...

...


- انطقي مين الحيوان اللي عمل كدا !.

_....

- طب قولي و مش هزعقلك.

_....

- ما أنا مش هسيبك إلا أما أعرف مين أبو العيال دي.

_....

- يا خسارة تربيتي يا جيسي، يا خسارة.

= تعالي يا مي ربنا يهديكي.

- يعني ينفع اللي هي عملته دا عاصم.

= لأ طبعاً دي قطه قليلة الأدب جداً.

- تتوه شويه ترجعلي بعيالها !.

= الشيطان شاطر و كل القطط بتغلط، متزعليش نفسك.

- طب هقول ايه للجيران و الناس !.

= موقف صعب جداً.

- طيب و مشمش اللي كان بيحبها دا ! تكسر قلبه كدا !.


فوقت من توهاني علي صوت الشيخ و هو بيقول " صدق الله العظيم"، و الناس جايه تسلم عليا و تقول البقاء لله، لسه مش مستوعب الموقف، لسه مش قادر أصدق أن اللي كنت بضحك معاها دي انتحرت و أنا واقف باخد عزاها دلوقتي ! طيب كنتي قولي يا مي، كنتي عرفيني إنك فجأة هتقرري تنسحبي من حياتنا كلها ! أعوض إزاي كل الوقت اللي مقضتهوش معاكي ! أرجع الزمن إزاي دلوقتي علشان أقعد معاكي أكتر…أسمعك أكتر…أطمنك أكتر، و.... و أقولك إني بحبك أكتر !.


عيلتنا دخل ليها الحزن و عشش، ضحكتنا كلها بهتت…ضحكتنا مبقتش موجوده أصلاً !.


= مساء الخير يا عمي.

- مساء النور يا ابني.

= طنط ماجده عامله إيه دلوقتي !.

- زي ما هي، علي طول قاعده في أوضة مي و ماسكه دفتر بتقرأ فيه معرفش بتاع إيه.

= طيب أنا هدخلها.


روحت خبطت علي بابا الأوضه، كان نفسي يطلع كل دا كابوس و هي اللي تفتحلي…كان نفسي يطلع مقلب سخيف و تيجي تضحك علشان عصبتني، أوضتك موجوده…ريحتك موجوده…هدومك موجوده…كل حاجه تخصك هنا إلا أنتِ.


حطيت إيدي علي كتفها و طبطبت عليها = مرات عمي !.

قفلت الدفتر اللي في إيدها بسرعه و مسحت دموعها و بصتلي _ أيوه يا عاصم.

= بقالك شهر حابسه نفسك و بتعيطي، كفايا كدا هيحصلك حاجه.

_ طيب ما يحصل، مبقاش فارق.

= إيه الدفتر اللي في إيدك دا !.

حسست علي الدفتر بإيدها و هي مبتسمه و دموعها علي خدها _ دا فيه الكلام اللي لو كنا سمعناه من مي، كان زمانها وسطنا دلوقتي.

= إيه !.

_ ممكن تسيبني لوحدي !.


سيبتها و خرجت بعد نظره غريبة منها، كان فيها حاجه غريبة مش قادر أفهمها !.


فتحت الدفتر و رجعت أقرأ تاني، مي كاتبه هنا كل حاجه عنها، كاتبه حاجات مكنش المفروض تكتبها…كانت المفروض تحكيها ليا و هي في حضني، بس إزاي و أنا مكنتش بحضنها !.


"نفسي يفهموا أن إحتياجي ليهم مش مُقتصر علي الفلوس و الأكل و اللبس و بس، نفسي يفهموا أن حضنهم أهم من كل دا، وجودهم جنبي أهم…إهتمامهم بيا و بمشاعري أهم…إهتمامهم ب اللي جوايا أهم من إهتمامهم بمظهري من برا. عارفه أنهم بيبحبوني لكن أنا عاوزة أحس الحب دا بأفعال غير تعبهم علشان يجيبوا فلوس تكفينا، محتاجه أحسه في كلامهم…محتاجه حنيتهم اللي زي ما يكونوا بيخافوا يبينوها !."


قلبت الصفحه و أنا حاسه بحجر علي قلبي.


"كان نفسي تبقي صحبتي يا أمي، كان نفسي أجيلك في أي وقت أحكيلك أي حاجه من غير خوف، كان نفسي أرجع من الجامعه أفضل ألف وراكي في البيت أحكيلك اللي حصل في يومي و قد إيه أنتِ وحشتيني و أنا برا البيت، لو كنتي صحبتي مكنش زماني قاعده دلوقتي بعيط علي خيبة أملي في صحابي، مكنتش هبقي محتاجه ليهم، مكنتش هسكت علي أذيتهم ليا علشان بس مبقاش لوحدي، مكنتش هسامحهم و أرجع ليهم بعد كل مره بيكسروني فيها علشان بس يبقي عندي حد يعوضني عنك، كان عندك حق يوم ما قولتي أنهم مش بيحبوني، لكن أنا دلوقتي بردو مش هقدر أحكيلك حاجه، هفضل أتظاهر أنه كله تمام لأني مش هقدر أستحمل منك توبيخ علي سوء إختياري، كله تمام يا أمي و أنا عندي صحاب زي الفل"


"بخاف…بخاف أبين حُزني، بخاف أعيط في البيت علشان أنا مش قد سؤال مالك اللي بيطلع بزعيق مش بِحنان، بيعاقبوني علي دموعي اللي بتنكد عليهم و صوت تنهيدي اللي بيعملهم دوشه في البيت الهادي اللي محدش فيه يعرف حاجه عن التاني، مبحبش الليل اللي بيجي مِحمل وجعي المكتوم، أنا فشلت في كل علاقاتي، فشلت حتي في علاقتي مع نفسي، عيشت خايفه من كل حاجه و أي حاجه، عيشت بفشل كل حاجه و أي حاجه"


يفيد بأيه الندم دلوقتي ! يفيد بأيه إحساس إني عاوزة أحضنك و أنتِ تحت التراب ! يفيد بأيه حنيتي اللي ظهرت بعد ما أنتِ اختفيتي !.

بنتي كانت بتخاف من المرتفعات و الأماكن العاليه، بنتي عاشت خايفه من كل حاجه و يوم ما قررت تتخلي عن خوفها و تقف فوق سطح البيت كان علشان تموت، بنتي فشلت كتير و يوم ما نجحت؛ نجحت في محاولتها الأنتحار.


روحتي يا مي و خدتي أمك معاكي، مقدرتش تستحمل و ماتت بحسرتها عليكي، وقفت آخد عزاكي و دلوقتي عزا مرات عمي اللي كانت أكتر من أمي، ياترا المره الجايه هتبقي لمين !.


عمي ضهره اتكسر و بقي علي طول ساكت، آخر مره شوفت مرات عمي كانت في أوضة مي و ماسكه دفتر، كان لازم أعرف الدفتر دا فيه إيه زود حزنها للدرجه دي.


خدت الدفتر و قعدت في البلكونه، المكان المفضل ليا أنا و مي، البلكونه دي شايله ذكريات كتير لينا، ياما قعدنا هنا سوا و حكتلها علي البنات اللي أعرفها، حكتلها علي خروجه حلوه مع صحابي، المكان دا شايل تفاصيل نفسي أرجع منها لو بس لحظه.


"مش قادرة أشوفه أخ، مش قادرة أمنع قلبي أنه يحطه في المكان المختلف دا، و مش قادرة علي الوجع اللي بحسه في كل مره بيجي يحكيلي فيها عن بنت شَكل، عارفه إني مش أحسن بنت في الدنيا… لكن أنا أكتر بنت هتحبه في الدنيا، يمكن صحابي كان عندهم حق لما شافوا ليا صوره معاه و قالوا "إيه دا يا مي دا أحلي منك بمراحل"، لكن ما أنا قلبي حلو ! أنا قلبي بيحبه ! ".


صوت عمرو حسن كان في الخلفيه و هو بيقول " و أكتر واحده بتحبك واخدها صديقة من جهلك".


قرأت الدفتر كله، الدفتر دا شال وجع مي كله، مكنتش أتخيل أن اللي علي طول بتضحك و بتهزر شايله في قلبها كُل دا…كُنتِ شاطره في التمثيل يا مي، و أنا كنت أغبي حد في الدنيا.


مكنش دا مكانها، مكنتش تستاهل تعيش في الوجع دا…مكنتش تستاهل تعيش في الدنيا اللي مليانه نفاق دي، لما فتحت الفيسبوك و شوفت بوستات صحابها اللي بيعبروا فيها عن قد إيه هما بيحبوها، الاسكرينات اللي نزلوها، و الكلام اللي كتبوه و كلهم عاوزينها ترجع، مكنتش عارف إيه يوصلها للأنتحار و هي جنبها كل الناس اللي بتحبها دي !.

لكن بعد ما شوفت الكلام اللي في الدفتر دا، عرفت قد إيه الدنيا و الناس بتوع مظاهر، كل دول كانوا فين و أنتِ شايله جواكي كُل دا !.

أنا كمان أناني كُنتِ علي طول بتسمعيني و أنا عمري ما سمعتك، يوم لما قررتي تتكلمي قولتليلي بحبك و أنا من غبائي رفضت حُبك، آه لو ترجعي يا مي ! لو ترجعي و أنا أديكي قلبي بكل ما فيه من طاقة حُب، لو ترجعي و أنا أسمعك بكُل ما أملك من إهتمام، لو ترجعي علشان أعرفك أنك أحلي من كُل بنات الدنيا.


وصلت لأخر صفحه في الدفتر و كانت كاتبه فيها بخط عريض :


 "حَاولتُ جَاهِده أن انتصرُ عَلى حُزنى، و لَكن كَالعادة هو مَن إنتَصرَ"


و أنا كمان حزني عليكي انتصر يا مي.


"فات الآون لأظهار الحُب، لقد سرقها الموت".


Report Page