.....

.....


وفه أو تهديد الولايات المتحدة مجددا"، أما رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي فقالت في بيان: إن "مقتل البغدادي أمر مهم. لكنه لا يعني موت تنظيم الدولة الإسلامية".

وغردت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي -عبر "تويتر"- قائلة: "البغدادي.. تقاعد مبكر لإرهابي لكن ليس لتنظيمه"، كما غرد رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون بقوله إن "مقتل البغدادي لحظة مهمة في قتالنا ضد الإرهاب، لكن المعركة ضد داعش لم تنته بعد". أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فقد أكد أن مقتل البغدادي "ضربة موجعة لداعش، ولكنّها لا تمثّل سوى مرحلة".

إن موجة الانتقادات الواسعة لإعلانات ترامب المتتالية عن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، قوبلت دوما بالإدانة والاستنكار والاستغراب، وقد تبجح عقب مقتل البغدادي بصواب رؤيته بشأن محاولة التخفيف من موجة الانتقادات، ومحاولة صرف الأنظار عن مشاكله الداخلية، فقد خلق إعلان ترامب المفاجئ الانسحاب من سوريا في كانون أول/ ديسمبر 2018 حالة من الفوضى والبلبلة، أدت إلى استقالة وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس اعتراضا على القرار.

وعندما أعلن ترامب هذا الشهر أنه سيسحب القوات الأميركية من شمال سوريا مُفسحاً المجال لشن هجوم تركي على الأكراد -حلفاء واشنطن في وقت ما- حذر كثيرون من أن ترامب يُضعِف بذلك شوكة الحملة الرامية إلى هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية. وحسب الخبراء والمحللين؛ فإن ترامب أهدى تنظيم الدولة بانسحابه أكبر فوز له منذ أكثر من أربع سنوات وأمّن آفاق مستقبله.

إن تقييم قدرات تنظيم الدولة الإسلامية، والتنبؤ بإمكان عودته تكاثرت مؤخرا؛ فقد أشار تقرير حديث صدر في 6 أغسطس/آب الماضي عن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى أن تنظيم الدولة أعاد ترتيب صفوفه ليظهر من جديد في سوريا، مستغلاً الانسحاب الأميركي، وأكد التقرير على أن التنظيم عزز من قدراته المسلحة في العراق.

"إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القضاء على تنظيم الدولة بعد مقتل البغدادي، لا يعدو كونه جهلا فاضحا، وكذبا واضحا، وتبريرا لقراره الانسحاب من سوريا. وقد أعلن ترامب قبل ذلك عن هزيمة "داعش" 16 مرة، وهو ما لا يشاركه في تقييمه أحد في العالم، ولذلك تولت الردود على ادعاءاته على نطاق واسع"

وعقب تقرير البنتاغون بيوم؛ قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش -في تقرير قدمه إلى مجلس الأمن حول التهديد الذي يمثله التنظيم- إن الأخير يمتلك مبالغ تصل إلى 300 مليون دولار، بقيت معه بعد زوال "الخلافة" في العراق وسوريا، وأن انخفاض وتيرة الهجمات التي يشنها "قد يكون مؤقتا".

وأعرب عن ثقته بقدرة التنظيم على توجيه هذه الأموال لدعم أعمال إرهابية داخل العراق وسوريا وخارجهما عبر شركات غير رسمية لتحويل الأموال، مؤكدا تمتعه بالاكتفاء الذاتي المالي عبر شبكة من المؤيدين والجماعات التابعة له في أماكن أخرى بالشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.

يؤكد محللون وخبراء عسكريون أن القضاء على "الخلافة" لا يعني أن خطر "المنظمة" قد زال؛ فالإعلان عن هزيمة التنظيم، ينطوي على خلط بين الهزيمة المتحققة للمشروع السياسي للتنظيم كدولة "خلافة" تفرض سيطرتها على مساحات جغرافية واسعة وتقيم حكامتها على عدة ملايين من السكان، وبين حالة المنظمة التي تعمل بطريقة مختلفة، وبهذا لم يهزم تنظيم "الدولة الإسلامية" كمنظمة.

فحسب تقرير معهد "دراسات الحرب" في واشنطن، بعنوان "عودة داعش الثانية: تقييم تمرد داعش المقبل" الصادر نهاية يونيو/حزيران 2019، فإن تنظيم "الدولة" اليوم أقوى مما كان عليه إبان حقبة "دولة العراق الإسلامية" التي ورثت "القاعدة في بلاد الرافدين"، فعندما انسحبت أميركا من العراق عام 2011 كان لدى التنظيم في العراق حوالي 700 إلى 1000 مقاتل، بينما بلغ عدد مقاتليه بالعراق وسوريا في أغسطس/آب 2018 -وفقًا لتقديرات وكالة الاستخبارات العسكرية- 30 ألف مقاتل.

وقد استطاع "تنظيم الدولة" تأسيس جيش كبير مكنه من استعادة الفلوجة والموصل ومدن أخرى في العراق، والسيطرة على معظم شرق سوريا خلال ثلاث سنوات فقط، وسوف يتعافى التنظيم بشكل أسرع بكثير مما حدث في العودة الأولى، وسيصل إلى مستوى أكثر خطورة من القوة في ولادته الثانية.

"إن تنظيم الدولة الإسلامية ما بعد البغدادي لن يجد صعوبة في تعيين قائد جديد، وسيلتف التنظيم حوله ويسانده، فقد كشف التنظيم منذ تأسيسه عن قدرة فائقة على التكيّف مع التحولات والمستجدات، وقد تمكن -خلال فترة وجيزة بعد طرده من مناطق سيطرته- من إعادة الهيكلة والعمل كمنظمة لا مركزية، ولا تزال جاذبيته الإيديولوجية مرتفعة"

إن خليفة البغدادي في قيادة تنظيم الدولة سيرث منظمة تتفوق بصورة واضحة على المنظمة التي ورثها البغدادي إبان حقبة "دولة العراق الإسلامية"؛ إذ تؤشر أرقام متطابقة -صادرة عام 2018 عن الأمم المتحدة ووكالة الاستخبارات ووزارة الدفاع بأميركا- إلى أن عدد مقاتلي التنظيم في العراق وسوريا بين 20 و30 ألف مقاتل.

وحسب مركز الدراسات الإستراتي

Report Page