصلت به هاتفياً ، قلت له : أنت مشرف على طبعة الشروق (في ظلال القرآن) أنا أطالبك بالتعليق في الحاشية امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم القائل : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) . وأنت تستطيع أن تُغير بلسانك وقلمك ، فقال لي : شكر الله سعيك  فشكرته على ذلك ، وطلبت منه نسخة فيها تعليقه على وحدة الوجود فسكت وأسأل الله أن يوفقه لذلك .و قمت بزيارة لأحد العلماء البارزين وعنده أحد مدرسي العقيدة الإسلامية ، وذكرت له وحدة الوجود في الظلال ، فاستغرب ذلك ، وأحضر كتاب الظلال من مكتبته وبدأ يقرأ فيه من أول تفسير سورة الحديد ، حتى وصل إلى قوله { ولقد أخذ المتصوفة بهذه الحقيقـة الأساسية الكبرى وهاموا فيها وبها ، وسلكوا إليها مسالك شتى ، بعضهم قال : إنه يرى الله في كل شئ في الوجود ، وبعضهم قال : أنه رأى الله من وراء كل شئ فـي الوجود ، وبعضهم قال : أنه رأى الله فلم ير غيره في الوجود ، وبعضهم قال : إنه رأى الله فلم ير غيره في الوجود . وكلها أقوال تشير إلى الحقيقة إذا تجاوزنا عن ظاهر الألفاظ القاصرة في هذا المجال ، إلا أن ما يؤخذ عليهم على وجه الاجمال هو أنهم أهملوا الحياة بهذا التصور ، والإسلام في توازنه المطلق يريد من القلب البشري أن يدرك هذه الحقيقة ويعيش بها ولها } . فأنكر العلماء الموجودون هذه الوحدة ، ووافقوا على أن يُعلق (محمد قطب) عليها ]]

👈 شهادة الإسلام لمحمد جميل زينو


6) الخارجية

[[  أن يحدث هذا الإنقلاب الشامل في جميع المعمورة ، هذه غايته العليا ومقصده الأسمى ، الذي يطمح إليه ببصره ، إلا أنه لا مندوحة للمسلمين أو أعضاء الحزب الإسلامي عن الشروع في مهمتهم بإحداث الإنقلاب المنشود والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنونها  ]]

[[  وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ..» .. وأمام هذا التقرير الأخير نقف، لنتدبر هذا الحسم وهذه الصراحة في شأن الحاكمية والطاعة والاتباع في هذا الدين.. إن النص القرآني لقاطع في أن طاعة المسلم لأحد من البشر في جزئية من جزئيات التشريع التي لا تستمد من شريعة الله، ولا تعتمد على الاعتراف له وحده بالحاكمية.. أن طاعة المسلم في هذه الجزئية تخرجه من الإسلام لله، إلى الشرك بالله ]]

👈 ظلال القرآن

[[ وكان يرى أن تربية العقيدة وتصحيحها هو بالإسلام، فكان قوام هـذا البنــاء العقدى هما :

أولاً : أن الاعتقاد الإسلامي يقوم على الفهم الحقيقي والتدقيق لمعنــــى التوحيد الوارد في كلمة "لا إله إلا الله وقال أن هذا المعنــى كــان يفهمــه المسلمون الأوائل أو العرب في صدر الإسلام، لأنهم كانوا على دراية تامة باللغة العربية وهم أهلها ، ولكن الناس في هذا الزمن الذي نعيشه قــــد فـقــدوا معنى اللغة والإحساس بها، وقد تعددت اللهجات بحيث لا تعنى المعنى نفسه، فقد يقال في الصيد إن فلاناً قد قتل فلاناً ولو شهدت المحكمة بهذا لأعـــدم القاتل، ولكنها عندهم تعنى أنه ضربه بشدة. كان الأستاذ سيد قطب يدلل بذلك على أن اللغة العربية قد تعددت لهجاتها بشكل أفقدها معناها الأساسي، وأنها مستهدفة بقصد تضليل الفكــ الإسلامي وتحريفه، وأن فهم كلمة "لا إله إلا الله أيام الرسول كــان يعنــــي الإيمان بالله ورسوله إيماناً بالله ورسوله إيماناً قاطعاً ينفي أي تبعية أو إيمان خضوع أو خوف من أى شئ آخر إلا بالله، وكان الرسول يقول للناس تؤمن بالله وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه، وهذا معنى انتقاء وجود الأرباب لأن خلع دماً دون الله هو عدم الخضوع لأى أحد أو فكر أو عــادة أو عـــرف يخالف أمر الله، ولذلك فإن فهم الإسلام وإعادة تذكير الناس به بهذا المفهـوم وهو ضرورة حقيقية لإعادة بعث الفكر الإسلامي والعقيدة في نفوس المسلمين الذين تاهوا عن الطريق والذين قد انحرفوا وابتعدوا عن أصل العبادة، فلا سلطان لحاكم يحكم بغير شرع الله ولا سلطان لأب بـأم أبناءه بعصيان الله، فقد قال الله في موقف سيدنا إبراهيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه عن موعدة وعدها إياه فلما تبين أنه عدو الله تبرأ منه، وإن طاعة المرأة لبيوت الأزياء، حيث يلبسونهن غير ما شرع الله فيطعنهم فذلك عبــــادة لهم وهكذا قياساً على هذه الأمثلة.

ثانياً : : إن رحلة الأنبياء من أول نوح حتى محمد ـ عليه الصلاة والسلام - تتلخص فى أمرين : الدعوة إلى الإسلام , الأنبياء قد جاءوا بهذا المعنى توحيد الله سبحانه وتعالى: "أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً" ثم "إن الدين عند الله الإسلام" هذان المعنيان هما رأس الرسالات المتعاقبة من أول نوح حتى محمد، وهذا تدليل على وحدة الرسالات السابقة منذ بداية الخلق ولهذا فإن كان ذوو الأديان السابقة للإسلام قد فرطوا في عقيدتهم وبعـدوا عنها فقد اعتبروا متخلفين عن دينهم واعتبروا أنهم عادوا إلى الجاهلية مرة أخرى، ولذلك فإن بعد المسلمين بنفس القدر وإذ فرطوا فهم بذلك قد استحقوا أن يقال عنهم أنهم ارتكنوا إلى الجاهلية هم أيضاً، وأنه لابد من إعادة تصحيح عقيدتهم مرة أخرى، وقد رأينا حين قيل لنا هذا القول أن الناس ليسوا مسلمين ويترتب على هذا الإحساس أمور كثيرة وخطيرة منها اعتبار الناس كفرة ويترتب على ذلك نأكل ذبيحتهم وألا نتزوج منهم وأن نعتزلهم وأن نستبيحهم .. وأن .. وأن .. الخ. نرى من ذلك أن هذا الفكر كان الأم المخزية لجماعات كثيرة انتهجت هذا النهج وصارت عليه، بل زادت انحرافا عنه منها جماعة التكفير والهجرة وبعض الجماعات الأخرى حتى أن تنظيم القاعدة يعتبر فكر سيد قطب نبراساً له ودليلا يهتدون به في وضع خططهم وكان الأستاذ سيد قطب يرى أن الأستاذ البنا كان عالماً بما نفعل وكان الهدف واضحاً في ذهنه أنه قد حدد له الوسائل والمراحل بدليل وجود مجموعات في الشعب ووجود تنظيم خاص لهذا البرنامج وأن الدعاة في مثل حالتنا لا ينبغي أن يقولوا كلمــا يـرون للمسلمين أو للناس لأننا لو قنا لهم ابتداء أنهم غير مسلمين لنفروا منا، ولكن ينبغي أن يكون هذا الفهم بيننا لولا نجهر به للآخرين وإنما علينا أن نحاول فقط تصحيح اعتقاداتهم وتفهيمهم ثم ربط تصحيح اعتقادهم وتفهيمهم ثم ربطهم بنا في النهاية. ]]

[[ ثم بدأ الحديث معنا حول البناء العقدي الجديد الذي يراه، وكان قوام هذا البناء يقع في أمرين أساسيين هما :

أولاً : أن الاعتقاد الإسلامي يقوم على الفهم الحقيقي والدقيق لمعنى التوحيد الوارد في كلمة "لا إله إلا الله وقال إن هذا المعنى كان يفهمه المسلمون الأوائل أو العرب في صدر الإسلام ، لأنهم كانوا على دراية تامة باللغة العربية وهم أهلها، لكن الناس في هذا الزمن الذي نعيشه قد فقدوا معنى اللغة والإحساس بها، وقد تعددت اللهجات بحيث لا تعنى المعنى نفسه. فقد يقال في الصعيد "أن فلاناً قد قتل فلاناً ولو شهدت المحكمة بهذا لأعدم القاتل، ولكنها عندهم تعنى أنه ضربه بشدة". كان الأستاذ سيد قطب يدلل بذلك على أن اللغة العربية قد تعددت لهجاتها بشكل أفقدها معناها الأساسي، وأنها مستهدفة بقصد تضليل الفكر الإسلامى وتحريفها وأن فهم "لا إله إلا الله" أيام الرسوم كان يعنى الإيمان بالله ورسوله إيماناً قاطعاً ينفى أى تبعية أو إيمان أو خضوع أو خوف من أى شئ آخر إلا الله، وكان الرسول يقول للناس : أن تؤمنوا بالله، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه .. وهذا هو معنى انتفاء وجود الأرباب لأن خلع ما دون الله هو عدم الخضوع لأى أحد أو فكر أو عادة أو عُرف يخالف أمر الله ولذلك فإن فهم الإسلام وإعادة تذكير الناس به بهذا المفهوم هو ضرورة حقيقية لإعادة بعث الفكر الإسلامى والعقيدة الإسلامية فى نفوس المسلمين الذين تاهوا عن الطريق والذين قد انحرفوا وابتعدوا عن أصل العبادة. ثانياً : أن رحلة الأنبياء من أول نوح حتى محمد عليه الصلاة والسلام تتلخص في أمرين :

- الدعوة إلى إسلام الأمر الله.

- إن الدين هو الإسلام.

فجميع الأنبياء قد جاءوا بهذا المعنى توحيد الله سبحانه وتعالى، أن تعبدوا الله لا تشركوا به شيئاً، ثم إن الدين عند الله الإسلام. هذان المعنيان هما "أب" الرسالات المتعاقبة من أول نوح حتى محمد عليه السلام. وهذا تدليل على وحدة الرسالة منذ بداية الخلق. ولهذا فإذا كان ذوو الأديان السابقة للإسلام قد فرطوا فى عقيدتهم وبعدوا عنها ، فقد اعتبروا متخلين عن دينهم، واعتبروا أنهم عادوا إلى الجاهلية مرة أخرى .. ولذلك فإذا بعد المسلمين بالقدر نفسه وفرطوا فهم بذلك قد استحقوا أن يقال عنهم أنهم ارتكنـوا إلى الجاهلية هم أيضاً، وأنه لابد من إعادة تصحيح عقيدتهم مرة ثانية. كان هذا الأمر جديداً علينا بهذا الفهم، فإنه يؤدى – حين تتعمق فيه وتسير على دربه - إلى أن تستشعر أنك بعيد عن عقيدة الناس، وأن الناس قد بعدوا عن دينهم وتستطيع الإحساس بأنك فى واد وهم في واد آخر، وأنهم فعلاً ليسوا بمسلمين ويترتب على هذا الإحساس أمور كثيرة وخطيرة منها اعتبار الناس كفرة، ويترتب على ذلك ألا تأكل ذبيحتهم وألا تتزوج منهم، وأن تعتزلهم، وأن تستبيحهم .. وأن .. وأن .. وأن .. الخ، كان هذا اتجاهاً خطيراً، ولكنا اندمجنا فيه، مع هذه المحاضرات التي بدأها معنا الأستاذ سيد قطب، وكان قد حدد لنا بعض الكتب التى ندرسها فى هذا الاتجاه ومنع عن أن ندرس كتباً أخرى حتى لا تغبش الرؤية التي يريدنا أن نكون عليها. ترتب على هذا أحياناً - حين كنا ننزل بتلك الأفكار على إخواننا أن جاءني أحد الإخوان وقال لي: إنه سوف يرفض أكل ذبيحة المسلمين الموجودين حالياً، فذهبت إلى الأستاذ سيد قطب وسألته عن ذلك فقال : { دعهم يأكلوها، فليعتبروها ذبيحة أهل كتاب فعلى الأقل المسلمون الآن "أهل كتاب".} ومرة أخرى جاءني أحد الإخوان يقول : { إننا مازلنا نعمل على إقامة الدين وإقامة جماعة إسلامية على الأصول الشرعية، فلابد أن نقيم الحد فيما بيننا، أي أن نجلد الزاني أو نرجمه إن كان متزوجاً، أن نجلد شارب الخمر، وأن نجلد رامي المحصنات } واستشعرت أننا مقبلون على خطر لسنا أهلاً له. فذهبت للأستاذ سيد قطب مرة أخرى أسأله النصيحة فقال لي: { قل لهم إن إقامة الحدود مشروطة بالسيطرة على الأرض، فلا حدود بدون دولة، ولا دولة بدون أرض، ما دمنا غير مسيطرين على الأرض لا نستطيع أن نقيم حكومة إسلامية ولا أن نقيم الحدود } . كانت مثل هذه المشاكل التي أسوقها عبارة عن "عينة" من التساؤلات التي كانت تطل علينا بين حين وآخر من داخل المجموعة. وكنا نتعامل معها في حينها كلّ في وقته .. وتعددت لقاءاتنا بالأستاذ سيد قطب وتعددت أحاديثه حول هذه المعاني التي لا أريد أن أطيل فيها أكثر من ذلك، لأنه لابد أن يفرد لها مكان آخر لتناقش بالتفصيل من الناحية الفقهية والعقيدية والمسائل الشرعية فيها.

وكان ثاني الأمور التي تحدث فيها معنا - في محاضراته ـ هـو حديثه عن الجماعة ، فقال : إن الأستاذ البنا كان عالماً بما يفعل. وكان الهدف واضحاً في ذهنه، أنه لا خلاف معه على أمر ، وقد حدد له الوسائل والمراحل بدليل وجود مجموعات في "الشعب" ووجود تنظيم خاص لهذا البرنامج، وأن الدعاة في مثل حالتنا لا ينبغي أن يقولوا كل ما يرون للمسلمين أو للناس لأننا لو قلنا لهم - ابتداء - أنهم غير مسلمين لنفروا منا، ولكن ينبغي أن يكون هذا الفهم بيننا ولا نجهر به للآخرين، وإنما علينا أن نحاول فقط تصحيح اعتقادهم وتفهيمهم، ثم ربطهم بنا في النهاية. ]]

[[ يرى سيد أنه قد استطاعت الثورة أن تقوم بإيذاء شديد للإسلام ومبادئه وعاداته وأعرافه وتقاليده المتأصلة في النفوس. وبدأت تحاربها واحدة واحدة، حتى نالوا من الإسلام ككل ، وحتى ضعف الإسلام في النفوس. وحتى بات الناس يعبدون الله الله وهم هياكل لا روح فيها. وكان هذا هو المطلوب: أن ينسى الناس إسلامهم ودينهم ويصلوا إلى الحد الذى يكونون فيه أقرب ما يكون من أهل الكتاب" الذين ضيعوا دينهم قبل ذلك من اليهود والنصارى.... و دعمت انتشار الموضة عن طريق دور الأزياء، وتوجيه الحديث فيها إلى المرأة بتكثيف شديد حتى تعتاد أن تطيع دور الأزياء، وهي بذلك جعلت طاعتها لغير الله. وهي بذلك دخلت في دور الشرك، إذن فقد كانت الأمور كلها مخططة ومدروسة دراسة كاملة حتى يحيطوا بالعادات الإسلامية والأخلاق الإسلامية ويفتنونها من كل جانب.... وبعد أن وصل المجتمع إلى ما وصل إليه من ارتكاسة ومن ركون إلى الفساد ومن تضييع لبقايا الدين، كان هذا سبباً في الحكم عليه أن أصبح مجتمعاً جاهلياً بعد عن دينه وفرط. وكان لابد من إعادة بعث الإسلام في النفوس مرة أخرى، وكان لابد من وضع خطة للعمل الإسلامي قائمة على المنهج القرآني وعلى فعل الصحابة ... وكل ذلك كان لابد أن يتم في مجموعة أولى تأخذ حظها من التربية، وكان مطلوب ألا نجهر بعدائنا للمجتمع الجاهلي وألا نخبرهم برأينا فيهم حتى لا يبتعدوا عنا، ونستطيع أن ننتقى منهم الصالح للتربية .... في هذه المرحلة ينبغي على الأفراد المنتظمين في الحركة أن ينفصلوا شعورياً عن المجتمع وألا يشاركوه في شيء بينهم وبين أنفسهم، ولا يجهرون بذلك حتى يكتمل نضجهم وتتم تربيتهم، وتتم توسعة رقعتهم وزيادة أعدادهم على قدر الإمكان، ثم تأتى بعد ذلك مرحلة أخرى هي مرحلة "المفاصلة" وهى أن يقف رجالات هذه الدعوة ويفاصلوا المجتمع ويقولوا : { إن هذا طريقنا وهذا طريقكم، فمن أراد أن يلحق بنا فهو مسلم ومن وقف ضدنا، فقد حكم على نفسه بالكفر}، ولكل أن يتخذ ما يراه من موقف في هذه الحالة ويفصل الله بين الطرفين بشيء أو بآخر. فإما أن ينصر الفئة المؤمنة وتأخذ بزمام الأمور ، وإما أن يكون العكس ويكون في قضاء الله أن تُذبح هذه الفئة المؤمنة، كما حدث لأصحاب الأخدود الذين فاصلوا قومهم، ثم قضى عليهم عن طريق دفنهم في الأخدود كما جاء في القرآن الكريم.]]

📚 التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين | علي العشماوي


يراجع مقال النقض على الحركية الجهادية


7) سوء الأدب مع دين الله

[[ ولا بد للإسلام أن يحكم لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية معا مزيجا كاملا يتضمن أهدافهما جميعا ويزيد عليهما التوازن والتناسق والإعتدال ]]

👈 المعركة

8) سوء أدبه مع كتاب الله

[[ هذه السورة ( يقصد سورة النجم ) في عمومها كأنها منظومة موسيقية علوية، منغمة، يسري التنغيم في بنائها اللفظي كما يسري في إيقاع فواصلها الموزونة المقفاة، ويلحظ هذا التنغيم في السورة بصفة عامة، ويبدو القصد فيه واضحًا في بعض المواضع، وقد زيدت لفظة أو اختيرت قافية، لتضمن سلامة التنغيم ودقة إيقاعه ]]

[[ عن سورة النازعات : وفي الطريق إلى إشعار القلب البشري حقيقة الآخرة الهائلة الضخمة العظيمة الكبيرة يوقع السياق إيقاعات منوعة على أوتار القلب، ويلمسه لمسات شتى حول تلك الحقيقة الكبرى، وهي إيقاعات، ولمسات تمت إليها بصلة، فتلك الحقيقة تمهد لها في الحس وتهيئه لاستقبالها في يقظة وفي حساسية. يمهد لها بمطلع غامض الكنه، يثير بغموضه شيئًا من الحدس والرهبة والتوجس، يسوقه في إيقاع موسيقي راجف لاهث، ومن هنالك، من هذا الجو الراجف الواجف المبهور المذعور: يأخذ في عرض مصرع من مصارع المكذبين العتاة في حلقة من قصة موسى مع فرعون، فيهدأ الإيقاع الموسيقي ويسترخي شيئًا ما ]]

[[ عن سورة العاديات : والإيقاع الموسيقي فيه خشونة ودمدمة وفرقعة، تناسب الجو الصاخب المعفر الذي تنشئه القبور المبعثرة، والصدور المحصل ما فيها بشدة وقوة، كما تناسب جو الجحود والكنود، والأثرة والشح الشديد ]]

[[  قوله تعالى ( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ) الأعراف : وهكذا يسدل الستار على مشهد الهلاك والدمار. ]]

[[ وهذه الحلقة مقسمة إلى مشاهد استعراضية، بينها فجوات، بمقدار ما يسدل الستار على المشهد، ثم يرفع عن المشهد الذي يليه، وهي ظاهرة فنية ملحوظة في طريقة العرض القرآنية للقصة ]]

👈 ظلال القرآن

9) سوء الأدب مع الأنبياء

[[  إن داود الملك النبي ، كان يخصص بعض وقته للتصرف في شؤون الملك ، وللقضاء بين الناس ، ويخصص البعض الآخر للخلوة والعبادة وترتيل أناشيده تسبيحا لله في المحراب ]]

👈 ظلال القرآن

[[  لنأخذ موسى ؛ إنه نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج . { ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه } وهنا يبدوا التعصب القومي كما يبدو الانفعال العصبي وسرعان ما تذهب هذه الدفعة العصبية فيثوب إلى نفسه شأن العصبيين ]]

[[ { فأصبح في المدينة خائفاً يترقب } ، قال: (وهو تعبير مصور لهيئة معروفة، هيئة المتفزع المتلفت المتوقع للشر في كل حركة وتلك سمة العصبيين ]]

👈  التصوير الفني في القرآن

[[ إن الإسلام لم يشأ أن تكون وسيلته إلى حمل الناس على اعتناقه هي القهر والإكراه، في أي صورة من الصور، حتى القهر العقلي عن طريق المعجزة، لم يكن وسيلة من وسائل الإسلام، كما كان في الديانات قبله، من نحو الآيات التسع لموسى، والكلام في المهد، وإحياء الموتى، وإبراء الأكمة والأبرص لعيسى… لقد شاء الإسلام أن يخاطب القوى المدركة في الإنسان، ويعتمد عليها في الإقناع بالشريعة والعقيدة، وذلك جرياً على نظرته الكلية في احترام هذا الإنسان وتكريمه ]]

👈 نحو مجتمع إسلامي

[[ قول الله تعالى: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} الاختلاف في الإسراء أكان يقظة أو مناماً، ثم ذكر عن عائشة أنها قالت: "إن العروج كان بروحه". أقول: وهذا لم يثبت عنها؛ لأن ابن إسحاق روى هذا عن بعض آل أبي بكر عنها، وهذا البعض مجهول، وذكر عن الحسن: "كان في المنام رؤيا رآها". أقول: وهذا لم يثبت عن الحسن، بل روى ابن إسحاق عنه ما يدل على أنه كان في اليقظة ..على أننا لا نرى محلاً لذلك الجدال الطويل الذي ثار قديماً ويثور حديثاً حول طبيعة هذه الواقعة المؤكدة في حياة رسول الله ، والمسافة بين الإسراح والمعراج بالروح أو بالجسم وبين أن تكون رؤية في المنام أو رؤية في اليقظة… المسافة بين هذه الحالات كلها ليست بعيدة، ولا تغير من طبيعة هذه الواقعة شيئاً، وكونها كشفاً وتجلية للرسول عن أمكنة بعيدة وعوالم بعيدة في لحظة خاطفة قصيرة… والذين يدركون شيئاً من طبيعة القدرة الإلهية ومن طبيعة النبوة، لا يستغربون في الواقعة شيئاً، فأمام القدرة الإلهية تتساوى جميع الأعمال التي تبدو في نظر الإنسان وبالقياس إلى قدرته والى تصوره متفاوتة السهولة والصعوبة حسب ما اعتاده وما رآه، والمعتاد المرئي في عالم البشر ليس هو الحكم في تقدير الأمور بالقياس إلى قدرة الله، أما طبيعة النبوة؛ فهي اتصال بالملأ الأعلى، على غير قياس أو عادة لبقية البشر، وهذه التجلية لمكان بعيد أو عالم بعيد، والوصول إليه بوسيلة معلومة أو مجهولة، ليست أغرب من الاتصال بالملأ الأعلى والتلقي عنه، وقد صدق أبوبكر الصديق رضي الله عنه وهو يرد المسألة المستغربة المستهولة عند القوم إلى بساطتها وطبيعتها، فيقول: إني لأصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء ]]

[[{وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا (7) } : إن معجزة الإسلام هي القرآن، وهو كتاب يرسم منهجاً كاملاً للحياة، ويخاطب الفكر والقلب، ويلين الفطرة القويمة، ويبقى مفتوحاً للأجيال المتتابعة تقرؤه وتؤمن به إلى يوم القيامة، أما الخارقة المادية؛ فهي تخاطب جيلاً واحداً من الناس، وتقتصر على من يشاهدها من هذا الجيل، على أن كثرة من كانوا يشاهدون الآيات لم يؤمنوا. وقد ضرب السياق المثل بثمود، الذين جاءتهم الناقة وفق ما طلبوا واقترحوا آية واضحة، فظلموا أنفسهم وأوردوها موارد الهلكة؛ تصديقاً لوعد الله بإهلاك المكذبين بالآية الخارقة، وما كانت الآيات إلا إنذاراً وتخويفاً بحتمية الهلاك بعد مجيء الآية. هذه التجارب البشرية اقتضت ان تجيء الرسالة الأخيرة غير مصحوبة بالخوارق؛ لأنها رسالة الأجيال المقبلة جميعها، لا رسالة جيل واحد يراها، ولأنها رسالة الرشد البشري، تخاطب مدارك الإنسان جيلاً بعد جيل، وتحترم إدراكه الذي تتميز به بشريته، والذي من أجله كرمه الله على كثير من خلقه. أما الخوارق التي وقعت للرسول ، وأولها خارقة الإسراء والمعراج؛ فلم تتخذ معجزة مصدقة للرسالة، إنما جعلت فتنة للنــاس وابتلاء ]]

[[ بقيت لنا كلمة في الرواية التي تقول: إن المشركين سألوا النبي آية، فانشق القمر؛ فإن هذه الرواية تصطدم مع مفهوم نص قرآني مدلوله أن الرسول لم يرسل بخوارق من نوع الخوارق التي جاءت مع الرسل قبله، لسبب معين .. حكمة الله اقتضت منع الآيات – أي: الخوارق – لما كان من تكذيب الأولين بها. وفي كل مناسبة طلب المشركون آية من الرسول ؛ كان الرد يفيد أن هذه الأمر خارج عن حدود وظيفته، وأنه ليس إلا بشراً رسولاً، وكان يردهم إلى القرآن، يتحداهم به، بوصفه معجزة هذا الدين الوحيدة .... فالقول بأن انشقاق القمر كان استجابة لطلب المشركين آية – أي: خارقة – يبدو بعيداً عن مفهوم النصوص القرآنية، وعن اتجاه هذه الرسالة الأخيرة إلى مخاطبة القلب البشري بالقرآن وحده وما فيه من إعجاز ظاهر، ثم توجيه هذا القلب – عن طريق القرآن – إلى آيات الله القائمة في الأنفس والآفاق، وفي أحداث التاريخ سواء… فأما ما وقع فعلاً للرسول من خوارق شهدت بها روايات صحيحة؛ فكان إكراماً من الله لعبده، لا دليلاً لإثبات رسالته… ومن ثم نثبت الحادث – حادث انشقاق القمر – بالنص القرآني وبالروايات المتواترة التي تحدد مكان الحادث وزمانه وهيئته، ونتوقف في تعليله الذي ذكرته بعض الروايات، ونكتفي بإشارة القرآن إليه مع الإشارة إلى اقتراب الساعة، باعتبار هذه الإشارة لمسة للقلب البشري ليستيقظ ويستجيب… وانشقاق القمر إذن كان آية كونية يوجه القرآن القلوب والأنظار إليها، كما يوجهها دائماً إلى الآيات الكونية الأخرى، ويعجب من أمرهم وموقفهم إزاءها، كما يعجب من موقفهم تجاه آيات الله الكونية الأخرى. إن الخوارق الحسية قد تدهش القلب البشري في طفولته، قبل أن يتهيأ لإدراك الآيات الكونية الدائمة والتأثر الثابت الهادئ، وكل الخوارق التي ظهرت على أيدي الرسل صلوات الله عليهم قبل أن تبلغ البشرية الرشد والنضوج يوجد في الكون ماهو أكبر منها وأضخم، وإن كان لا يستثير الحس البدائي كما تستثيره تلك الخوارق ]]

👈 ظلال القرآن

[[ والإسلام هو المنقذ للفكر البشري لا من الأسطورة والوهم وحدهما، بل كذلك من ضغط المعجزة المادية الخارقة للنواميس الكونية المعروفة. فلم يشأ لهذا أن يجبر الفكر البشري على الإذعان له بالخوارق المادية. إنما جعل وسيلته إلى الإدراك البشري وضوحه وبساطته وحقائقه… وحينما اتفق أن كسفت الشمس يوم وفاة إبراهيم – ابن محمد الرسول – وضج الناس للحادث، وقالوا: كسفت الشمس لموت إبراهيم … بادر محمد لنفي هذه الشبهة، كي لا يغشى وضوح العقيدة ونصوعها، وأعلن أن الشمس آية من آيات الله لا تكسف لموت بشر. وبذلك الحزم الصارم، والصدق الناصع، نَهْنَهَ الناس عن الاستسلام للرغبة الكامنة في نفوسهم في التهاويل الغامضة، ولم يسايرها ولم يستغلها لنشر دينه الجديد، لأنها في صميمها مناقضة لطبيعة الدين الجديد. ]]

👈 السلام العالمي والإسلام



الجزء الثاني


Report Page