123

123

123

فيروس كورونا الحديث

‌‏✪‌‌‏ مُحمَّد ‏✪‌‌‏September 20, 2021

ماذا تعرف عن فيروس كورونا؟



‏▪︎ مقدمة:

فيروسات كورونا هي نوع من أنواع الفيروسات الرنويّة (أي مادتها الوراثية RNA)، التي تصيب الثدييات والطيور، في الإنسان وبعض أنواع الطيور تُحدِثُ أخماج في الطرق التنفسية؛ التي تتراوح شدتها من متوسطة إلى قاتلة.

ذات الشدة المتوسطة، في البشر، تتمثل بحالة الزكام الشتوي المعتاد (والذي يُحدَث بأنواع أخرى من الفيروسات، أهمها الفيروسات الأنفية).

ذات الشدة القاتلة، في البشر، تتمثل بـالمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (SARS)، المتلازمة التنفسية الشرق أوسطية (MERS)، وأخيراً الجائحة التي ما زلنا نعاني منها حتى لحظة كتابة هذه السطور، والتي سُميّت بـجائحة فيروس كورونا 2019 (COVID-19).

في الأبقار والخنازير تُحدِث إسهالات. في الفئران تُحدِث اِلتهاب كبد واِلتهاب الدماغ والنخاع الشوكي.

تصنيفها أنَّها تنتمي لفصيلة الفيروسات التاجيّة، رتبة الفيروسات العشيّة فمملكة الريبوفيريا.

لها أربعة أجناس:

• فيروسات كورونا ألفا؛

• فيروسات كورونا بيتا؛

• فيروسات كورونا غاما؛

• فيروسات كورونا دلتا.

صورة ترسيميّة لفيروس كورونا الحديث.

هي فيروسات مُغلفَة، ومادتها الوراثية هي شريط مفرد، إيجابي الطاق، من الرنا (RNA)، والأخيرة مُغلفَة أيضاً.

لعلَّ حجم جينوم هذه الفيروسات هو الأضخم في عالم الفيروسات، إذا يتراوح من 26 إلى 32 ألف أساس نووي.

سُميَّت بهذا الاسم (ومعناه التاج) لأنه لُوحِظ، عند فحصها، تحت المجهر الإلكتروني، وجود بروزات من سطحها باتجاه المحيط، التي تظهر بالتصوير وكأنها أشعة شمس

صورة حقيقية لما يظهر تحت المجهر الإلكتروني.

▪︎ تاريخ فيروس كورونا:

أولى الإصابات المُسجلَة لفيروس كورونا تعود لأواخر سنة 1920، في شمال أمريكا. حينها أصاب بعض الحيوانات المنزلية (الدجاج) أخماج تنفسية حادة جداً وكانت نسبة وفاة المصاب منها مرتفعة للغاية إذ بلغت 90% من الحالات المسجلة.

بعض العلماء، وتحديداً Leland Bushnell و Carl Brandly، قاموا باستخلاص الفيروس، في عام 1933، ودرسوه، وتمت تسميته في ذلك الوقت باِسم فيروس اِلتهاب القصبات المُعدِي (IBV).

لاحقاً في عام 1937، تم استزراع الفيروس لأول مرة، على يد العالمينِ Charles Hudson وFred Beaudette، وعُرِفَت حينها السلالة باسم سلالة Beaudette.

في أواخر 1940 تم اِكتشاف نوعين آخرين من فيروسات كورونا (حينها لم تكن معروفة بهذا الاسم، طبعاُ)، واحدٌ منهما أحدث اِلتهاب دماغ ونخاع شوكي (JHM) والآخر أحدث اِلتهاب كبد وسُميَّ بـفيروس التهاب كبد الفأرة (MHV).

حتّى ذاك الوقت لم يكن معروفاً أنَّ هذه الأنواع الثلاثة مرتبطة ببعضها البعض وأن كلها فيروسات كورونا.

فيروسات كورونا التي تصيب الإنسان لم يتمَّ اكتشافها حتّى عام 1960، وكان ذلك بشكلٍ متزامنٍ في أمريكا وبريطانيا.

هذا الفيروس الحديث، في ذلك الوقت، لم يكن بالإمكان اِستزراعهُ بالطرائق المُعتادَة -- والتي كانت ناجحة مع الفيروسات الغُدانية والأنفية -- حينها (مزارع خلوية)، لذا جُرّبت طريقة جديدة وهي المزرعة العضوية، إذ تم استزراع الفيروس في رغامى جنين ميت، وهذا كان على يد Bertil Hoorn. الفيروسات التي حُصِلَّت بهذه الطريقة أُعدِيَ بها بعض المتطوعين، أنفيّاً (يعني، عن طريق الأنف)، ليتم دراسة الفيروس بشكل أفضل.

الفيروسات هذه عُطلِّت بـالإيثر، وهذا أوحى أنها تمتلك غلاف خلوي، وهذا الغلاف بالضرورة شحميّ.

هذه السلاسة سُميَّت باِسم B814 وكان هناك سلالة تالية لها وهي 229E، وأخرى أيضاً وهي OC43.

العالمان Tyrrell وJune Almeida، في عام 1967، قارنا بين بِنى هذه الفيروسات (يعني: IBV, MHV, B814 و229E) تحت المجهر الإلكتروني (TEM) وعثرا على أن هذه الفيروسات كلها تمتلك نفس المواصفات الشكلية وأن كلها تمتلك بروزات بروتينية من غلافها الخلوي.

بعد هذه الدراسات تم تسمية هذه الفيروسات بفيروسات كورونا (CoronaViruses)، واستمرت الدراسات في العقود التالية، إلا أن سلالة B814 فُقِدَت.

الكثير من السلالات اُكتشفت تالياً، ومنها SARS-CoV في 2003، HCoV NL63 في 2003، HCoV HKU1 في 2004، MERS-CoV في 2013 و SARS-CoV-2 في 2019، الذي نعاني منه حالياً.


والآن، بعد أن تعرفنا على تاريخها، فلنقِ نظرة على بنيتها.

▪︎ بنية فيروسات كورونا:

فيروسات كورونا فيروسات كروية، كبيرة، وبقطر كبير نسبياً إذ يتراوح في المجال [120 ,80] نانومتر (قد تصل حتى 200)، بوزن جزيئي يُقدَّر بـ ‎40 × 10³ ‏كيلو دالتون، ومُغلفَة بغلاف مضاعف من مواد شحمية ومُدعَّم بعدة أنواع من البروتينات، وهي بروتين الغشاء (Membrane (M))، بروتين الغلاف (Envelope (E))، بروتين البروز (Spike (S)) وبروتين الغلاف النووي (Nucleocaspid (N)).

البروتينان الأولايان هما بروتينان بنيويان، يحافظان على شكل الغلاف الفيروسي. أمّا الثالث فهو البروتين الذي يدخل في عملية العدوى (يعني هو الذي يتآثر مع الخلية المُضيفة)، إلا في فيروس كورونا البشري NL63، والذي يقوم فيه البروتين الأول بهذا الدور.

البروتين M هو البروتين الرئيس في الغلاف الفيروسي ويتضمن عدداً من ثمالات الأحماض الأمينية يتراوح في المجال [263 ,218] ثمالة، ويتألف من ثلاثة نطاقات، النطاق خارج الفيروسي (نهاية أمينية)، العابر للغلاف وأخيراً داخل الفيروسي (نهاية كربوكسيلية).

هذا البروتين مسؤول عن: التبرعم (يعني تشكيل الشكل النهائي للفيروس)، التجميع، تشكيل الغلاف وفي مختلف مراحل العدوى الفيروسية التي يحدثها هذا الفيروس.

البروتين E بروتين قليل الوجود في الفيروس ويتألف من [76, 109] ثمالة، ويتألف من نطاقين فقط، العابر للغلاف وخارج الخلوي.

مسؤول عن: تشكيل قناة أيونية خماسيّة (يعني شكلها مضلع خماسي الأضلاع)، تجميع الفيروس، النقل داخل الخلوي وأخيراً التبرعم.

شكل ترسيميّ لفيروس كورونا.

أهم بروتين في الغلاف على الإطلاق، كما قد يتخيل القارئ، هو ما يمكّن الفيروس من إحداث المرض، وهو البروتين S.

البروتين S حقيقةً هو الذي يهب هذا الفيروس شكله المميز، البروزات.

يوجد وسطياً 74 بروز في جزيء الفيروس الواحد، بطول 20 نانومتر، ويتألف كل بروز من ثُلاثيّ قطع من البروتينات S، قطعتان في الأسفل (يعني أقرب إلى الفيروس) وتُسمى الواحدة منهما S₂ والعلوية (يعني الأبعد عن الفيروس) تُسمَّى S₁. هذه الأخيرة هي المفتاح الرئيس في عملية العدوى إذ إنها هي التي تحتوي على المجال الرابط للمستقبل (Receptor Binding Domain (RBD)).

القطعة S₁ هي الأكثر تغيّراً بين بروتينات الفيروس.

إلى الداخل من هذا الغلاف نجد غلاف آخر، ألا وهو الغلاف النووي، والذي، كما السابق، يحتوي على عدة أنواع من البروتينات والتي تقوم بأدوار مختلفة، إحداها ربط المادة الوراثية.


▪︎ جينوم الفيروس:

جينوم هذا الفيروس، كما أسلفنا، واحد من أضخم الجينومات الفيروسية.

شريط الرنا (RNA) مُغطَّى من النهاية '5 بقبعة من الغوانين الممثيل ويمتلك ذيل عديد الأدنين في النهاية '3.

يتنظم الجينوم على الشكل التالي، من النهاية '5:

منطقة غير مترجمة (‎5 UTR) ‏---> ريبليكاز (ORF1ab) ---> البروز (S) ---> الغلاف (E) ---> الغشاء (M) ---> الغلاف النووي (N) ---> ذيل عديد الأدينين.

مخطط يظهر جينومي SARS-CoV وMERS-CoV والأجزاء المسؤولة منهما عن البروتين S.

إطار القراءة المفتوح الخاص بالريبليكاز (ORF1ab) يشغل ثلثي حجم الجينوم، أمّا الثلث الباقي فيُرمّز لبروتينات البروز (S)، الغلاف (E)، الغشاء (M) والغلاف النووي (N).

المسافات الفاصلة بين المذكور تُرمِّز لبروتينات لاحقة، هذه الأخيرة التي يختلف عددها بين الأنواع المختلفة من فيروسات كورونا.

جينوم فيروس كورونا (بشكل عام. وهناك بالطبع اختلافات بين الأنواع المختلفة).


▪︎ دورة تضاعف الفيروس:

دورة تضاعف الفيروس.

- دخول الخلية:

تبدأ العدوى مذ ارتباط البروتين S₁ بالمستقبل الموافق له على غشاء الخلية المضيفة.

إثر ذلك، يقوم بروتياز نوعي للخلية بـشطر وتفعيل البروتين S₁ المرتبط بالمستقبل.

اعتماداً على الأخير، فإن الفيروس يدخل الخلية إما عبر التحام الأغلفة، أو عبر الالتقام الخلوي المُتواسَط بالمستقبل.


- ترجمة الجينوم:

بعد دخول جزيئة الفيروس إلى داخل الخلية، فإن الغلاف يتحلل وينكشف الجينوم الفيروسي بشكل مباشر على عصارة الخلية.

ولأنه يمتلك ما يؤهله لأن يُترجَم (قبعة على النهاية '5 وذيل من عديد الأدينيل على النهاية '3) فإنه يعمل كرنا مرسال ويستغل آلات الترجمة (الريبوزومات) في الخلية لكي تعمل عليه.

لدينا الثلثان الأولان عبارة عن إطاري قراءة مفتوحين متداخلين وهما ORF1a وORF1b، وترجمتهما تؤدي إلى تخليق بروتينين متداخلين وهما pp1a وpp1ab.

البروتين الاخير هو الأكبر وهو نتيجة انزياح إطار الترجمة بمقدار ‎-1 وهذا بسبب وجود سلسلة زلقة وبنية شبه عقدية من شريط الرنا ذاته، في نهاية إطار القراءة المفتوح ORF1a، ولهذا السبب قلنا بوجود تداخل بين الإطارين (وبالتالي، ضرورةً، بين البروتينين الناتجين).

البروتينات الناتجة تمتلك فعاليات حل ذاتي، وتقوم بتقطيع نفسها إلى بروتينات أصغر تُسمَّى باِسم بروتينات غير بنيوية (nsp)، منها بوليميراز الرنا المعتمد على الرنا (RdRp)، هيليكاز الرنا ورييونوكلياز خارجي.


- ريبليكاز - ترانسكريبتاز:

عدد من البروتينات غير البنيوية (nsp) تقوم بالتجمع لتشكيل مُعقَّد متعدد المواحيد يسمى معقد التنسخ-الترجمة (ريبليكاز - ترانسكريبتاز).

وظيفة التنسخ والترجمة يقوم بها بشكل رئيس بوليميراز الرنا المعتمد على الرنا (RdRp)، لكن هذه الأخيرة تساعده في ذلك وأيضاً تُكمِّل عمله حيث لا يستطيع. فمثلاً هو غير قادر على تدقيق ما قام به (تدقيق الرنا)، والذي يقوم بذلك هو الريبونوكلياز الخارجي.


- وظائف المعقد:

الانتساخ:

وفيها يقوم المعقد بإنتاج نسخة مطابقة من جينوم الفيروس، لكن بالاتجاه المعاكس، ولذا تُسمَّى بسلبيّة الطاق.

التنسخ:

وفيها يقوم المعقد بإنتاج نسخ مطابقة للنسخة الجديدة (ولجينوم الفيروس بطبيعة الحال) وبنفس الاتجاه (إيجابية الطاق).

إعادة الترتيب:

لا يحدث إعادة ترتيب في جينوم الفيروس إلا إِن وُجِدَ أكثر من جينوم فيروسي واحد في الخلية (يعني دخلها فيروسان فأكثر).

- التجميع والتحرير:

ما إن يكتمل تشكيل المادة الوراثية لـلفيروسات الوليدة فإن ترجمة جزيئات الرنا الناتجة من جينوم الفيروس الأصلي (والتي، كما قد تذكر، ناتجة عن الثلث الأخير/الثالث منه) تبدأ في الشبكة الهيولية الباطنة للخلية المُصابَة.

ينتج لدينا الأنواع سالفة الذكر من البروتينات (E, M وS)، والبروتين M هو الذي يقود العملية.

تُغلَّف الفيروسات في جهاز غولجي في حويصلات إفرازية -- بعد أن تكون مادتها الوراثية قد تغلفت بالغلاف النووي -- وتغادر الخلية بـالإخراج الخلوي.

ما إن تخرج، فإنها تكون جاهزةٌ فوراً لتعيد الكرّةَ مرةً أخرى.


▪︎ الإصابة في البشر:

الأنواع المختلفة من فيروس كورونا تختلف في عامل الاختطار بشكلٍ كبيرٍ. إذ نجد أن بعضها يقتل 30% من المصابين بها كفيروس MERS-CoV والبعض الآخر لا يُحدِث إلا وفيات قليلة، كحالات الزكام الشتوي المعتاد، وقد تتعدى الحالات في الأخيرة لتصل إلى الحُمَّى، اِلتهاب الحلق (نتيجة اِلتهاب الغدد اللمفاوية).

يمكن أن تسوء بعض الأحوال لتصل إلى حالة ذات الرئة واِلتهاب رُغامى (قد يكون مباشراً أي ناتجاً عن الفيروس بحدِّ ذاته، أو غير مباشر، يعني نتيجة ضعف المناعة يصبح الجسم مرتع لمختلف أنواع الجراثيم ومنها التي تحدث المذكور).

هناك سبع سلالات مكتشفة من فيروسات كورونا التي تصيب الإنسان:

1) فيروس كورونا ‏OC43 ‏(HCoV-OC43)، تابع لِـ β CoV؛

2) فيروس كورونا ‏HKU1 ‏(HCoV-HKU1)، تابع لِـ β CoV؛

3) فيروس كورونا ‏229R ‏(HCoV-229E)، تابع لِـ α CoV؛

4) فيروس كورونا ‏NL63 ‏(HCoV-NL63)، تابع لِـ α CoV؛

5) فيروس كورونا المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (SARS-CoV)، تابع لِـ β CoV وظهر عام 2003؛

6) فيروس كورونا المتلازمة التنفسية الشرق أوسطية (MERS-CoV)، تابع لِـ β CoV وظهر عام 2012؛

7) فيروس كورونا المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة، النمط الثاني (2 SARS-CoV)، تابع لِـ β CoV وظهر عام 2019.

الأربعة الأولى تُحدِث أعراض طفيفة إلى متوسطة.

الثلاثة الأخيرة تُحدِث أعراض قوية إلى قاتلة.

وهناك نمط آخر، لم ينتشر بشكل واسع:

8) فيروس كورونا HuPn ‏(CoV-HuPn 201).


▪︎ تناقل الفيروس بين البشر:

الأفراد المصابة قادرة على إعداء الأفراد السليمة بإخراج الفيروس من أجسامها إلى الهواء أو إلى أي جسم يلمسه الآخرون. ممّا هو مُتواتَر، الطريق الشرجي الفموي (بالتأكيد لن يأكل أحدهم من شرج الآخر، لكن المقصود هنا، وباختصار، أن كائناً ما مصاباً بفيروس معيّن، قد يتبرز في مكانٍ ما، وتأتي الحشرات كالذباب لتنقل الفيروسات والجراثيم من هذا البراز إلى طعام البشر، وهكذا فإن الأمراض تنتقل من شرج أحدهم إلى فم الآخرعبر الجوامد (كأن يسعل أحدهم على كتاب ما ويأتي الآخر للمسه) وأخيراً عبر الجو.

فيروسات كورونا تصيب الأنسجة الظهارية، دوماً.

يتواتر عند البشر أن تصيب ظهارة السبيل التنفسي (والرغامى تحديداً)، وعند الحيوانات الأخرى أن تصيب ظهارة السبيل الهضمي.

فيروس SARS-CoV، على سبيل المثال ، يصيب الخلايا الظهارية البشرية في الرئتين عبر الطريق الجويّ، عن طريق الارتباط بمستقبل الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 ‎(ACE₂).

يصيب فيروس التهاب المعدة والأمعاء الشائع (TGEV) الخلايا الظهارية للخنازير في الجهاز الهضمي عبر الطريق الشرجي-الفموي عن طريق الارتباط بمستقبل ألانين أمينوببتيداز (APN).


▪︎ فيروس كورونا المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة، النمط الثاني (2 SARS-CoV) (أو بكل بساطة، كورونا):


صورة تُبيّن أعراض فيروس SARS-CoV 2 (أو ببساطة، كورونا) المعروفة.


أعراض فيروس كورونا تتراوح من متوسطة حتّى شديدة. الأعراض الشائعة هي غالباً: صُداع، فقدان حاسة الشم، فقدان حاسة التذوق، احتقان أنفي أو سيلان أنفي، سُعال، ألم عضليّ، اِلتهاب حلق، حمّى، إسهال ومشاكل تنفسية.

صُنِّفَت الأعراض إلى ثلاث فئات، وهي:

أعراض تنفسية: سعال، حمّى، بلغم وضيق في التنفس؛

أعراض عضلية هيكلية: آلام في المفاصل والعضلات، صداع وتعب؛

أعراض هضمية: ألم في السبيل الهضمي، تقيؤ وإسهال.

كحالِ كل مرض، هناك مصابون عرضيون (يظهرون أعراض) ومرضى لا عرضيون، هؤلاء الأخيرون ينشرون المرض لأنهم يظنون أنفسهم غير مصابين، فلا يجرون الفحوصات اللازمة، وغالباً لا يراعون العادات الصحية المنصوح بها.

بالنسبة للمرضى العرضيين، ‎81% ‏تتطور لديهم أعراض من خفيفة حتّى متوسطة (أشدها ذات الرئة، لكن على درجة متوسطة)، و ‎14% ‏منهم تتطور لديهم أعراض شديدة كـالزلة التنفسية ونقص الأكسجة.

فقط ‎5% ‏من المصابين تتطور لديهم أعراض قاتلة، كـفشل في الجهاز التنفسي، صدمة، وفشل معمم الاجهزة.

الفترة الفاصلة بين الإصابة وبين ظهور الأعراض هي، حسب آخر التقارير، وبشكلٍ وسطيٍّ، من أربعة حتّى خمسة أيام.


▪︎ الآليّة الإمراضية لفيروس كورونا:

صورة ترسيميّة توضح بشكل مبسط الآلية الإمراضية لفيروس كورونا.


فيروس كورونا يصل عبر الطريق الجويّ إلى السبيل التنفسي، ويؤذيه، وأكثر الأعضاء المتأثرة هي الرئتين.

يدخل إلى الخلايا الظهارية السنخية النمط 2 عبر المستقبل ACE₂ الموجودة على سطحها، وقد تطرقنا إلى كيفية حدوث ذلك وإلى دورة تكاثره، بالتفصيل، سابقاً.

يصيب الفيروس عدة أجهزة في جسم الإنسان (رغم أن الجهاز التنفسي هو الأكثر تأثراً)، ومنها: العصبي، الهضمي والقلبي الوعائي.

سنتطرق إلى كلٍ منها مع بعض التفصيل، وإلى أعضاء وأجهزة أخرى:

- الجهاز العصبي:

لا توجد دلائل مؤكدة على أن فيروس كورونا يصل إلى داخل الجهاز العصبي المركزي، إلا أن بعض الجثث، التي تعود لأشخاص ماتوا بهذا الفيروس، تحتوي أدمغتها على فيروس SARS-CoV 2، ولكن بكميات قليلة، وحتّى هذا يحتاج إلى تأكيد لأن تواتره في الجثث التي شُرِّحت قليل.

نظرياً، يمكن للفيروس الدخول إلى داخل الجهاز العصبي المركزي بعدة طرق، منها، على سبيل المثال، أن يُحمَّل في كرية بيضاء هرمة تخترق الحاجز الدماغي الدموي، ومن هناك يصل إلى أي مكان داخله، ويتلف أي شيء. لكن، عملياً، فلا توجد أدلة كافية، كما ذكرنا.

أمّا فيما يخص تفسير كيفية فقدان المرضى لحاسة الشم، فلا يكون بسبب تلف العصب الشمي بشكل مباشر، وإنما، الفيروس يهاجم الخلايا المساعدة للخلايا الشمية الموجودة في التجويف الأنفي، ومنها، وبشكلٍ غير مباشرٍ، يُتلَف العصب الشمي، ولرُبّما يكون فقدان حاسة التذوق بنفس الطريقة.

هنا الفيروس لم يدخل الجهاز العصبي المركزي، وإنما أتلف قسماً منه دون أن يدخله.

وُجِدَ عند بعض الجثث التي تعود لأشخاص عانوا من مشاكل تنفسية شديدة وصعوبة في إحداث التنفس السويّ، تراكيز معينة من فيروس كورونا في السائل الدماغي الشوكي المحيط بجذع الدماغ لدى هذه الجثث.

- السبيل الهضمي:

يتأثر جهاز الهضم (لكن وكما أسلفنا بالذكر، لدى الحيوانات بشكل رئيس) بشكل كبير لأن مستقبل ACE₂ موجود بوفرة على سطوح الخلايا الغدية للظهارات المعوية، الاثني عشرية والمستقيمية، الخلايا البطانية والخلايا المعوية في المعي الدقيق.

- الجهاز القلبي الوعائي:

الفيروس يمكن أن يُحدِث آلام قلبية حادّة، وإصابة مزمنة في الجهاز القلبي الوعائي ككل.

إحصائياً، وُجِدَ أن ‎12% ‏من المصابين في مدينة ووهان في الصين عانوا من مشاكل في الجهاز القلبي الوعائي.

خطر الإصابة مرتفع، والسبب في ذلك منطقيّ، إذ إن مستقبلات ACE₂ متواجدة بوفرة شديدة في القلب.

وُجِدَ لدى الكثير من مصابي كورونا الذين نُقلُوا إلى وحدة العناية المشددة في مختلف المشافي حول العالم خثرات منتشرة في الجهاز القلبي الوعائي وصُمّات خثرية وريدية في بعض الأحيان. وهذا عُزِيَ إلى التشخيص الخاطئ والضعيف لوجود الفيروس لدى هؤلاء.

إصابة القلب بالفيروس تقود لأحداث تقلصيّة في كامل الجهاز القلبي الوعائي، ومنها في الدوران الرئوي.

- بعض الأعضاء الأخرى:

انظر الصورة المرفقة أدناه.

الانتحائية (وتعني أن العامل الممرض يصيب عضو أو جهاز دون الأخر) وتعدد إصابات الأجهزة لدى مرضى فيروس كورونا.


▪︎ تشخيص فيروس كورونا:

يُشكّ بوجود الفيروس بناءً على الأعراض ويُؤكَّد ذلك بـتفاعل البوليميراز السلسلي العكسي (RT-PCR) أو أي اختبار يقوم على مبدأ فحص المادة الوراثية.

هذا بالنسبة للفحوصات المختبرية، ولكن يمكن أيضاً للصور الشعاعية للصدر أن تؤكد ذلك، خاصةً عند الرغبة بالحصول على تأكيد قطعي لحدوث الإصابة.

أمّا إن أردنا تحري حدوث الإصابة من قبل، يعني هل أُصيبَ هذا الفرد بالفيروس من قبل أم لا، فبكل بساطة نجري بعض الفحوصات على مصل من هذا الشخص، لمعرفة وجود أضداد فيروس كورونا أم لا.

طريقة التحري بـ RT-PCR محدودة القدرة في الكشف عن وجود الفيروس وإثبات مرض الفرد من عدمه. هذا يعود لأننا بهذه الطريقة نكشف عن وجود المادة الوراثية للفيروس وليس الفيروس ككل متكامل (يعني، بعبارة أخرى، قد يكون الفيروس ميت، والفرد الآن غير مصاب عملياً، وما حصلنا عليه مجرد قطع من مادته الوراثية المتبقية بعد قتله بواسطة مناعة الجسم).

تؤخذ العينات من أجل هذا الاختبار من مسحة من السبيل الأنفي البلعومي، لكن يمكن أخذ عينات من البلغم أيضاً.

صورة تُبيّن عامل في الفريق الطبيّ وهو يأخذ مسحة أنفية.

التصوير الشعاعي طريقة أخرى مفيدة في الكشف عن فيروس كورونا، لكن لا يمكن أبداً الاعتماد عليها لوحدها من دون الفحوصات المختبرية المؤكدة الأخرى لذلك كالفحص المذكور آنفاً، لأن التشخيص بناءً على الصورة الشعاعية صعب، كونه يتشابه مع أدواء أخرى كثيرة.

ورغم ذلك، إلا أنه قد وُجِدَ أنها أسرع وأكثر حساسية من RT-PCR.

الصورة الشعاعية النمطية لمرضى فيروس SARS-CoV 2 تكون كالآتي: تظهر شفافيات زجاجية ثنائية الجانب متعددة الفصوص وتكون منتشرة في المحيط وبشكل غير متناظر وذات توضع خلفي، في الصورة، مقارنة بصورة شعاعية لشخص سليم. هذا يكون في المراحل الأولية من المرض.

مع تقدم المرض نلاحظ: تكثف في النسيج الرئوي تحت جنبوي (يعني إلى الداخل من غشاء الجنب ولكن على محيط الرئة) وتوذمات في الأكياس السنخية مع زيادة سماكة الحاجز بين الأسناخ.

صورة الطبقي المحوري يظهر فيها انصباب جنبوي.

صورة شعاعية لصدر مريض فيروس SARS-CoV 2.
صورة أخرى تشير إلى ما سُمِّيَ باِسم شفافيات زجاجية.
صورة طبقي محوري.
المناطق البيضاء في الرئتين هي المناطق المتأذية.


▪︎ الموجودات السريرية:

- في المظهر العياني: اِلتهاب التامور، تكثف الرئتين، وذمة رئوية.

- على المستوى المجهري:

• في الرئتين: نضح مصلي ضئيل، وذمة رئوية، فرط تنسج في الخلايا السنخية، خلايا سنخية كبيرة لا نمطية، اِلتهاب في النسج الخلالي مع رشح للخلايا اللمفاوية إليه وتشكلات لخلايا متعددة النوى ضخمة؛

• في الأوعية الدموية: التخثر الدموي المنتشر الوعائي (DIC)، اِلتهاب بطانة الأوعية الدموية؛

• في الكبد: تكدسات دهنية صغيرة الحويصلات؛

• في الأنف: تلف للظهارة الشمية؛

• في الدماغ: احتشاء؛

• في الكلية: تأذي حاد للأنابيب البولية؛

• في الطحال: اختفاء اللب الأبيض.


▪︎ لقاح فيروس كورونا:

أنواع اللقاحات المستعملة لفيروس كورونا (ملاحظة: ج.ش.ن تعني جزيئة شحمية نانوية (LNP)).


هناك، على الأقل، تسع تقنيات مختلفة يُعمَل عليها لتوفير لقاح فعّال لفيروس كورونا.

تقريباً كل التقنيات تستهدف البروتين S بشكلٍ أم بآخر، لكن ليس لأنه مفتاح دخول الفيروس للخلية المضيفة، لا، بل لأنه هو ما يحث الاستجابة المناعية في الجسم.

نذكر من أسماء هذه التقنيات:

• ما يعتمد على الحمض النووي، مراسيل الدنا والرنا مُعدَّلة النكليوزيدات؛

• نواقل فيروسية لا تتضاعف؛

• نواقل فيروسية تتضاعف؛

• بيبتيدات؛

• بروتينات مؤشبة؛

• فيروسات كورونا حيّة لكن مُضعفَّة؛

• فيروسات كورونا مقتولة (إما بالحرارة أو ببعض العوامل الكيميائية).

وسنتحدث عن كل نوع لوحده:


لقاحات الرنا:

ومنها Pfizer-BioNTech وModerna.

لقاح CVnCoV فشل في أولى مراحل التجارب السريرية، ولذا لم يظهر للعلن.

هي أول أنواع اللقاحات التي رُخِّصت للاستعمال في أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي.

هذه اللقاحات تستعمل الرنا كمحرض لتشكيل المناعة ضد الفيروس.

المبدأ أن الرنا هذا سيستعمله الجسم لتشكيل بروتين غريب عنه وهو البروتين S، وبذا فإن الجسم يشكل أضداد تجاه هذا المستضد ونظرياً سيكون الجسم قادراً على القضاء على الفيروس ما إن يدخل مستقبلاً.

يجدر بالذكر أن الرنا قد لا يحوي نكليوتيدات طبيعية، وإنما قد تُعدَّل بعض نكليوزيداته لغايات شتّى.

يدخل إلى الجسم مُغلَّفَاً بمادة شحمية كغشاء الخلية، وتسمى أجسام شحمية نانوية (LNP)، لأجل حمايته.

لم تصادف حالات تحسسيّة شديدة تجاه هذا النوع من اللقاحات إلا قليلاً، وإنها إن حدثت، فهي بسبب الغلاف المغلف لجزيء الرنا.

آلية عمل لقاحات الرنا.


لقاحات النواقل الفيروسية الغدانيّة:

ومنها: Oxford–AstraZeneca، Sputnik V، Convidecia وJanssen.

هذه اللقاحات تستعمل الغلاف الفيروسي للفيروسات الغُدانيّة، لكن من الداخل فإن المادة الوراثية تكون DNA مُرّمز لبعض بروتينات فيروس SARS-CoV 2.

هذه اللقاحات لا تتضاعف، يعني أنها لا تنتج فيروسات جديدة، وإنما فقط أجزاء منها لتثير مناعة الجسم ضد الفيروس.


لقاحات الفيروسات المُعطَّلة:

ومنها:

CoronaVac، BBIBP-CorV، Covaxin، CoviVac، WIBP-CorV، QazVac، COVIran Barekat و Valneva.

علماً أن الاخير لم يخرج من مراحل التجارب السريرية بعد، حتّى لحظة كتابة هذه السطور.

هذه اللقاحات عبارة عن فيروسات خُلِّقَت في مزارع فيروسية ومن ثم قُتِلَت إما بالحرارة أو بالفورم‏ألدهيد مثلاً، وبذا فإنّها لا تعود قادرة على إحداث المرض ولكن بنفس الوقت تُحرِّض الجسم على تشكيل مناعة للفيروس.


اللقاحات الجزئية:

ومنها:

EpiVacCorona، ZF2001، MVC-COV1901، Novavax، Soberana 02، Sanofi–GSK و V451 vaccine.

هذه الفيروسات تقوم على نفس مبدأ سابقاتها، تقريباً.

إذ لا نقدم الفيروس كاملاً، وإنما جزء من بروتيناته فقط.


اللقاحات الأنفيّة:

ومنها:

Flumist (في أمريكا); Fluenz Tetra (في دول الاتحاد الأوروبي).

هذه اللقاحات تختلف عن باقي ما ذُكِرَ أنها لا تعطى عن طريق الإبرة، ولكن عن طريق الأنف، وبالتالي توفر طريقة أخرى لتوصيل اللقاح لهؤلاء الذين يعانون من رهاب تجاه الإبر.

هذه اللقاحات تستهدف إحداث المناعة عن طريق خط الدفاع الأول للجسم، ألا وهو الظهارة، وهي هنا ظهارة تجويف الأنف. وإحدى أهم العوامل التي تُفرَز استجابةً لهذا هو IgA.

وهناك أنواع أخرى واعدة من اللقاحات.

صورة أخرى لأنواع اللقاحات المستعملة لفيروس كورونا.

▪︎ الأعراض الجانبية:

لقاح كورونا عبر الإبر يعطى بالحقن العضلي، وكحال أي مادة تعطى بهذه الطريقة، فإن الأعراض الجانبية تكون آلام بسيطة في منطقة الحقن، احمرار وطفح جلدي بسيط حول المنطقة.

الأعراض الأخرى تتضمن تعب، صداع، أوجاع عضلية وآلام مفصلية وكلها تزول عادةً خلال عدة أيام.

أحياناً، تتطور الأعراض لدرجة إحداث تحسس تجاه بعض مواد اللقاح، وفي حالات نادرة تحدث صدمة تأقية.


▪︎ المصادر:

https://en.wikipedia.org/w/index.php?title=Coronavirus&mobileaction=toggle_view_desktop


https://en.m.wikipedia.org/wiki/COVID-19


https://en.m.wikipedia.org/wiki/Severe_acute_respiratory_syndrome_coronavirus_2


https://en.wikipedia.org/wiki/COVID-19_vaccine


https://en.wikipedia.org/wiki/Intramuscular_injection


https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC75515


https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC7113610/


https://www.sciencedirect.com/topics/neuroscience/coronavirus

   

ملاحظة: كل الصور المستعملة في هذا المقال أخذت من صور منشورة تحت رخصة المشاع الإبداعي، شاكربن أصحابها.



Report Page