00

00

مع تطور التكنولوجيا المالية بالصين.. كيف سيكون مستقبل الدولار؟
الصين تحاول جاهدة لتقوية مركزها المالي العالمي والسماح لعملتها بنفوذ أكبر (غيتي)

24/5/2020

بعد مرور 75 عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية، لم يفقد الدولار هيمنته. ففي أواخر مارس/آذار، انهارت الأسواق المالية العالمية وسط فوضى جائحة فيروس كورونا، ولجأ المستثمرون الدوليون على الفور إلى الدولار الأميركي، تماما كما فعلوا خلال الأزمة المالية عام 2008، واضطر نظام الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة إلى توفير مبالغ ضخمة من الدولارات لنظرائه العالميين.

وفي تقريره الذي نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأميركية، قال الكاتب هنري بولسون إن الهيمنة الدائمة للدولار كانت ملحوظة، حتى مع صعود الأسواق الناشئة والانحدار النسبي للاقتصاد الأميركي من حوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عام 1960، إلى 25% فقط في الوقت الراهن.

لكن بإمكاننا أن نقيم وضع الدولار من خلال قدرة واشنطن على تجاوز أزمة فيروس كوفيد-19، وخلق سياسات اقتصادية تسمح للبلاد بالتعامل مع ديونها الوطنية والحد من عجزها المالي الهيكلي.

وفي الواقع، تُعد مكانة الدولار مهمة، حيث يُمكّن الدور الذي يلعبه كعملة احتياطية عالمية أساسية الولايات المتحدة من دفع رسوم أقل على الأصول المقومة بالدولار مما كانت ستفعله مع أصول مقومة بعملة أخرى، كما يُمكّن الدولار البلاد من إدارة عجز تجاري أكبر، إلى جانب التقليل من مخاطر سعر الصرف، ويجعل الأسواق المالية الأميركية أكثر سيولة.

وذكر الكاتب أن محافظة الدولار على هذه المكانة لفترة طويلة أمر فريد من نوعه تاريخيا، ولا سيما في سياق صعود الصين.

وقال إن اليوان الصيني يعد حتى الآن أكثر عملة تمتلك إمكانات تجعلها جديرة بمنافسة دور الدولار، ومن شأن عوامل -على غرار الحجم الاقتصادي للصين والتوقعات المتعلقة بنموها المستقبلي واندماجها في الاقتصاد العالمي والجهود الحثيثة لإضفاء الطابع الدولي على اليوان- أن تساهم في توسيع دور العملة الصينية.

اليوان الرقمي

لكن هذه الشروط غير كافية في حد ذاتها، ولن تغير نجاحات الصين في مجال التكنولوجيا المالية من مكانة الدولار، بما في ذلك نشرها السريع لأنظمة الدفع عبر الهاتف المحمول والمشروع التجريبي الأخير الذي أطلقه بنك الشعب الصيني لاختبار "اليوان الرقمي".

وأورد الكاتب أنه لا تزال هناك عقبات رئيسية يتعين على بكين تجاوزها قبل أن يصبح اليوان حقا عملة احتياطية عالمية رئيسية. فالصين تحتاج إلى تحقيق المزيد من التقدم في عملية انتقالها إلى اقتصاد يحركه السوق، وتطوير أسواق مالية فعالة ومنظمة جيدا تحظى باحترام المستثمرين الدوليين، حتى تتمكن من إلغاء الضوابط الرأسمالية وتحويل اليوان إلى عملة يحدد قيمتها السوق.

في المقابل، يجب أن تكون واشنطن حذرة بشأن المخاطرة التي تنطوي على منافستها مع الصين، ويجب أن تحافظ على دورها الريادي في الابتكار المالي والتكنولوجي. ولكن لا حاجة لتضخيم تأثير عملة الاحتياطي الصيني الرقمية على الدولار الأميركي.

والأهم من ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تحافظ على الظروف التي خلقت هيمنة الدولار في المقام الأول. وباختصار، يقول الكاتب إن الحفاظ على مكانة الدولار لا يعتمد على ما يحدث في الصين، وإنما يعتمد بشكل كامل تقريبا على قدرة الولايات المتحدة على التكيف مع اقتصاد ما بعد كوفيد-19، حتى تحافظ على صورتها كنموذج للنجاح.

التكنولوجيا المالية

وأوضح الكاتب أن الكثير من الأشخاص العائدين من الصين لاحظوا كيف خفضت البلاد من اعتمادها على النقود، حيث تجرى جميع المعاملات الآن عن طريق الهواتف الذكية ورموز الاستجابة السريعة. كما تزايدت تنافسية الشركات الصينية في مجال التكنولوجيا المالية، ويعد المستهلكون الصينيون أكثر مستخدميها.

بناء على هذه المعطيات، يرى النقاد أن هيمنة التكنولوجيا المالية الصينية يمكن أن تهدد المكانة العالمية للدولار قريبا. والواقع أن الصين لم تكن رائدة في مجال التكنولوجيا المالية، وإنما كانت سريعة في اعتماد وصقل هذه التقنية، بحسب الكاتب.

ويضيف أن الفرق بين الولايات المتحدة والصين هو أن الأميركيين لا يزالون وفيين لبطاقات الائتمان، لأن استخدامها سلس وأكثر أمانا.

وأورد الكاتب أن شركات التكنولوجيا الصينية عززت الابتكار لتلبية طلب المستهلكين وتعويض النقص في البنية التحتية المالية للبلاد. كما بدأت الشركات الصينية نشر هذه التقنيات في الأسواق النامية التي شجعت اقتصاداتها الناشئة على تقبل استعمال الهواتف الذكية لإجراء مختلف المعاملات المالية، مما سمح للشركات الصينية بالحصول على حصتها من السوق.



الشكل مقابل الدور

وعلى الرغم من أن البنك المركزي الصيني يمكن أن يطلق عملة رقمية في وقت مبكر من هذا العام، فإن العناوين الرئيسية تبالغ في تقدير التحولات.

ويقول الكاتب إن "من يخشون من أن يمثل هذا التطور نهاية تفوّق الدولار الأميركي، يسيئون فهم حقيقة أن شكل المال قد يتغير ولكن صبغته لا تتغير". ويضيف أنه على الرغم من أن الحكومة الصينية شجعت استخدام اليوان لتسوية المعاملات التجارية كجزء من إستراتيجية التسويق لعملتها، فإن النفط والسلع الرئيسية الأخرى لا تزال مسعرة بالدولار الأميركي.

ويشير الكاتب إلى أنه في الوقت الراهن، قد يبدو "الاحتكار الطبيعي" للدولار الأميركي أحد عناصر النظام الدولاري، لكن مع مرورو الوقت، من المرجّح أن يمنح النظام النقدي الدولي مرة أخرى أهمية متساوية نسبية لعملتين احتياطيتين عالميتين أو أكثر.

ويعدّ اليوان بمثابة المنافس الرئيسي، نظرا لأنه يعتبر بالفعل عملة احتياط جنبا إلى جنب مع الين واليورو والجنيه الإسترليني، في وقت من المقرر فيه أن يصبح الاقتصاد الصيني أكبر اقتصاد في العالم في المستقبل، كما سيكون أول اقتصاد رئيسي يتعافى من أزمة كوفيد-19.

ويرى الكاتب أنه على الرغم من أن من غير المرجح أن تقوّض العملة الرقمية التي تروّج لها بكين تفوق الدولار، فإن من المؤكد أنها قادرة على تسهيل جهود الصين للتسويق لليوان.

إلى جانب ذلك، يمكن للشركات الصينية مثل "تينسنت" التي تتمتع بنفوذ واسع في البلدان النامية في أفريقيا وأميركا اللاتينية، أن تعزز وجودها في تلك المناطق، مما يسمح لليوان الرقمي بالحصول على حصتها في السوق، في المستقبل. ذلك، يمكن أن يساعد هذا في تعزيز مكانة اليوان العالمية، وأن يصبح جزءا من إستراتيجية أوسع لإبراز التأثير الاقتصادي والسياسي الصيني في الخارج.



تفوق صيني

وفي السياق أيضا، قال الكاتبان أديتي كومار وإيريك روزنباخ -في تقرير منفصل بمجلة "فورين أفيرز" الأميركية- إن مشروع "اليوان الرقمي" الذي يجري تطويره الآن في أربع من كبرى المدن الصينية، يعد إشارة واضحة على أن الصين باتت تتفوق بسنوات على الولايات المتحدة في تطوير هذه العملة التي من المتوقع أن تكون أداة محورية في الاقتصاد الرقمي العالمي.

ويضيف الكاتبان أن الصين سوف تستخدم مزيجا من اليوان الرقمي ومنصات الدفع الإلكتروني القوية، لتوسيع نفوذها وتعزيز قدرتها على التغلغل الاقتصادي في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.

ويعتبر الكاتبان أن ظهور العملات الرقمية قد يؤدي لتآكل فعالية العقوبات الأميركية، ويحد من الخيارات المتاحة أمامها للتعامل مع التهديدات الأمنية التي تشكلها دول مثل إيران وكوريا الشمالية وروسيا، كما أن هذه التحولات أيضا قد تعرقل قدرة السلطات الأميركية على تعقب تدفق الأموال بشكل غير نظامي.

ويتابع الكاتبان أن التطور الصيني يستلزم إطلاق مبادرة للدولار الرقمي، وهي جهود سوف تجمع الحكومات مع القطاع الخاص لتطوير عملة وطنية رقمية. وفي حال عدم حدوث ذلك، فإن الفشل في السيطرة على تأثير اليوان الرقمي، والفشل في تطوير بديل أميركي قادر على المنافسة، سوف يقوّض الهيمنة الأميركية على العالم في عصر المعلومات.

يبدأ تفوق الدولار من أميركا نفسها

يعود الكاتب هنري بولسون ليؤكد على أن الولايات المتحدة بحاجة إلى أن تأخذ على محمل الجد الصين باعتبارها منافسا اقتصاديا حقيقيا، ولكن عندما يتعلق الأمر بتفوق الدولار، فإن الخطر الرئيسي لا ينبع من بكين ولكن من واشنطن نفسها.

ويقول الكاتب إن الولايات المتحدة ينبغي أن تحافظ على اقتصاد قادر على كسب المصداقية والثقة على المستوى العالمي، ومع مرور الوقت، سيؤدي الفشل في القيام بذلك إلى تهديد مكانة الدولار الأميركي.

وأشار إلى أن على واشنطن أن تدرك أن العقوبات الأحادية الجانب -التي أصبحت ممكنة بفضل سيادة الدولار- لا تخلو من المخاطر، حيث يمكن أن يؤدي تسليح الدولار بهذه الطريقة إلى تنشيط الحلفاء والأعداء الأميركيين لتطوير عملات احتياطية بديلة، وربما حتى توحيد القوى العالمية للقيام بذلك؛ وهذا ما شجّع الاتحاد الأوروبي على الدفع نحو تعزيز مكانة عملة اليورو في المعاملات الدولية.

المصدر : فورين أفيرز




مع تطور التكنولوجيا المالية بالصين.. كيف سيكون مستقبل الدولار؟

الصين تحاول جاهدة لتقوية مركزها المالي العالمي والسماح لعملتها بنفوذ أكبر (غيتي)

24/5/2020

بعد مرور 75 عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية، لم يفقد الدولار هيمنته. ففي أواخر مارس/آذار، انهارت الأسواق المالية العالمية وسط فوضى جائحة فيروس كورونا، ولجأ المستثمرون الدوليون على الفور إلى الدولار الأميركي، تماما كما فعلوا خلال الأزمة المالية عام 2008، واضطر نظام الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة إلى توفير مبالغ ضخمة من الدولارات لنظرائه العالميين.

وفي تقريره الذي نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأميركية، قال الكاتب هنري بولسون إن الهيمنة الدائمة للدولار كانت ملحوظة، حتى مع صعود الأسواق الناشئة والانحدار النسبي للاقتصاد الأميركي من حوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عام 1960، إلى 25% فقط في الوقت الراهن.

لكن بإمكاننا أن نقيم وضع الدولار من خلال قدرة واشنطن على تجاوز أزمة فيروس كوفيد-19، وخلق سياسات اقتصادية تسمح للبلاد بالتعامل مع ديونها الوطنية والحد من عجزها المالي الهيكلي.

وفي الواقع، تُعد مكانة الدولار مهمة، حيث يُمكّن الدور الذي يلعبه كعملة احتياطية عالمية أساسية الولايات المتحدة من دفع رسوم أقل على الأصول المقومة بالدولار مما كانت ستفعله مع أصول مقومة بعملة أخرى، كما يُمكّن الدولار البلاد من إدارة عجز تجاري أكبر، إلى جانب التقليل من مخاطر سعر الصرف، ويجعل الأسواق المالية الأميركية أكثر سيولة.

وذكر الكاتب أن محافظة الدولار على هذه المكانة لفترة طويلة أمر فريد من نوعه تاريخيا، ولا سيما في سياق صعود الصين.

وقال إن اليوان الصيني يعد حتى الآن أكثر عملة تمتلك إمكانات تجعلها جديرة بمنافسة دور الدولار، ومن شأن عوامل -على غرار الحجم الاقتصادي للصين والتوقعات المتعلقة بنموها المستقبلي واندماجها في الاقتصاد العالمي والجهود الحثيثة لإضفاء الطابع الدولي على اليوان- أن تساهم في توسيع دور العملة الصينية.

اليوان الرقمي

لكن هذه الشروط غير كافية في حد ذاتها، ولن تغير نجاحات الصين في مجال التكنولوجيا المالية من مكانة الدولار، بما في ذلك نشرها السريع لأنظمة الدفع عبر الهاتف المحمول والمشروع التجريبي الأخير الذي أطلقه بنك الشعب الصيني لاختبار "اليوان الرقمي".

وأورد الكاتب أنه لا تزال هناك عقبات رئيسية يتعين على بكين تجاوزها قبل أن يصبح اليوان حقا عملة احتياطية عالمية رئيسية. فالصين تحتاج إلى تحقيق المزيد من التقدم في عملية انتقالها إلى اقتصاد يحركه السوق، وتطوير أسواق مالية فعالة ومنظمة جيدا تحظى باحترام المستثمرين الدوليين، حتى تتمكن من إلغاء الضوابط الرأسمالية وتحويل اليوان إلى عملة يحدد قيمتها السوق.

في المقابل، يجب أن تكون واشنطن حذرة بشأن المخاطرة التي تنطوي على منافستها مع الصين، ويجب أن تحافظ على دورها الريادي في الابتكار المالي والتكنولوجي. ولكن لا حاجة لتضخيم تأثير عملة الاحتياطي الصيني الرقمية على الدولار الأميركي.

والأهم من ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تحافظ على الظروف التي خلقت هيمنة الدولار في المقام الأول. وباختصار، يقول الكاتب إن الحفاظ على مكانة الدولار لا يعتمد على ما يحدث في الصين، وإنما يعتمد بشكل كامل تقريبا على قدرة الولايات المتحدة على التكيف مع اقتصاد ما بعد كوفيد-19، حتى تحافظ على صورتها كنموذج للنجاح.

التكنولوجيا المالية

وأوضح الكاتب أن الكثير من الأشخاص العائدين من الصين لاحظوا كيف خفضت البلاد من اعتمادها على النقود، حيث تجرى جميع المعاملات الآن عن طريق الهواتف الذكية ورموز الاستجابة السريعة. كما تزايدت تنافسية الشركات الصينية في مجال التكنولوجيا المالية، ويعد المستهلكون الصينيون أكثر مستخدميها.

بناء على هذه المعطيات، يرى النقاد أن هيمنة التكنولوجيا المالية الصينية يمكن أن تهدد المكانة العالمية للدولار قريبا. والواقع أن الصين لم تكن رائدة في مجال التكنولوجيا المالية، وإنما كانت سريعة في اعتماد وصقل هذه التقنية، بحسب الكاتب.

ويضيف أن الفرق بين الولايات المتحدة والصين هو أن الأميركيين لا يزالون وفيين لبطاقات الائتمان، لأن استخدامها سلس وأكثر أمانا.

وأورد الكاتب أن شركات التكنولوجيا الصينية عززت الابتكار لتلبية طلب المستهلكين وتعويض النقص في البنية التحتية المالية للبلاد. كما بدأت الشركات الصينية نشر هذه التقنيات في الأسواق النامية التي شجعت اقتصاداتها الناشئة على تقبل استعمال الهواتف الذكية لإجراء مختلف المعاملات المالية، مما سمح للشركات الصينية بالحصول على حصتها من السوق.



الشكل مقابل الدور

وعلى الرغم من أن البنك المركزي الصيني يمكن أن يطلق عملة رقمية في وقت مبكر من هذا العام، فإن العناوين الرئيسية تبالغ في تقدير التحولات.

ويقول الكاتب إن "من يخشون من أن يمثل هذا التطور نهاية تفوّق الدولار الأميركي، يسيئون فهم حقيقة أن شكل المال قد يتغير ولكن صبغته لا تتغير". ويضيف أنه على الرغم من أن الحكومة الصينية شجعت استخدام اليوان لتسوية المعاملات التجارية كجزء من إستراتيجية التسويق لعملتها، فإن النفط والسلع الرئيسية الأخرى لا تزال مسعرة بالدولار الأميركي.

ويشير الكاتب إلى أنه في الوقت الراهن، قد يبدو "الاحتكار الطبيعي" للدولار الأميركي أحد عناصر النظام الدولاري، لكن مع مرورو الوقت، من المرجّح أن يمنح النظام النقدي الدولي مرة أخرى أهمية متساوية نسبية لعملتين احتياطيتين عالميتين أو أكثر.

ويعدّ اليوان بمثابة المنافس الرئيسي، نظرا لأنه يعتبر بالفعل عملة احتياط جنبا إلى جنب مع الين واليورو والجنيه الإسترليني، في وقت من المقرر فيه أن يصبح الاقتصاد الصيني أكبر اقتصاد في العالم في المستقبل، كما سيكون أول اقتصاد رئيسي يتعافى من أزمة كوفيد-19.

ويرى الكاتب أنه على الرغم من أن من غير المرجح أن تقوّض العملة الرقمية التي تروّج لها بكين تفوق الدولار، فإن من المؤكد أنها قادرة على تسهيل جهود الصين للتسويق لليوان.

إلى جانب ذلك، يمكن للشركات الصينية مثل "تينسنت" التي تتمتع بنفوذ واسع في البلدان النامية في أفريقيا وأميركا اللاتينية، أن تعزز وجودها في تلك المناطق، مما يسمح لليوان الرقمي بالحصول على حصتها في السوق، في المستقبل. ذلك، يمكن أن يساعد هذا في تعزيز مكانة اليوان العالمية، وأن يصبح جزءا من إستراتيجية أوسع لإبراز التأثير الاقتصادي والسياسي الصيني في الخارج.



تفوق صيني

وفي السياق أيضا، قال الكاتبان أديتي كومار وإيريك روزنباخ -في تقرير منفصل بمجلة "فورين أفيرز" الأميركية- إن مشروع "اليوان الرقمي" الذي يجري تطويره الآن في أربع من كبرى المدن الصينية، يعد إشارة واضحة على أن الصين باتت تتفوق بسنوات على الولايات المتحدة في تطوير هذه العملة التي من المتوقع أن تكون أداة محورية في الاقتصاد الرقمي العالمي.

ويضيف الكاتبان أن الصين سوف تستخدم مزيجا من اليوان الرقمي ومنصات الدفع الإلكتروني القوية، لتوسيع نفوذها وتعزيز قدرتها على التغلغل الاقتصادي في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.

ويعتبر الكاتبان أن ظهور العملات الرقمية قد يؤدي لتآكل فعالية العقوبات الأميركية، ويحد من الخيارات المتاحة أمامها للتعامل مع التهديدات الأمنية التي تشكلها دول مثل إيران وكوريا الشمالية وروسيا، كما أن هذه التحولات أيضا قد تعرقل قدرة السلطات الأميركية على تعقب تدفق الأموال بشكل غير نظامي.

ويتابع الكاتبان أن التطور الصيني يستلزم إطلاق مبادرة للدولار الرقمي، وهي جهود سوف تجمع الحكومات مع القطاع الخاص لتطوير عملة وطنية رقمية. وفي حال عدم حدوث ذلك، فإن الفشل في السيطرة على تأثير اليوان الرقمي، والفشل في تطوير بديل أميركي قادر على المنافسة، سوف يقوّض الهيمنة الأميركية على العالم في عصر المعلومات.

يبدأ تفوق الدولار من أميركا نفسها

يعود الكاتب هنري بولسون ليؤكد على أن الولايات المتحدة بحاجة إلى أن تأخذ على محمل الجد الصين باعتبارها منافسا اقتصاديا حقيقيا، ولكن عندما يتعلق الأمر بتفوق الدولار، فإن الخطر الرئيسي لا ينبع من بكين ولكن من واشنطن نفسها.

ويقول الكاتب إن الولايات المتحدة ينبغي أن تحافظ على اقتصاد قادر على كسب المصداقية والثقة على المستوى العالمي، ومع مرور الوقت، سيؤدي الفشل في القيام بذلك إلى تهديد مكانة الدولار الأميركي.

وأشار إلى أن على واشنطن أن تدرك أن العقوبات الأحادية الجانب -التي أصبحت ممكنة بفضل سيادة الدولار- لا تخلو من المخاطر، حيث يمكن أن يؤدي تسليح الدولار بهذه الطريقة إلى تنشيط الحلفاء والأعداء الأميركيين لتطوير عملات احتياطية بديلة، وربما حتى توحيد القوى العالمية للقيام بذلك؛ وهذا ما شجّع الاتحاد الأوروبي على الدفع نحو تعزيز مكانة عملة اليورو في المعاملات الدولية.

المصدر : فورين أفيرز


Report Page