التعامل مع الموافق والمخالف #2
سُني🟥 بناءاً على إشاعات السجن الحربي قاموا بـ
- تكفير علي العشماوي ( أحد قادتهم ) والتشهير به
- جعله شماعة يعلقون عليها فشلهم
- قطعوا دعمهم عن أسرته في فترة سجنه
- طلقوا منه امرأته و زوجوها لأحدهم في فترة سجنه
- محاولة اغتياله داخل السجن
- إطلاق الشائعات عليه
[[ أصبت بإحباط شديد وغضب وثورة داخلية تكاد تقتلع قلبـي مــن مكانه، حزناً على عمرى الذى أضعته كله مع هذه الجماعة وقررت الانسحاب حتى قبل أن تداهمنا الاعتقالات ودخول السجن، ولكن الأهداف كانت أسرع وأن ما كان الانفصال داخل السجن وتبعه اضطهاد من الجماعة. وتتالت الفتاوى في حقى بالتكفير تارة وبالنفاق تارة أخرى، ورأيت وعشت كيف تخرج الفتاوى من ترزية هذا النوع من الفقه، وساعد على قسوة الأمور ما صاحب الفتاوى من سمع وطاعة من أفراد الجماعة دون أن يعمل أحدهم فكره ويعترض ، ثم فوجئت بعد أن انتهت المحاكمة أن جاءني الأخ عباس السيسي بعرض محدد هو نسيان ما كان في أثناء المحاكمة، نسيان الفتاوى إذا حددت موقفى من الحكومة وهو ما كان إذا كنت أنوى تأييدها أم لا، فأجبته أن الحق أحق أن يتبع وأننى انتهيت منهم تماماً، فزادت جرعة المقاطعة والتشهير، ولكنهم لم يصلوا إلى الحد الذي وصلته معاملة إخوان سنة 1954 لمن خرج عليهم وأيد الحكومة، فقد ضربوهم بشدة. حتى بعد أن خرجت من السجن وجدتهم قد ألفوا كتباً كثيرة تقول عنى الكثير من التشهير، والسبب، وحين تركت لهم المنطقة كلها وذهبت إلى أمريكا وجدت التعليمات إلى الإخوان فى أمريكا قد سبقتني إلى هناك وهكذا فهم يجيدون إيذاء كل من وقف معهم فترة من الزمن، إذا حدث واختلف معهم مرة فقد ساعدتهم السعودية وقطر والكويت والكثير من الدول العربية، فما كان منهم إلا أن أساءوا إليهم وطعنوهم وانقلبوا عليهم، كما كانوا يفعلون مع الأحزاب التي كانوا يتحالفون معها، فعلوا كذلك مع الدول التي آوتهم وأحسنت وفادتهم. وكما قلنا كان مدرسو الإخوان فى جميع هذه البلدان يجندون الشباب ويشحنونهم ضد حكامهم وبلدانهم حتى ينقلبوا عليهم وكلما وجدوا فرصة للانقضاض انتهزوها وكان أبرز مثال على ذلك موقفهم في الكويت حين غزاها صدام حسين فقد وقفوا مع صدام ضد تلك الدولة، مع أنه جاءهم الكثير من التمويل من الكويت على مر الزمن على يد قادتهم هناك مثل الشيخ عبدالله العقيل الذى كان يقوم بتمويل المؤتمر الإسلامي في أمريكا كل عام. ]]
[[ كان رفضي للعرض الذى أشار به الأخ عباس ـ وكان مندوباً عـــن الإخوان ويحدثنى باسمهم - سبباً في اشتداد عمليات الإيذاء، بل إن الأمر قد وصل إلى حد تقنين الإيذاء. وأعنى بالتقنين أنه بدأت عمليات الفتوى، وقد صدرت فتويان: أولاهما : أننى كافر وخارج على الجماعة، وأنه ينبغى التعامل معى على هذا الأساس، وترتب على ذلك أنهم اعتبروا زواجي باطلاً، وأن زوجتي لابد أن تطلق. والفتوى الثانية : إجبار الجميع على أن يقاطعوني، وكان ذلك أحد الأسلحة التي يشهرها الإخوان دائماً فى وجه من يعارضهم أو يخالفهم رأياً .. ، ومع الأسف فإنني سمعت هذه الفتوى من الإخوة الذين أفتوا بها داخل السجن وهم: محمد فتحی رفاعی، عبدالستار فتح الله سعيد، عبدالستار نوير ثم سمعتها بعد ذلك في أمريكا وفى السعودية من بعض الإخوان السابقين الذين التقيت بهم ومازالوا يفتون بها. كان نتيجة تلك الفتوى أن فوجئت بأن زوجتى ـ التي كنت قد تزوجتها قبل أن أدخل السجن بفترة وهى شقيقة الأخ أحمد عبد المجيد - جاءت تطلب الطلاق، ولم يؤلمنى هذا الأمر، فقد كنت أتوقعه. جاءت بالمأذون معها، وجلست عند مأمور السجن، وتم الطلاق في هدوء، وإمعاناً في الإيذاء والإيلام فإنهم كانوا يقولون لى أنها لم تطلق لمجرد أنك محبوس. وقد زوجوها - بالفعل - من أحد الإخوان الموجودين في السجن، وعقدوا العقد وهو مسجون وكأنهم بهذا يقولون لى إننا طلقناها لموقفك من الجماعة. هذا فإنني ظللت كما أنا لم أسب أحداً منهم، ولم أتحدث في شأنه، ولم ومع أطعنه من الخلف، وكنت أرى أننى سوف أقول الكلمة الأخيرة إن شاء الله. موقف آخر تعرضت له من جراء هذه الفتوى فنتيجة لحالتي النفسية السيئة أصابنى المرض واحتجت لبعض "الحقن" التى كانت موجودة في حوزتهم، ولما علموا بمرضى أرسلوا لى الأخ الذى كان مسئولاً عن المسائل الطبية وأتوا ببعض الحقن، لكنه عندما جاء ليعطيني الحقنة شاهدته وهو يملؤها بالهواء مع السائل، فأدركت أن فى الأمر سوءاً، فقلت له: أليس من الأولى أن تفرغ الهواء أولاً ؟ فقال لي: لا تخف فإنه لن يؤذيك. فقلت له: إذا لم تفرغ الهواء فأنا لا أريد الحقنة. فما كان منه إلا أن فعل ثم امتنعوا بعد ذلك عن إعطائى أى حقنة أخرى. ومن هنا توجست منهم خيفة، فتقدمت بشكوى إلى مأمور العنبر وطلبت أن أنقل من بينهم، وجاءني الرد ـ بعد حوالی شهر - بالموافقة، ونقلت إلى عنبر السياسيين وهو عنبر رقم "1" في ليمان طرة بالدور الرابع]]
[[ والأخ محمد شاكر خليل له تاريخ قديم في حركة الإخوان و والحقيقة أننا منذ تعارفنا وجدت نفسى وقد تآلفنا إلى حد كبير، أحسست أنه قريب منى، وأحس هو أنني قريب منه إلى حد ما، ولكني علمت بعد ذلك أنها كانت إحدى الخطط للسيطرة على ردود أفعالي. لقد كان مكلفاً بتوثيق علاقاته معى كي يكون على علم بكل شئ. وأذكر أننى سألته عن. الواقعة التي حدثت من الأستاذ صلاح شادى عندما أمر بإبلاغ البوليس عنا، لكنه أنكر أن يكون ذلك قد حدث، ووعد بأن يتحرى الأمر عندما يعود إلى الواحات وأكد لي أنه سوف يقول لي كل الحقيقة. في هذا اللقاء تطرق الحديث إلى كيفية معاونة أسرة الأخوة المقبوض عليهم، وقلت له : { إن لي بعض المعارف فى المملكة العربية السعودية، وهم يحضرون إلى مصر، وأعتقد أننا يمكن أن ندبر إحضار أموال عن طريقهم إن كانوا يريدون الاستعانة بها لإعانة الأسر } . ولكنه قال لي: { إن هذا الأمر غير مطروح الآن }، وشكرني على ما عرضته، ثم علمت - بعد الإفراج عنى، أنه بحث الأمر مع أخوانه وأرسلوا رسالة إلى المملكة العربية السعودية حملها هارون" المجددى". وقد أخبرني بذلك الأخ "محيى" بعد أن خرجت من السجن وذهبت للحج عام 74 وقال: { إن هارون المجددى حضر إليه برسالة من الإخوان فى سجن الواحات تأمره إن كان يرسل دعماً إلى أسرتى أن يوقفه، وألا يرسل مليماً واحداً إلى أو عن طريقى إلى أى أحد }، وكانت صدمة شديدة لى، فقد كان محمد شاكر خليل آخر من وثقت بهم وكنت أعتقد أنه قريب مني ]]
[[ ويبدو أنهم قالوا له: إننى تركت الدين كله، وأننى لم أعد أصلى وكان رد فعل الرجل أن جاءنى فى أحد الأيام وسألني بأدب شديد سؤالاً واحداً طالباً منى أن أجيب بنعم أو لا . قلت : ما هو : قال: هل تصلى ؟ قلت: نعم ]]
[[ ومن الأمور التي حدثت وأنا في سجن القناطر أنني علمت بأن الأستاذ الهضيبي - الذى سمع منى ولم يرد - قد كتب رسالة أرسلها إلى الإخوان فى جميع السجون فيها الرأى والفتوى بخصوص التعذيب والإكراه وحدوده وقال لهم بالنص : { إن التعذيب إكراه، وأن السجن في حد ذاته إكراه فلا يحملوا الناس فوق ما يطيقون } ولكنهم - فيما علمت – أخذوا الخطاب وأخفوه عن باقى الإخوان ولم يذيعوا ما به، وقد أخبرني بهذا الشيخ محمد عبد المقصود الذى كان يحبني ويعتز بي حتى النهاية، وقد التقيت - في هذا السجن بالأستاذ أحمد قبضان المتهم فى قضية حسن توفيق، والأستاذ جمال الشرقاوي الذي كان معى فى السجن الحربي، وكان يكن لى إعزازاً شديداً، وكنت سعيداً بلقائهما مرة أخرى. كانت مسألة إخفاء الخطاب الذى أرسله الأستاذ الهضيبي، بالإضافة إلى الاستمرار فى المعاملة السيئة التى كنت ألقاها من الإخوان داخل السجن، والمقاطعة والسب بالقرآن كل هذه الأشياء حسمت الأمر في نفسي إلى قطيعة بلا رجعة بينى وبينهم. فقد حاولت كثيراً أن أرأب الصدع، ولكنى وصلت إلى قناعة أن هذا مضيعة للوقت والجهد و ارتاحت نفسى ]]
🟥 توريطهم لعبدالرحمن خليفة و خداعه
🟥 معركة داخل السجن !
[[ كانت إحدى المشاكل الكبرى التي صادفتنا في بدء حركتنا هى مـا تسمى عند الإخوان بـ "الشرعية" ومعناها أن يكون العمل معترفاً بــه مـمـن يملكون هذا الحق وإعطاء الضوء الأخضر للحركة وبغير ذلك يتحرج علـــى الكثير من الإخوان أن يكون لهم الاتصال بأى حركة أو كيان تنظيمي بدون شرعية – أي موافقة من له حق الأمر - وبناءً على ذلك قررت إرسال الأخ سيد البرديني إلى الواحات، حيث كان الأخ عبد الحميد البرديني، وعدد كبيــر من قادة الإخوان موجودين في سجن الواحات. كان اتخاذى هذا القرار، بعد أن أعيتنى الحيل وعجزت عن الإقناع في هذا الأمر، فقد كنت أرى أن شرعية العمل الله مأخوذة من مصدر شرعي قائم على قرآن وسنة. وليس المطلوب فيه تفويضاً من أحد. لكن الجميع كانوا يطلبون الأوامر من القيادة وهو ما يعنى بالنسبة لهم الشرعية في الحركة. وعاد الأخ سيد البرديني وروى لى الموقف هناك وكان كالتالي : أن هناك انشقاقاً شديداً فى الرأى بين الإخوان في الواحات، وبينهم عدد من القادة وأعضاء مكتب الإرشاد، وأن هذا الخلاف نشأ بناءً على رغبة بعضهم فى الاتصال بالحكومة ومحاولة تصفية الخلاف وإخراج الإخوان من السجون. بينما رأى بعضهم الآخر أن الاتصال بالحكومة هو اعتراف بهـا، ولم يكن ليعترفوا بحكومة قامت بتعذيبهم وسجنهم بدون وجه حق. وأن من يخرج على هذا الرأى يعتبر خارجاً على الجماعة، وهو بذلك قد أحل دمه في رأى بعضهم ـ أو على الأقل فصل نفسه من الإخوان، في رأي بعضهم الآخر. وبناءً على ذلك دارت مناقشات جدلية بينهم أدت في النهاية إلى معركة جرح فيها عدد كبير من الإخوان، والغريب أن الفريقين كان بينهم من شهد حرب فلسطين وقتال القنال وكان فى الفريقين بعض أعضاء مكتب الإرشاد. وعلى الرغم من ذلك ظل كل فريق على موقفه إلى أن أفرج عن أول دفعة عام 1958، مما زاد الأمر انتشاراً فى باقى السجون. كـــان اضطهاد، من عرفوا بمؤيدى الحكومة شديداً، بدأ بالضرب المبرح فـــي الواحات وانتهى بالمقاطعة التامة والعزل عن المجموعة، حتى أن الأمر وصل بأحد الإخوان فى تلك الحقبة - ومن كثرة الاضطهاد – إلى الطلب الرسمى من إدارة السجون أن يتحول عن الدين الإسلامي ويعتنق المسيحية، وهذا ثابت في سجلات السجون . مما أدى بمأمور السجن أن يستدعى أحـــد القساوسة ليقنعه أن يظل على دينه، وألا يتسرع في اتخاذ مثل هذا القرار بعد أن فشل المشايخ في إقناعه. هذه هي الصورة التي أخبرني بها الأخ سيد البرديني وهـو صــــورة توضح ما آل إليه حال الإخوان قيادة وأتباعاً. وعن افتقادهم الحكمة أن ينبذوا هذا .. ويكونوا على رأي واحد، وأن الإخوة بالواحات لا يملكون لنا أمـــراً، وأن الأمر لابد أن يصدر من المرشد رأساً. ]]
[[ والحقيقي التي لا أنكرها أن الأيام التى قضيتها مع هؤلاء الإخوة كانت طيبة، ولم يكونوا يوجهون إلى أى أذى، وكانوا عوناً لي في الفترة التي بدأ "الإخوان" يؤذونني فيها. وكان إيذاؤهم شديداً، فقد كانوا يسبونني بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية. كنت أينما أسير أسمع من يوجه إلى الشتائم وكان هذا شيئاً غريباً - وما زلت استغربه حتى الآن - فكيف يمكن أن تستعمل آیات الله وأحاديث الرسول فى السبب، كنت إذا مررت أمام أحد منهم أسمعه يتلو : { فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث } وتسمع آخر يقول: { وذلك مثال المنافقين }. وكان هذا أسلوباً ممجوجاً ]]
تعاملهم مع الآخرين
[[ وكان الأولى بهم أن يتعلموا أن التوافق مع الآخرين خير من الاستئثار بالرأى والتشبث بأن يكون الأمر كله بيدهم وحدهم، لأن هذا لن يحدث ]]
[[ حتى إن فؤاد سراج الدين حين خرج من السجن في سنة 1950 كافأوه بأن نظموا مظاهرة حاشدة وكان كل فخرهم أن الداخلية فوجئت بتلك المظاهرة .. وهكذا يزايدون على الجميع. لقد انفض عنهم الجميع نتيجة لسلوكهم مع الكل .. تحالف .. ثم نقض العهد والطعن في الظهر حتى إنهم استبعدوا من الحوار الوطني ومن تجمعات الأحزاب حتى إن بعض الأحزاب قالوا :
« لا نريد الإصلاح السياسي ولسنا متحمسين له الآن حتى لا يستفيد منه الإخوان » .
انظر إلى أي مدى صارت الأمور وأن هذه الأمور التى وضعوا أنفسهم فيها جعلتهم يحسون بالعزلة والإهمال، وهذا شعور خطير إذا أصاب جماعة في قوتهم وحسن تنظيمهم، فهم يتصرفون الآن وظهرهم إلى الحائط وليس أمامهم إلا السير في الطريق الذي رسمه الإخوان وينفذه مركز ابن خلدون، إنه طريق إحداث الفوضى فهى تحقق عدة أهداف، إنها تربك الأمن وتكسر حاجز الخوف وتشجع كل نائم أن يستيقظ ويهب للحركة ثم إنه قد يشجع بعض القوى الشعبية التي ترفضهم على الاقتراب منهم والتعاون معهم. ]]
🟥 تعاملهم مع ضباط الثورة
لأن عبدالناصر قد خرج عن طوعهم :
- قاموا بإحراق المبنى الذي كان سيقوم بإلقاء كلمة فيه
- استغلوا مفاوضات له مع الإنجليز ( قد قام مرشدهم بمثلها أصلاً وربما أسوأ ) لتهييج العامة والدهماء في مظاهرات " سلمية " قابلتها الحكومة بالسلاح فأدى إلى سقوط قتلى وجرحى
- قاموا بتدبير عملية اغتياله تشمل قيام بعض مواليهم في الجيش بتحييد وحداته و القبض على بعض الشخصيات أو اغتيالهم و الزج بالطلاب في مظاهرة مسلحة ضد الحكومة دون إعداد جيد أو معتبر ! لكن فشل كل هذا و تم القبض عليهم
[[ التفسخ القائم بينهم وسوء الرؤية والتخبط كان كافياً لقيادتهم أن يستوثقوا من عجزهم عن تحقيق أهدافهم ، لقد اعتادوا طوال تاريخهم أن يثوروا ويتوهموا أنهم قادرون على الفعل، وحيث تصل الأمور إلى ذروتها يتراجعون ويؤثرون السجن على المواجهة ! والآن يكررون أخطائهم ويصعدون مواقفهم دون رؤية ثاقبة .. لكنهم يندفعون بمجرد إشارة ! لقد كانت لجمال عبد الناصر علاقات قبل الثورة بالقوى السياسية الموجودة فى مصر وأبرزها الشيوعيون والإخوان المسلمون وقد أعطى للطرفين انطباعاً أنه منهم وملتزم بفكرهم وتنظيماتهم، وتبعاً لذلك فقد كانــت له علاقة بالإخوان المسلمين، حتى أنه قد بايع عبد الرحمن السندي رئيس النظام الخاص فى الإخوان المسلمين على المصحف والمسدس ، على السمع والطاعة، وفى نفس الوقت كان له علاقة بصلاح شادى وحسن عشماوى وغيرهم من قيادات الإخوان، استغل عبد الناصر هذه القيادات في تنفيذ أهداف الثورة في أول أيامها للسيطرة على الشارع المصرى وعلى الجماهير. الحقيقة أن هذه العلاقة كانت فرصة ذهبية للإخوان المسلمين ولكن لم يستطيعوا كعادتهم استغلالها، فحين قامت الثورة أيدها الإخوان في كل مكان، وقد حفظ رجال الثورة حسن علاقتهم بالإخوان، ولكن الإخوان لم يحسنوا قراءة رجال الثورة ولم يعرفوا كيف يتعاملون معهم ، حتى بعد أن أمرت القوات بحل جميع الأحزاب لم يتم حل الإخوان وتركوا لهم السيطرة على الشارع وحده، ولكن الإخوان تصورا أنهم فعلاً القادة الوحيدون لهذه الثورة وأرسل إليهم المرشد العام "حسن الهضيبي" ليعلمهم أنه يتوجب عليهم استئذان مكتب الإرشاد قبل أن يتخذوا أى قرار ، وكان هذا الأمر هو القشة التي قصمت ظهر البعير واستفزت رجال الثورة، وبدأت المشاحنات بين الطرفين والتصاعد والشد والجذب بين الطرفين، وبدأ الإخوان يسيئون التصرف في الواقعة تلو الأخرى حتى أن عبد الناصر حين اختار اثنين من الإخوان للعمل كوزيرين فى الوزارة الجديدة أجبرهم حسن الهضيبي المرشد العام للجماعة على الاستقالة لأنهما قبلا الوزارة قبل أن يرجعا إليهم، واعتبرها عبدالناصر إهانة موجهة له، وبدأ الجفاء بينهما حتى إنه كان سعيداً حين اختلف الإخوان وحدثت بينهم انشقاقات وفصل الإخوان بتصعيد الموقف حيث قام جماهير الأخوان بمظاهرة كبرى فى مارس 1954 واصطدموا بجهات الأمن وتم حل الإخوان عقب تلك المظاهرة، ولكن رجال الثورة لم يريدوا للعلاقة مع الإخوان تلك القطيعة، حيث إنهم القوة الشعبية التى يستندون إليها، ولكن الإخوان طبيعتهم مغررون ومتسلطون ودائماً يريدون كل شئ أو لا شئ فقامت مجموعة من الإخوان بتدبير محاولة لقتل عبد الناصر في المنشية فـي الإسكندرية، وقد اختلف في هذه الواقعة الكثير من الرواة إلا أن الذي يهمنا في هذا السياق أنها حدثت بالفعل، وطبعاً كانت النهاية بين الإخوان وبين رجال الثورة وتم اعتقال الكثير من الإخوان، والغريب أن الإخوان كانوا يحشدون قواهم لخلع عبد الناصر بالقوة وكانوا مزهوين بقوتهم، وهم طوال تاريخهم كذلك يثورون ويتوهم البعض أنهم قادرون على الفعل ولكنهم حين تصل الأمور إلى الذروة تجدهم قد تراجعوا وأثروا السجن على المواجهة. ]]
[[ ولكن بعد فترة وجيزة - وبعد أن انتهى شهر العسل بين الإخوان ورجال الثورة - ظهر الأمر وكأنه خلاف ذلك. فقد بدأ الهمس على أن رجال الثورة بدأوا يتحللون من التزامهم، وأن السلطة قد ذهبت برؤؤسهم وأنهم تنكروا لدور الإخوان فى تهيئة المسرح لقيام الثورة، وأن رجال الإخوان - ليلة قيام الثورة - كانوا يرابطون بأسلحتهم على طول المداخل في منطقة القناة لمنع الإنجليز من التدخل، وأنهم قد نقلوا بعض الأسلحة المخبأة في بيوت بعض رجال الثورة إبان أزمة نادى الضباط، كل هذا كان يساق على أن العملية كلها من تدبير الإخوان. وتلاحقت الأحداث وزاد التوتر بين الإخوان ورجال الثورة حتى أن جمال عبد الناصر كان مدعواً من قبل هيئة التحرير لإلقاء خطاب في إحدى الليالي بمدينة ميت غمر، وقد قام الإخوان بإشعال حريق خلف المبنى، مما أدى إلى فض الاجتماع وفشله ، وقيدت الحادثة ضد مجهول. وكان السبب فى حل الجماعة هو الخلاف بين جمال عبد الناصر والإخوان على تفاصيل المفاوضات الجارية بين رجال الثورة والإنجليز لتحقيق الجلاء عن مصر. والواقع أن اختلاف الإخوان في هذا الأمر كان نابعاً من إحساسهم بخروج عبد الناصر ومن معه على قيادتهم. وقد تم اختيار هذا الموضوع ليكون سبباً للصدام لما له من ثقل وطني في حس الناس، مما يعطى للإخوان تأييداً شعبياً فى صدامهم مع رجال الثورة. وبدأت المنشورات توزع على الإخوان فى الشعب وفي أماكن تجمعهم تشرح الخلاف من وجهة نظر الإخوان فى الشعب وفي أماكن تجمعهم تشرح الخلاف من وجهة نظر الإخوان، فقد كانوا يرون أن احتفاظ الإنجليز بقاعدة في قناة السويس هو "بيع" للقضية وأن الإخوان يفضلوا الكفاح المسلح. وتم ترتيب مظاهرة فى القاهرة، واستُدعينا جميعاً للاشتراك فيها والترتيب لها. وكانت هناك أصوات كثيرة تنادى بوجوب تسليح بعض المجموعات داخل المظاهرة للرد على اى اعتراض من الحكومة. فقد كانت المشاعر ملتهبة خاصة بعد حل الجماعة والقبض على مجموعة منهم. لكن تقرر أن تخرج المظاهرات سلمية، وقد بدأت من جامعة القاهرة حيث تجمع طلبة السعيدية الثانوية مع طلبة الجامعة. وكان مرتباً أن يكون التلاقي فـــي میدان عابدين، حيث تخرج جامعات ومدارس الجيزة ويتجهون إلى مكان التجمع ويقابلهم باقى طلبة الجامعات والمدارس الثانوية والأزهر. وقد حدثت بعض الاشتباكات حول الجامعة بين الطلبة والبوليس وسارت المظاهرات حتى وصلت إلى كوبرى قصر النيل ففوجئنا برجال البوليس الحربي، وقد اعترضوا المسيرة فى نهاية الكوبرى من ناحية الميدان، وقد سددوا بندقياتهم وبها "السونكي" إلى جهة المظاهرة وكانت مفاجأة غير متوقعة. ومع ضغط الجماهير المحتشدة فى المظاهرات سقط الإخوان في الصفوف الأولى قتلى وجرحى، وحدثت اشتباكات كان يقودها الأخوان "فتحى البوز، وعلى صديق وانتشر الخبر على الفور حتى جاء عبد القادر عوده داخل سيارة جيب - وكان قد استثنى من قرار الاعتقال – وأخذ قميص أحد الأخوة الجرحى وهو مضرج بالدماء واتجه إلى ميدان عابدين يندد بما حدث في الوقت نفسه كان قد وصل للميدان باقى الجامعات والمدارس واستمرت المسيرة واخترقنا الحصار بعد تلك الاشتباكات وتوجهنا صوب الميدان، وكان به عدد كبير من الطلبة والكل يهتف مندداً بما حدث. كان هذا اليوم شاهداً على انتهاء العلاقات الطيبة بين رجال الثورة والأخوان . وقد حاول الأخوان - فى هذا اليوم - أن يستعرضوا قوتهم في الشارع المصرى أمام رجال الثورة الذين كانوا محاصرين داخل قصر عابدين، وقد زاد من ضعفهم فى هذا اليوم تلك الوقفة الشهيرة للسيد "خالد محيي الدين" التى وقفها فى صالح الحريات مما أدى إلى انقسام أعضاء مجلس قيادة الثورة على أنفسهم. حاول اللواء محمد نجيب قائد الثورة أن يهدئ الجماهير وأن يتحدث إليهم ولكن دون جدوى وبذكاء شديد لمح عبد القادر عوده داخل السيارة الجيب وهو يلوح بالقميص المخضب بالدماء وناداه أن يصعد إلى جانبه فــــي شرفة قصر عابدين وبالفعل دخل الأستاذ عبد القادر القصر وخلفه الحاج إبراهيم كروم وهو يمتطى فرسه وكأنه يحرسه، وصعد عبد القادر إلى الشرفة وبإشارة واحدة من يده سكت جميع من فى الميدان وخيم صمت عميق. وتحدث الأستاذ عبد القادر إلى الجماهير وقدم لهم اللواء محمد نجيب ليستمعوا إليه فوعد بإطلاق الحريات واحترام المواطنين، واعتبر هذا اليوم مثاراً لنقاش كثير حول مصير رجال الثورة لو أن الإخوان - معززين بهذه الجموع الغفيرة - اقتحموا القصر وقبضوا على رجال الثورة. لو أنهم فعلوا ذلك لأنتهى الأمر منذ ذلك التاريخ. وكان هذا أحد الحوارات الكثيرة التي دارت بين الإخوان بعد ذلك وقيل إن الأستاذ عبد القادرعوده قد تم إعدامه لما وقع ذلك اليوم. وتحدد ميعاد حضورالمرشد إلى ميت غمر وزفتى للمشاركة في تأبين الأخ "عجينة" شهيد مظاهرة كوبرى قصر النيل، وكنا في استقباله بميت غمر، وذهبنا معه إلى "زفتى" حيث قمنا بحراسة "الصوان" وبقينا كذلك حتى انتهاء الحفل.]]
[[ وسألناه : « كيف ندخل معركة من هذا القبيل وصفوف الإخوان بهذا الشكل من الارتباك والخوف مع عدو يعرف الكثير عنا ؟ »
فأجاب : « بأن النصر من عند الله. »
وسألته : « إننا مطالبون - رغم ذلك - بالإعداد الجيد، وأن الله سبحانه وتعالى قال « وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل » ؟ »
فأجاب: « أن هذا هو قدر استطاعتنا. »
فسألته : « هل عندنا ما يكفي من السلاح والعتاد لخوض هذه المعركة ؟ »
فأجاب : « إن الشرع يقضى على المسلمين أنه حين ينادى منادى الجهاد أن يخرج كل بسلاحه وزاده و فرسه »
وقد ذهلت من هذا الرد، لأننا تعلمنا دائماً ألا نحتفظ بسلاح شخصى معنا لدرء أى خطـــــــر، ولكن السلاح سيتم تجميعه بصورة مركزية ودليل ذلك أنه حين ذهب الإخــــــوان إلى فلسطين لم يطلب من أيهم أن يخرج بسلاحه وزاده وفرسه، ولكـــن كــــــــــل شئ كان جاهزاً لهم. ومن هذا النقاش أحسست أننا ذهبنا بعيداً فى جدل ليس لـه آخـــرو أحسست مرة أخرى بعظم الكارثة. والتزمت الصمت حتى انتهى من حديثه، وتواعدنا على اللقاء مرة أخرى في منزلنا بالهرم. ]]
[[ كنا نذهب ليلا إلى الشعبة حيث نلتقى بباقى الإخوة الذين لم يكن لهم حديث إلا المعركة والإعداد لها والتكهنات بتوقيتها، وقد حضر محمد خميس حميده في حديث الثلاثاء بالشعبة وتحدث إلينا عن أخر الأحداث قائلاً: « إن جمال عبد الناصر قد أغرته السلطة وخرج على رأى القيادة، ولهذا فلابد من تأديبه » . وسألناه إن كنا مستعدين لهذا الموقف فأجاب بثقة شديدة: « إن كل شئ محسوب وأنه حين تأتى الساعة فكل ما فوق التراب تراب » وكان دائماً يحب هذا النوع من التلميح في الحديث. وأحسست من هذه العبارة أننا مقبلون على صدام رهيب. ]]
[[ علمنا أثناء فترة التدريب مع أخوة ميت غمر أن الخطة المقترحة للصدام ستأخذ شكلاً غير متوقع وأنها تعتمد على التحركات الآتية :
أولاً : تأمين الجيش عن طريق بعض الأخوان الذين كانوا في الخدمة ولا يعلم بهم تنظيم عبد الناصر، وكان على هؤلاء واجب تحييد الجيش فقط والتأكد من عدم تحرك وحدات أخرى لقمع الحركة الشعبية المخططة.
ثانياً : القبض على بعض الشخصيات المهمة والتي لها ثقل عند الصدام وإذا لم يتمكن من القبض عليهم فهناك خطة بديلة لاغتيالهم.
خامسا : يقوم قسم الطلاب بحركة مماثلة لما حدث في مارس مع اختلاف أن المظاهرة فى هذه المرة ستكون مسلحة، وستقوم هذه المظاهرة بدور الحدث الضخم الذى يغطى بباقى العمليات، وإتمام حصار القصر الجمهورى والاستيلاء عليه بعد أن تكون باقى المنشآت الحكومية والمهمة قد تمت السيطرة عليها فى خطة زمنية مفصلة.
وقال أيضاً : « إن الأمر قد زاد سوءاً بعد وصول أخبار مؤكدة لقيادة الإخوان عن لقاءات تمت بين عبد الناصر وبن جوريون وبصحبته ايجال ألون على إحدى القطع البحرية في عرض البحر الأحمر قرب مضيق العقبة، وأنه يرتب لبيع قضية فلسطين كما باع مصر. وبهذا فإن الصدام قد أصبح جهاداً مقدساً لمنع هذه الجرائم فى حق أرض الإسلام، وعلينا من الآن أن نكون على صلة به حيث أن التعليمات ستصدر في أية لحظة »
كنا شباباً وطنياً متحمساً، ومدرباً تدريباً جيداً، فلو ألقوا بنا بعد ذلك في أي اتجاه لذهبنا.
[[ لكن تحركات قيادة الجماعة فى الأيام التالية اتسمت بالارتباك الشديد وعدم التخطيط والارتجال. فقد رأيت الذعر الذى عاشه الإخوان فى التنظيم الجديد. وكيف كانوا يحاولون التنصل من المسئولية والتخلص من الأسلحة الموجودة لديهم بطريقة مذعورة، حتى أن بعضهم ألقاها في النيل .. وكانت أحاديث المسئولين لهم بعد ذلك إنشائية بحتة . كما حدث في أحد اللقاءات في الجيزة. فقد حضر الأخ محمد عاكف واجتمع بالإخوان وطالبهم بالمقاومة وعدم الاستسلام للاعتقال، وأن عليهم أن يقاوموا بأى شئ حتى بسكاكين المطبخ أو العصى، بينما كان بعضهم يتخلص من الأسلحة التي معه. والغريب أنه بعد هذا الاجتماع تم القبض على محمد" عاكف" وهو يقود "الفسبا" التي كان يستعملها، ولم يقاوم بسكاكين المطبخ ]]
🟥 تعاملهم مع حزب الوفد
[[ على أن الإخوان دائماً ما يتحركون أثناء الأزمات في محاولة الاتفاق مع القوى الوطنية الأخرى، كما يحاولون هذه الأيام كما قلت آنفاً تشكيل لجنة وطنية من قوى مختلفة، هكذا فعلوا من قبل أثناء مفاوضات صدقي باشا مع الإنجليز، حيث تحالفوا مع الوفد والشيوعيين على مراقبة تلك المفاوضات ووضع شروطاً لها، ثم انقلب الوضع إلى رفض المفاوضات من أساسه وظلت المعارضة بكل أشكالها من مظاهرات مستمرة وحرائق واعتداء على الممتلكات العامة حتى استقال صدقي باشا وتلاه وزارة النقراشي والتي أيدها الإخوان بعد أن غدروا بحلفائهم لمجرد أن الحكومة قد أظهرت لهم بعض اللين وبعض الوعود الخاصة، فقد تنكبوا لحلفائهم وليعلم كل من يتحالف مع الإخوان في هذه المرحلة أنهم سوف يتركونه وحده فــــي الطريق حين أول بادرة من الحكومة بإعطائهم بعض المزايا أو الإفراج عن المعتقلين، ولذلك فقد رفضت حركة كفاية الانضمام إلى التجمع الإخواني لعلمهم التاريخي بما سيكون من الإخوان إلى جانب ضيق أفقهم وقصر رؤيتهم للأحداث والتاريخ، إن كل ما يريده الإخوان من كل هذا هو السماح لهم بالعمل العلني المعترف به، وهم في سبيل ذلك مستعدون لدفع أي ثمن وقد كان هذا هو حالهم حين خرجوا من السجون في عام 1949 وقد حاولوا من جديد التمسح بأذيال الوفد على أنه حزب الأغلبية وليس بينه وبين الإخوان أى تعارض كما قال صالح عشماوي فى هذا الوقت لمراسل وكالـة أسوشيتدبرس :
« إن الوفد هو الحزب الشعبي لمصر وأعضاء ينتمون إلى نفس الطبقات التي ينتمي إليها الإخوان أي الطبقات الشعبية، وعلى ذلك فليس هناك أي تنافس بين الجماعة والوفد »
حتى أنهم كي يرضوا حزب الوفد فقد اقترحوا تغيير اسم الجماعة إلى "النهضة الإسلامية" وبعد قليل تم اتهام الوفد بالغدر والخديعة، وعادوا مرة أخرى إلى العداء والتقليد بينهم، أنهم يكررون أخطائهم بنفس القدر ونفس الأسلوب ولا يتعلمون أبداً ولا يستفيدون من أخطائهم مع أن حديث الرسول « لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين » فلعلهم يعودون ويتعلمون ويصححون مسارهم ]]
🟥 احترامهم للقانون
[[ والحقيقة أن الإخوان يكرسون معنى « الجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا » وهم لا ينكرون ذلك حتى الآن، وحتى حينما قالوا : « إننا سوف نلتحم بالمجتمع المدني »، كانوا بذلك يناورون ويباهتون وهم يعلمون قبل غيرهم أنهم يحاولون كسب الوقت والحصول على اعتراف الدولة بهم کحزب سیاسي ، وبعد أن يحصلوا على كل ذلك سوف ينقضون عهودهم مع الجميع وسوف يحاولون إيجاد الفرصة التي يتذرعون بها لنقض عهودهم مع الجميع، وأن الأحداث القادمة في المنطقة قد تساعدهم في الحصول على مــا يريدون، وها أنا أدق ناقوس الخطر محذراً لأنني أعلم بهم من غيرى، أنهم حين يمتلكون الفرصة سيكونون أشد ضراوة ولن يبقوا على عهد أو وعد، ولكنهم سيعملون على إنقاذ فكرهم السابق حيث أنني لا أتصور أنهم يتراجعون تكتيكياً ، ولكن استراتيجيتهم مازالت قائمة ومازالوا على عهدها، فلقد كانت لهم سوابق كثيرة تظاهروا فيها أنهم قد غيروا وتراجعوا عن مفاهيمهم السابقة، ولقد تحديتهم أكثر من مرة أن يعلنوا نبذهم للشعار السابق حتى نصدقهم فيما هو قادم من حركة إلا أنهم قد صموا أذانهم ولم يستجيبوا للنداء، وظلوا يخالفون القانون الذي وعدوا باحترامه. ولقد سبق أن قلنا كيف احترموا القانون بتهريب نجيب جويفل من السجن وأن الذى هربه رجل قانون وآخر ينفذ القانون، وأقول لهم « كونوا صادقين مع الناس حتى يصدقوكم، فإن الناس ليسوا أغبياء وما خرج من القلب وصل إلى القلب، أما ما خرج من اللسان فلن يتجاوز الأذان، فالأولى بكم أن تراجعوا فكركم وأن تحسبوا خطواتكم حتى لا تتعثروا ... والله المستعان. » ]]
🟥 تعاملهم مع حكومة السودان
[[ ولقد استفاد حسن الترابى فى السودان من أخطاء الإخوان مع عبد الناصر، فلما قامت ثورة الجيش فى السودان بزعامة البشير كان الإخوان في السودان هم شركاء الثورة، فأقاموا تحالفاً قوياً بينهم وبين الجيش واشتركوا في السلطة وكانوا نموذجاً جيداً لفترة طويلة، إلا أن طباع الإخوان قد غلب عليهم فى لحظة ما، وحاولوا أن يأخذوا الكل فسقطوا وحقت عليهم المطاردة، وأبعدوا عن السلطة ودخلوا السجون كما حدث في مصر تماماً. لقد حضر الملك سعود للوساطة بين الإخوان والحكومة بعد الحل الأول، وفعلاً جامله أعضاء الثورة وفتحوا صفحة جديدة مع الإخوان إلا أن المتتبع لسلوك المرشد حسن الهضيبي بعد ذلك مع الحكومة يرى أنه لم يبد أى نوع من المرونة، بل كان متشدداً جداً ويتعامل معهم ـ كأنه ناظر مدرسة ويتعمد أن يشد إذن التلاميذ العاقين، ولم يكن ذلك بالسلوك الجيد للتفاهم مع حكومة ثورة، حيث إنه قابل الإخوانُ حسنَ المعاملة التى لاقوها من الحكومة بالإفراج عن المعتقلين و عدم تجميد الأموال والممتلكات بأن طبعوا منشوراً ووزعوه في الشوارع ينبئ ببدء صراع جديد ]]
🟥 تعاملهم مع الصوفية والجمعية الشرعية و الشيعة و الوهابية
[[ وهم دائماً يتصرفون على أنهم أوصياء على الإسلام، ويقيمون الناس على أساس فهمهم، ولابد أن يتفق الجميع مع وجهة نظرهم، وإلا واجهــوه وحاربوه وجرحوا فهم الآخرين للدين، هكذا فعلوا مع الصوفية، وهكذا فعلوا مع الجمعية الشرعية، ثم باركوهم حين سلموا لهم القيادة، إنهم يتعاونون مع الشيعة مادامت هناك مصالح مشتركة بين الطرفين، لقد استغلوا الوهابية وركبوا موجتهم فى السعودية حتى تركوا لهم القيادة في تربية الشباب وتوجيههم، وكل ذلك حدث بفعل جمع المعلومات المختلفة واستعمالها. إنهم يركزون الآن على الأحزاب الموجودة في الساحة، يكثفون عمليات المراقبة، والاختراق بغية السيطرة على أكبر عدد ممكن من الأحزاب الموجودة. ]]