التكفير بالباطل

التكفير بالباطل

سُني

[[ وكان الإخوان ممن وقعوا في تكفير المجتمع رغم أنهم ينكرون ذلك. فقد حدث الإعلان عن التكفير وهم في سجن الواحات، فقد وقف الشيخ أحمد شريف، وقد كان عضو مكتب إرشـــاد ورئيس مكتب إدارى أسيوط، حيث وقف يخطب الجمعة وقال: 

« نحن جماعة المسلمين، فمن خرج علينا فقد خلع طريقة الإسلام من عنقه » 

قال هذه الكلمات القصيرة والقاطعة لتتضح أهم وأخطر القضايا التى يخل فيها الإخوان فيما بينهم. ]]

[[ أما في عصرنا الحديث فقد فتحوا الباب على مصراعيه [ باب القتل وسفك الدماء ] , فأفتوا بأن الناس جميعاً في جاهلية، وأنهم بذلك يحل دمهم، أفتى البعض الآخر أنهم جماعة المسلمين وبالتالي فالباقي يستحل دمهم ومالهم، وبذلك لــم نر حرجاً من مدبرى هذه الأمور أن يجروا القتل في الشوارع وتحصد الأرواح دون حرج، والسيارات المفخخة وانتشر هذا الأسلوب، ولم يضربوا به عدوا ولا مقاتلاً، ولكن يضربون به المسلمين فى كل مكان ]]

[[ إنهم يستبيحون الآخرين كل من ليس فى الإخوان، حلال لهم دمه وماله، وعلى هذا الأساس كانت استباحة دم كل من خرج عليهم أو انشق عن الجماعة ]]

[[ إن قبول الإخوان أن يكونوا أقلية مضطهدين لأمر خطير وافقوا على أن يكونوا جماعة منسلخة من مجتمع المسلمين الموجود في مصر وهم بهذا إما اعتبروا أنفسهم جماعة ويترتب على هذا الفهم تفكير المجتمع كله دون أن يعلنوا ذلك أو أن يكونوا قد وافقوا على هذا الوصف للاستفادة من دفاع الأمريكان عن الأقليات المضطهدة في العالم الإسلامي لعل ذلك يرفع عنهم ما هم فيه من عنت وإهمال ]]

[[ أصبت بإحباط شديد وغضب وثورة داخلية تكاد تقتلع قلبـي مــن مكانه، حزناً على عمرى الذى أضعته كله مع هذه الجماعة وقررت الانسحاب حتى قبل أن تداهمنا الاعتقالات ودخول السجن، ولكن الأهداف كانت أسرع وأن ما كان الانفصال داخل السجن وتبعه اضطهاد من الجماعة. وتتالت الفتاوى في حقى بالتكفير تارة وبالنفاق تارة أخرى، ورأيت وعشت كيف تخرج الفتاوى من ترزية هذا النوع من الفقه، وساعد على قسوة الأمور ما صاحب الفتاوى من سمع وطاعة من أفراد الجماعة دون أن يعمل أحدهم فكره ويعترض ]]

[[ هذا الفكر منذ نشأته وبمراقبة أساليب تطبيقه هو فكر تكفيري يكفر الناس جميعاً ما لم ينضموا إليهم، وإنه لهول عظيم، فالناس غير المنضمين للإخوان من جهة نظرهم مرتدون، لا توبة لهم ودمهم حلال ؟! وكان عداؤهم للأستاذ سيد قطب أنه جهز بهذا الفكر، وطوره وقننه، وهم كانوا يعملون على إخفاء تلك الحقيقة طوال عمر الجماعة، فخرج سيد قطب على إجماعهم في الإخفاء وأعلن أن فقه الجماعة واعتقادها قائم على فكر الخوارج، وفصل هذا الفكر وصدرت فيه كتب كثيرة حتى أعتنقه الكثير من الجماعات الإسلامية إذ يقول : 

أولاً : إن الحاكمية لله وهو بهذا يلغى أي ولاء آخر لحكام الأرض.

ثانياً : إن الشعوب الإسلامية الحالية تعيش في جاهلية و ينبغي دعوتهم مرة أخرى ليجدوا إسلامهم ويتبعوا الإخوان المسلمين، ومن هنا جاء استحلال أرواح الناس وأموالهم. ]]

[[ بعد عدة أيام جاءني الشيخ عبد الفتاح وأخبرني أن الأمر لابد أن يحسم باتحادنا. وأننى لا ينبغى أن أكون عنيداً، وصار يردد الكثير من الآيات والأحاديث في هذا المعنى لإقناعى، وأخيراً اتفقنا على أن نلتقي في منزل الأخ "محمد فتحى رفاعي" في قرية "منية سمنود" بالغربية، ولما ذهبت وجدت الشيخ عبد الفتاح والأخ عوض عبد العال، والأخ ، محمد فتحى رفاعي من الأزهر، وله مجموعة حوله متأثرون به وكان أكثرنا فقهاً في الدين، لكنى أحسست أنه يأخذ بالآراء المتشددة ولا يتنازل عنها. وبدأ هو بالحديث عن أهداف التنظيم - كما يرها - وهى باختصار : العمل على ترتيب عملية فدائية لقتل جمال عبد الناصر. وسألته عن تصوره لتلك العملية فأجاب أنه يرى اختيار مجموعة من عشرين فرداً ويتم تجهيز عبوة ناسفة يقومون بإلقائها على جمال عبد الناصر في موكبه. وكان لابد من التصدى لهذا التيار ، وكان عليّ أن أستغل عدم درايتهم بالمسائل العسكرية وأناقشهم من هذا المنطلق، ولكن قبل ذلك سألته: « وهل قتل جمال عبد الناصر مسألة متفق عليها من الناحية الفقهية ؟ » ، فأجاب: « نعم » , وسألته عن الدليل الشرعى فأجاب بأن : « جمال عبد الناصر يحارب الإسلام ويقتل الدعاة ويعذبهم وهو بذلك قد أحل دمه » فقلت له : « إن جمال عبدالناصر يحارب الإخوان. وليس الإسلام، فهو لم يعلن صراحة أنه يحارب الإسلام وأن مثل هذا الأمر قد حدث من قبل فى تاريخ الإسلام. ففي عهد معاوية حارب الحاكم إحدى الجماعات الإسلامية، ولم يقل أحد بكفره، ولا بحـل دمـه » , فأجاب : « إن جمال عبد الناصر عميل لليهود، وأنه معهم في حربهم على الإسلام » . فقلت : « إن هذه أمور ظنية لم ترق إلى حد اليقين، فليس لدينا دليل مادى على تورطه هذا ولا يجوز أن تستند الفتوى على مجموعة افتراضات ظنية ولكن على أدلة حقيقية، وإلا ضاع حق الناس !» لكنه أصر على ذلك وقال: « دع المسائل الفقهية لنا، وحدثنا أنت عن رأيك فى تنفيذ تلك الخطة » فعمدت إلى تفنيد خطته وأنها لا تصلح للتنفيذ، ولكنها موضوع جيد للمناقشة فقط. وذكرتهم بأن الحراسة حول الموكب شديدة، وأن الاقتراب غير متاح بهذه السهولة، وأن السيارات مصفحة، وبذلك تكون المسألة مجرد كلام غير صالح للتنفيذ، واتهمونى بعرقلة الأمور ، وبدلاً من هدم الخطة بلا أساس فإن على أن أقول البديل فأخبرتهم برأيي وقلت إن البديل هو تجميع الإخوان وتعليمهم أمور دينهم وتدريبهم استعداداً لتنفيذ ذلك حين نصل إلى قدر من القوة تتيح لنا مثل هذا العمل، فوافقوا بشرط أن أكون جاداً في مسألة التدريب والاستعداد، وكان هذا الاتفاق هو الممكن لتأجيل المشكلة. ]]

قلت : ليس الغرض مناقشة حكم جمال عبد الناصر بعينه ولكن انظر إلى المناطات التي كفّره بها !

[[ مر بخاطري تهم التكفير التى تبادلها الإخوان بعد فصلهم من قيادة الجماعة، وكيف أن كثيراً من الإخوان الذين كنا نتلقى منهم العلم وتتلمذنا على كتبهم قد قيل عنهم إنهم كفروا، وإنهم خرجوا على الجماعة، واستخدمت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية فى سبهم، وكأنهم ليسوا من المجاهدين الإسلاميين الذين أفنوا أعمارهم داخل حقل العمل الإسلامي، وكان يردد في شأنهم الحديث { من فارق الجماعة قيد شبر فاضربوا عنقه }، وأى جماعة هي؟ وهل اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين هي جماعة الإسلام، وأن هذا الحديث ينطبق عليها ؟! وقد تعرض الشيخ محمد الغزالي لمثل هذا الموقف، فقد نعتوه بالكفر ]]

[[ كان رفضي للعرض الذى أشار به الأخ عباس ـ وكان مندوباً عـــن الإخوان ويحدثنى باسمهم - سبباً في اشتداد عمليات الإيذاء، بل إن الأمر قد وصل إلى حد تقنين الإيذاء. وأعنى بالتقنين أنه بدأت عمليات الفتوى، وقد صدرت فتويان: أولاهما : أننى كافر وخارج على الجماعة، وأنه ينبغى التعامل معى على هذا الأساس، وترتب على ذلك أنهم اعتبروا زواجي باطلاً، وأن زوجتي لابد أن تطلق. والفتوى الثانية : إجبار الجميع على أن يقاطعوني، وكان ذلك أحد الأسلحة التي يشهرها الإخوان دائماً فى وجه من يعارضهم أو يخالفهم رأياً ]]


المقال الأصلي


Report Page