Link

Link

ملتقى الأحبة

ع/ المجلس الأخير

بسم الله الرحمن الرحيم 

جاء في الحديث [ اول زمرة من امتي تدخل الجنة "المهاجرون" يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة ويستفتحون ؛ فيقول لهم الخزنة : اوقد حوسبتم ؟ فيقولون : بأي شيء نحاسب ؟! إنما كانت اسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى متنا على ذلك . 

قال : فيفتح لهم ، فيقيلون فيه اربعين عاما قبل ان يدخلها الناس !! ] 

تصور ذلك اليوم .. 

تصور نفسك فزعا تركض يمنة ويسرة لا تدري اين تذهب ولا ماذا تفعل ! 

قد شغلك هول الموقف عن كل شاغل حتى فررت من امك وابيك وصاحبتك وبنيك ! 

ثم فجأة والناس مفزوعون في موقفهم إذا بطرق عظيم ترتجف منه القلوب لمهابته فتشخص الابصار إليه .. فإذا هم "المهاجرون" يتقدمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في موكب مهيب يستأذنون في دخول الجنة 

فيقال لهم .. ولكن مهلا انتم لم تحاسبوا !؟ 

فإذا بالجواب ينزل عليك كالصاعقة فيبهتك ! 

"بأي شيء نحاسب ؟! إنما كانت اسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى متنا على ذلك" 

نعم .. بأي شيء يحاسبون ! 

بأي شيء يحاسبون وقد فارقوا الاهل والاولاد واقتحموا حياض الموت لا لشيء إلا ليضحك إليهم ربهم ! 

فتفتح لهم ابواب الجنة فيدخلونها ويقيلون فيها اربعين عاما !! 

فقد بلغوا مرادهم و استراحوا من عناء السفر .. 

وما الذ الراحة إذا جاءت بعد تعب وعناء والفرج إذا جاء بعد ضيق ! 

ومع طرقات المهاجرين لباب الجنة تبدأ رحلتنا اليوم ! 

تبدأ رحلتنا مع تلك الحسرة التي انت فيها وانت ترى هذا الموكب العظيم الشريف الذي يتقدمه خير الخلق تفتح له ابواب الجنة فيدخلها وانت تنظر اليه من عرصات يوم القيامة .. مشفق .. لا تدري ما يفعل بك ! 

وفي ذات الوقت ترى اهل النار يسحبون إليها على وجوههم فتجزع وتنادي "ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين" 

حالك كحال اصحاب الاعراف .. 

بعد ان دخل اهل الجنة جنتهم واهل النار جحيمهم (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين) 

اما انت فتكون ممن قال الله فيهم (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون) 

لم يدخلوها .. وهم يطمعون ! 

هذا يكون حالك .. 

فقد تخلفت عن الهجرة واعرضت عن الجهاد ! 

الجهاد الذي كنت تتباكى عليه وتحب اهله وتتمسح بهم وتنسب نفسك إليهم .. ولست منهم ! 

لذلك كان نصيبك في الآخرة ان ترمقهم وهم في الجنة منعمين فتطير نفسك إليهم -كما كانت تطير في الدنيا- إلا ان الجسد عاجز عن بلوغهم بعد ان تخلف عنهم فيها ! 

فترى رجالا تعرفهم بسيماهم فقد كنت تراهم وتبصر افعالهم وتحبهم فتراهم يتقلبون في الجنة بما كانوا يعملون فلا تتمالك نفسك فتناديهم "سلام عليكم" طمعا في ان تدخل معهم ! 

فإذا صرف بصرك إلى اصحاب النار ورأيتهم لا يستطيعون كف النار عن وجوههم جزعت واشفقت على نفسك (وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين) ! 

هؤلاء الذين ارتضيت لنفسك ان تخالطهم وتعيش بين اظهرهم وصاحبتهم في الدنيا فتخشى ان تصاحبهم في الآخرة .. 

ولكن ما دمت موحدا وكنت صادق في حبك للجهاد واهله وكنت تسأل الله الشهادة "بصدق" فإن الظن برحمة الله ان يلحقك بإخوانك ويبلغك منازلهم 

ولكن حتى إذا ادخلت معهم برحمة الله فإن الامر لم ينتهي بعد ولا يزال للقصة بقية ترويها لنا سورة الطور !! 

فتقول مخبرة لنا عن حال اهل الجنة ( إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون) 

فبعد ان ذكرت طرفا من نعيم القوم شرعت في ذكر "المجلس الأخير" ! 

المجلس الذي يجتمع فيه أهل الجنة ليرووا ذكرياتهم! ، فكما قال مالك بن دينار [الحكايات تحف الجنة!] راوه عنه إبن الجوزي في "اللقط في حكايات الصالحين" . 

قال تعالى (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم) 

فتجلس وعن يمينك رجل لاقى من الاسر في ذات الله ما لاقى فيحدثكم بما لقي من اذى وهو يضحك على تلك الآلام التي اصبحت الآن مجرد ذكريات وعوض عنها بأعظم نعيم .. نعيم الجنة ! 

وعن يسارك آخر ممن كان ممسك بعنان فرسه كلما سمع هيعة طار إليها يبتغي الموت مظانة فينبئكم ببعض اخباره ويتضاحك هو وإخوانه الذين كانوا معه على ما مر بهم في جهادهم ! 

وربما يكون ثالثهم "استشهادي" فيحكي لكم عن ليلته الاخيرة بل وعن لحظاته الاخيرة وهو يضع اصبعه على زر التفجير ! وكيف سأله ربه ما حملك على ذلك يا عبدي فيقول اي رب إنما فعلته لتضحك مني !


وهكذا .. رابع .. وخامس .. وسادس 

كلهم وصل إلى ما وصل إليه بعد ان لاقى في ذات الله اذى كثيرا 

فتجلس انت بينهم .. لا تهمس ببنت شفة ! 

فماذا لديك لتقوله وقد عشت منعما في اهلك تأكل من الطعام اطيبه وتلبس من الثياب احسنها ، لم تشك في سبيل الله بشوكة فضلا عن ان تصاب بقذيفة او طلقة ! 

عشت حياة ربات الخدور .. 

بل منهن من اوذيت في الله .. بخلافك ! 

فحياتك إذا من جنس حياة البهائم !! 

أكل .. ونوم .. ومخالطة للأهل والاولاد .. ومعافسة للأزواج .. ولهث وراء الدنيا ! 

بل حتى البهائم منها من قتلته يد الكافرين !! 

فقلي بربك .. ماقيمة حياتك إذا !؟ 

اي حسرة تلك وانت تجلس صاغرا ذليلا ليس عندك شيء لترويه ! 

ففي المجلس الاخير .. فقدت الذكريات !! 

اللهم إنا نعوذ بك ان نلقاك ولم نهاجر في سبيلك ونعوذ بك ان نلقاك ولم تبت اعيننا ساهرة تحرس في سبيلك ونعوذ بك ان نلقاك ولم تغبر اقدامنا في سبيلك اللهم لا تحرمنا بذنوبنا وعاملنا برحمتك وكرمك اللهم إنا نعوذ بوجهك الكريم ان نلقاك على غير شهادة في سبيلك تضحك بها منا وتبلغنا بها رفقة نبيك محمد بمنك وجودك ورحمتك يا ارحم الراحمين 

والحمد لله رب العالمين


منقول

Report Page