*/

*/

Source

التنسيقية الوطنية للدفاع عن حقوق الأطباء العامين

إلى السيد المسؤول

تحية تليق بمقامكم وبعد:
نرجوا من سيادتكم المُحترم إيلاء فائق الاهتمام وسديد النظر إلى المظلمة التاريخية التي يتعرّض لها جُموع الأطباء العامين بالقطاعين العمومي والخاص، والمُرابطين دائما بكامل تُراب بلدنا الحبيب تونس.

سيدي المسؤول

إنّ هذه المظلمة المُرتبطة بالأمر عدد341 المؤرخ في 10 أفريل 2019 تُعدّ بحقّ انتهاكا سافرًا للواجب الوطني والإنساني الذي يقوم به الطبيب العام بتونس، ونراه بحقّ ضربًا لهيبة وكرامة كلّ طبيب بالقطاعين العام والخاص رغم تضحياتهم الجِسام التي قدّموها وما زالوا يُقدّمونها على الدوام للقطاع الصحي، حِفاظا على صحة وسلامة المواطنين أوّلاً، وتماسك المنظومة الصحية بتونس ثانيًا. إنّ هذا الواجب المقدّس لأصحاب الميدعة البيضاء يجد نفسه -اليوم- جرّاء هذا الأمر مُهدّدا بالتهميش والتفرقة سيما بين أطباء الصفوف الأمامية؛ ذلك أنّه قسّم هذا الخطّ المحوري والجوهري الذي تقوم عليه المنظومة الصحية المتكاملة إلى أصناف ثلاث جعل طبيب العام في أسفل السلّم، وهو استخفاف صارخ بجوهر المنظومة الصحية وضرب لمحوريّتها وديناميكيتها التي يُمثل الطبيب العام عمودها الفقري ولبنتها الأولى وخطّ الدفاع الأوّلي فيها.

سيّدي المحترم

إنّ التطوّر الطبيعي للأشياء يقتضي لِزاما التجديد والتغيير، ومن البداهة أنّ الدراسة الجامعية في ظل المُتغيّرات الدائمة تستوجب بالضرورة مُلاءمة المناهج التعليمية والتدريسية لما يعيشه أهل القطاع الممارسين من تحديات وما اكتسبوه بالخبرة العملية، ولم يتمّ بإضافة سنوات تدريسية أو مناهج تعليمية تغيير تسمية أهل القطاع. فقياسا لما هو موجود في قطاعات أخرى، من قبيل قطاع المحاماة والهندسة والعلوم الإنسانية، فرغم القيام بتغيير المناهج وأشكال الامتحانات المؤهلة لمزاولة العمل فيها، علاوة عن عملية الانتقال من نظام الأستاذية إلى نظام الإجازات في العلوم الإنسانية، لم نشهد إقرارًا بضرورة إتمام الدراسة للمباشرين فيها أو أيّ ضرب من التصنيف والتجزِئة لأصحابها.

سيدي المحترم

إنّ ملامح هذه المظلمة المعروضة عليكم، تستوجب بدءًا فهم المقصود بالطبيب العام. إنّ الطبيب العام، هو دكتور متحصّل على الدكتوراه في الطب، قضّى سنتين من التكوين العام، وثلاث سنوات من التكوين النظري والتطبيقي في الكليات التونسية والمستشفيات الجامعية، ثم قضى سنتين في التربص الداخلي بالأقسام الاستشفائية الجامعية والمستوصفات، ثم اجتاز بنجاح الامتحانات النهائية الكلينيكية في كافة الاختصاصات الطبية والجراحية لتقييم مُكتسباته العلمية قبل مناقشة الأطروحة النهائية للدكتوراه ليُصبح بذلك مؤهلا لمُمارسة الطب العام وفي جميع الاختصاصات، وبذلك تَخرّج من كليات الطب بتونس الآلاف من أطباء الخط الأول الذين يُمثلون ثُلثي جموع الأطباء، فعدد الناشطين منهم 8500 داخل البلاد، و3000 في الخارج بدول أوروبية وخليجية سواء كان ذلك في إطار التعاون الفني أو بالانتصاب بصفة فردية في دول إقامتهم. وبصدور الأمرين 1366 و1367 المؤرخين في 11 جوان 2007 والمتعلقان بضبط مراحل تطبيق أحكام القانون71 المؤرخ في 02 أوت 2004 والمتعلق بإحداث نظام للتأمين على المرض، واللّذان سَمَّيَا الطبيب العام بطبيب عائلة. ومُلاءمة لمُخرجات كليات الطب بما جاء به القانون 71 والأوامر المصاحبة له، تمّ إصدار أمر عدد 4132 لسنة 2011 يُنظّم دراسة الطب بتونس؛ بتسمية مُخرجات الكليات الطبية لطبيب عائلة، وتمّ إضافة سنة إضافيّة يقوم بها الطلبة خلالها بتربصات ميدانية بالمستوصفات والعيادات الخاصة للأطباء العامين، وتمّ التنصيص على تسمية طبيب عائلة لكلّ طبيب عام اكتسب خبرة سنتين في القطاع العام أو الخاص بطريقة أوتوماتيكية.

ولكن في 2015 سعى عمداء الكليات الطبية الأربعة إلى الحُصول على اعتماد دولي لكلياتهم، فطلبوا دعما ماليا من أطراف خارجية اشترطت عليهم أن تكون متطلبات التخرّج لكلّ طبيب في الخطوط الأمامية تساوي 9 سنوات من الدراسة، والتزامًا باستكمال إعادة الهيكلة قبل مُوفّى سنة 2020 نظير الحُصول على الاعتمادات المالية كاملة. وعندما دُعي الطلبة الذين بدأوا دراستهم على أساس 8 سنوات لاستكمال سنة أخرى إضافية من التربصات لدى أطباء العائلة، تمّ تنظيم إضراب عام للطلبة سنة 2018 دام شهرين متتالين، تمّ خلالها إرضاء المُحتجين بتغيير تسمية طبيب العائلة بمسمّى مُختصّ في طب العائلة. ولإكساب هذا العبث مشروعية، تمّ إصدار الأمر عدد 341 والذي منح استثناءً للطلبة الذين رفضوا إتمام السنة بتسمية طبيب عائلة، ومن أكمل سنة إضافية من التربصات تمّ إعفاؤه من الامتحان الترتيبي للدخول للمرحلة الثالثة للدراسات الطبية. وتمّ في الفصل 47 من هذا الأمر إلغاء كلّ الأوامر السابقة، والأوامر المتعارضة مع هذا الأمر، وبذلك سُحبت صفة طبيب عائلة من جُموع الأطباء المباشرين في الخط الأمامي، ونصّ الأمر على أن يجتاز كلّ طبيب عام – بعد سحب صفة طبيب عائلة عنه- امتحان تأهيل إنْ رغب في الحصول على صفة طبيب عائلة، وعلى أن يجتاز الامتحان الترتيبي ويُقضّي 3 سنوات من الإقامة ( منها سنة تربص كاملة تحت إشراف طبيب عام كان فيما مضى زميلاً لهُ ؟؟؟) للحصول على صفة مُختصّ في طب العائلة، وبهذا تمّ تقسيم الصف الأول إلى ثلاث درجات : طبيب عام( كان يتمتع بصفة طبيب عائلة)، طبيب عائلة، ومُختصّ في طب العائلة، ليُمارس جميعهم نفس العمل ويشغلوا نفس الخطة الوظيفية؛ ألا وهي أطباء الخط الأول.

وقد تمّ الاحتجاج على هذا الأمر قضائيا بقضيتين لدى المحكمة الإدارية -لم تمت فيهما بعد لصدور الأوامر الترتيبية- وكان ذلك بعد توجيه رسالة تظلّم إلى رئاسة الحكومة، وتمّ تنفيذ وقفات احتجاجية وإضرابات طيلة سنة2019 ولكن ما راعنا إلاّ أنّه – وبينما كان الأطباء يتساقطون الواحد تلو الآخر شهداء الواجب، وهم منهكون بمحاربة جائحة كورونا- كافأتهم الوزارة بإعداد نصوص ترتيبية لإقرار الأمر عدد 341 لتثبيت ما جاء به هذا الأمر من تقسيم، مُتجاهلا مطالب عموم الأطباء العامين بتوحيد الصف الأمامي للصحة تحت تسمية واحدة اعتمادًا على عدم رجعية الأوامر، ومبدأ المعاملة بالمثل مع الدفعات الأربعة التي تمتّعت بخوض الإقامة في طب العائلة دون المرور بامتحان ترتيبيّ للدخول إلى المرحلة الثالثة (الإقامة في الطب)، ودون تلقي أيّ تكوين نظري خاص بطبّ العائلة لعدم جاهزية برنامج تُعدّه الهيئة الوطنية لطب العائلة التي كان من المفروض أن تتأسّس منذ سنة 2011 وتعدّ برنامجا خاصا بطب العائلة ودون الوقوع في التسرّع وبالتالي التضحية بأجيال سابقة وأخرى لاحقة إرضاءً لمصالح ضيقة وأطراف أجنبية.

إنّ مطلبنا الرئيسي والوحيد، هو إنقاذ المنظومة الصحية بتونس وحفظ سلامتها من التقسيم والتشتت، ترضية لأطراف خارجية قد هاجر إليها سنة2019 من كان وراء صياغة هذا الأمر. ووجب توحيد فوري وبدون قيد أو شرط للخطّ الأمامي للصحة في تونس تحت تسمية واحدة؛ ألا وهي مُختصّ في طب العائلة.

عاشت نضالات الأطباء العامين في القطاعين العام والخاص

عاشت تونس حرة مستقلة أبد الدهر

عن المكتب الوطني الدكتور علاء الدين سحنون و الدكتور التوهامي براهمية

Report Page