.....

.....


جية والدولية؛ فإن هذا العدد لا يشمل مقاتلي التنظيم الموجودين في فروعه الأخرى، فخريطة نشاط التنظيم وانتشاره تتوسع في مناطق وبلدان عديدة، إذ يتمتع التنظيم بحضور كبير في أفغانستان، ولا يزال التنظيم يشن هجمات في شبه جزيرة سيناء المصرية، ويحافظ على قدرته التشغيلية في اليمن وجنوب شرق آسيا ووسط آسيا.

وتعتبر القارة الأفريقية ساحة بديلة لتنظيم الدولة مع إصراره على تعدد الجبهات والملاذات، وخصوصا منطقة الساحل والصحراء الأفريقية وكذلك غرب أفريقيا وشرقها. ولا تزال شبكات التنظيم ومجاميعه المنسقة وخلاياه الفردية النائمة و"ذئابه المنفردة" تشكل خطرا على أميركا وأوروبا.

خلاصة القول؛ إن تنظيم الدولة الإسلامية ما بعد البغدادي لن يجد صعوبة في تعيين قائد جديد، وسيلتف التنظيم حوله ويسانده، فقد كشف التنظيم منذ تأسيسه عن قدرة فائقة على التكيّف مع التحولات والمستجدات، وقد تمكن -خلال فترة وجيزة بعد طرده من مناطق سيطرته- من إعادة الهيكلة والعمل كمنظمة لا مركزية، ولا تزال جاذبيته الإيديولوجية مرتفعة، وقدراته المالية جيدة، وقدرته على استقطاب المقاتلين على الصعيد المحلي تتنامى.

وفي المقابل؛ لا يزال الوضع السياسي والاقتصادي والأمني في العراق وسوريا هشًّا، وتفتقر القوات الرسمية المحلية إلى الكفاءة والموارد اللازمة لملاحقة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، في ظل تحول التنظيم إلى نهج حرب الاستنزاف وتكتيكات حرب العصابات.

ويشكل ضعفُ الاستقرار، وتراجع عمليات إعادة الإعمار، إلى جانب سوء الحوكمة، وسيادة منظومة الفساد، وشيوع الاستبداد، وتفشي الطائفية؛ الحاضنةَ الكافية لعودة تنظيم الدولة. وفي منطقة رخوة تعاني من التدخلات الخارجية وصراع القوى الإقليمية والعالمية؛ فإن عودة تنظيم "الدولة الإسلامية" هي مسألة وقت ليس إلا.

إذا كان أبو بكر البغدادي قد ورث منظمة ضعيفة وهشة من سلفه أبو عمر البغدادي، فإنه سيوّرث خلَفه منظمة متماسكة هيكليا وممتدة جغرافيا؛ فقبل مقتله ظهر في شريط مصور يوم 29 أبريل/نيسان 2019 بعنوان "في ضيافة أمير المؤمنين"، مدشنا بذلك عودة مرتقبة للتنظيم بعد اكتمال عملية إعادة الهيكلة التنظيمية العسكرية والأمنية والإدارية والمالية والشرعية والإعلامية، وإقرار الخطط العسكرية لاستئناف "حرب استنزاف".

وقد تم استعراض "تقارير شهرية" عن فروع التنظيم وعددها 12 ولاية، وأعلن التنظيم وجوده رسميا في العراق وسوريا وليبيا ومصر واليمن والسعودية والجزائر، وفي خراسان (منطقة أفغانستان وباكستان) و"القوقاز" و"شرق آسيا" وينشط غالبا في الفلبين والصومال، وفي "غرب أفريقيا" وينشط غالبا في نيجيريا.

تُظهر البيانات التي جمعها قسم المتابعة الإعلامية في "بي بي سي"، أنه رغم خسارة التنظيم للكثير من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق بنهاية عام 2017؛ فإنه كان وراء 3670 هجوما في العالم خلال عام 2018 (حوالي 11 هجوما يوميا)، هذا بالإضافة إلى 502 هجوم في أول شهرين من 2019 أثناء حصار الباغوز.

ورغم ذلك؛ لا يزال التنظيم مقتصدا في تكتيكاته المفضلة ممثلة بالعمليات الانتحارية والانغماسية المتنوعة والمركبة، وقد اعتمد -منذ 31 مايو/أيار 2019- على تكتيكات جديدة في إطار "حرب الاستنزاف"، تقوم على مبدأ أطلق عليه "إسقاط المدن مؤقتا كأسلوب عمل للمجاهدين"، وقد نشرت صحيفة "النبأ" التابعة له سلسلة من أربعة أجزاء لشرح التكتيك الجديد، حيث دعا التنظيم مقاتليه إلى تجنب الاشتباكات المباشرة مع العدو.

"استطاع "تنظيم الدولة" تأسيس جيش كبير مكنه من استعادة الفلوجة والموصل ومدن أخرى في العراق، والسيطرة على معظم شرق سوريا خلال ثلاث سنوات فقط، وسوف يتعافى التنظيم بشكل أسرع بكثير مما حدث في العودة الأولى، وسيصل إلى مستوى أكثر خطورة من القوة في ولادته الثانية"

كما شرحت هذه السلسلة كيف يستطيع المقاتلون -من خلال حرب العصابات- إضعاف العدو دون تكبد خسائر، وقالت إن من بين أهداف هجمات الكر والفر احتجاز الرهائن وتحرير الأسرى والاستيلاء على أموال العدو.

إن مقارنة ولادة "تنظيم الدولة" الأولى بولادته الثانية تظهر قدرة التنظيم على الانبعاث مجددا؛ فقد شهد تنظيم "دولة العراق الإسلامية" بداية عام 2009 تراجعاً واضحاً، بعد اعتماد واشنطن على إستراتيجية الجنرال ديفد بتريوس بتدفق القوات وزخم الصحوات بالعراق، وتقلصت أعداد التنظيم إلى قرابة 700 إلى 1000 مقاتل في مناطق معزولة ونائية.

ومع حلول عام 2010؛ أصدر تنظيم "دولة العراق الإسلامية" مراجعة تقويمية وتقديراً للموقف، وحددت رؤيته المستقبلية في العراق مع اقتراب موعد انسحاب القوات الأميركية، فقد أصدر وثيقة إستراتيجية بعنوان "خطة إستراتيجية لتعزيز الموقف السياسي لدولة العراق الإسلامية".

وعقب خروج القوات الأميركية من العراق عام 2011؛ أعلن التنظيم بدء العمل بخطة "هدم الأسوار" في يوليو/تموز 2012، ثم أعلن بدء خطة جديدة بعنوان "حصاد الأجناد" في 29 يوليو/تموز 2013، انتهت بالسيطرة على الم

Report Page