مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز: 4/ 105

مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز: 4/ 105

instagram@Alsalafiyyah

English

source

الإسراف من شرور الحياة

قال الشيخ ابن باز رحمه الله : وهذا الإسراف في كل شيء من شرور هذه الحياة، فالمؤمن يتوسط في أموره كلها، والمؤمنة تتوسط في كل الأمور، وقد أخبر جل وعلا عن منزلة المبذرين بقوله: ( وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ۝ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ) [الإسراء:26، 27] فالمبذر مضيع للمال، لا يؤمن على مال، والمال له شأن عظيم، والمال الصالح نعم العون للرجل الصالح، ينفقه في سبيل الله.

فالواجب حفظ المال وعدم إضاعته، ولذلك جاء التشديد في شهادة الزور لما فيها من أخذ الأموال بغير حق، وسفك الدماء بغير حق، وهتك الأعراض بغير حق، فقال ﷺ: ( ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقولل الزور، ألا وشهادة الزور ) فكررها -عليه الصلاة والسلام؛ لأن شهادة الزور شرها عظيم وعواقبها وخيمة، تؤخذ بها الأموال بغير حق، وتزهق بها الأرواح، وتنتهك بها الأعراض بغير حق. ولهذا حذر منها -عليه الصلاة والسلام.

وجاء في كتاب الله العزيز ما يفيد التحذير منها، كما قال جل وعلا في سورة الحج: ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ) [الحج:30] أما عقوق الأمهات فهو كبيرة عظيمة وجريمة شنيعة، يجب الحذر منها والتواصي بتركها، وأما الشرك بالله فهو أعظم الذنوب وأكبرها، كما قال سبحانه: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) [لقمان:13] وقال سبحانه: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَاا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) [النساء:48].

نعود إلى إكمال البحث في التبذير، يقول سبحانه وتعالى: ( وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ) [الإسراء:26] يحذر سبحانه من التبذير، وهو الإنفاق في غير الوجه الشرعي، كإنفاق الأموال في ظلم الناس، وقصد الإضرار بهم، أو في ظلم النفس، كإنفاقها في المسكرات والمخدرات، وفي التدخين وفي الزنى وسائر المعاصي كالقمار والربا ونحو ذلك، وهكذا إتلافها من غير سبب، كالإفراط في شراء الأغراض التي لا حاجة إليها. هذا من إضاعة المال ومن التبذير، والرسول ﷺ نهى عن إضاعة المال. فالتبذير هو: صرف الأموال في غير وجهها، إما في المعاصي، وإما في غير فائدة لعبا وتساهلا بالأموال. أما الإسراف فهو: الزيادة التي لا وجه لها، يزيد في الطعام والشراب بلا حاجة، يكفيه مثلا كيلو من الطعام أو كيلو من اللحم أو ما شابه ذلك، فيزيد طعاما ولحوما لا حاجة لها، تلقى في التراب وفي القمائم، هذا يسمى إسرافا. وأما إتلاف الأموال بغير حق وصرفها في غير حق فيسمى تبذيرا، وبين سبحانه أن المبذرين إخوان الشياطين. لأنهم شابهوهم في اللعب والإضاعة والمعاصي.


Report Page