❤️

❤️


- لو ناوي يرجع يا أهلًا.

- ماشاء الله ملك كرامة.

حطت راسها على كتفي:

- بحبه أوي يا إيمان بحبه.

زقيتها براحة ولميت حاجاتي من على البنچ علشان اقوم.

- طب يلا يا نحنوحة نقوم ناكل علشان الفارما هتحط علينا كمان شوية.

- ياه لو يجيلي دلوقتي ويقف قدام المدرج كله وينزل على ركبته، يبصلي ويطلع خاتم ويقولي "بحبك ... تتجوزيني؟ ياه! "

سندت إيديها على خدها ونامت على البنش تقريبًا، من كتر غيظي من سذاجتها سبتها ومشيت.

جت جري ورايا:

- يا إيمان! إنتِ صاحبة مش جدعة.

ما ردتش وكملت مَشي، فمسكت في دراعي وكملت واصلة أحلامها:

‏- ياه لو يبعتلي آد و ..

ما قدرتش اركز مع باقي كلامها، شد إنتباهي صوت شاب بيقول: " والله يسطا ما في أجحد من المهرجانات، حاجة كدا تفرفشك وتنعنشك وتروق عليك"

‏سحبت إيدي بهدوء من بين دراعات ملك، لفيت لمصدر الصوت، كان مجموعة شباب وبنات قاعدة على سلم الجامعة، قربت خطوتين بحيث أنهم لاحظوا وجودي وقولت:

‏- ممكن تكون بتعطيك سعادة مؤقتة، لكن هتقابل تعاسة أبدية!

‏لأنه حرام!

‏أفأف ودور وشه، اللي كانوا معاه بصوا له وضحكوا، تصرفهم مستفز!

‏بصيت لملك فهزت راسها براحة إن لأ، يلا نمشي، بصيت ليهم تاني واتقدمت بتحدي وإصرار وقفت قدامهم وقولت بثبات:

‏- يمكن هتضايق من الكلام اللي هقوله لكن..

‏أخد إزازة الميَّه من جنبه وبص لصحابه:

‏- يلا يا عم منك له نمشي، مش ناقص وجع دماغ.

للحظة حسيت إن كرامتي فوق، في السما مش موجودة هنا على الأرض، حاسة إن الناس كلها بتبصلي، وتمنيت لو الأرض تتشق وتبلعني أفضل من الموقف دا، ملك شدتني وجريت، أو أنا اللي جريت مش فاكرة بقا.

‏داريت وشي بالملزمة:

‏- هعيط يا مالك هعيط.

‏حاولت تكتم ضحكها وقالت:

‏- والله يا بنتي ما حد شاف، صوتك ما كنش مسموع أصلًا.

‏كان في حد جاي علينا، داريت وشي بسرعة وحطيت عليه الملزمة:

‏- خبيني بسرعة يا ملك خبيني.

ضحكت وهي بتستغفر:

‏- أستغرف الله يا بنتي والله ما حد شاف، والله!

‏- ما تحلفيش ممكن يكون حد شاف وإنتِ ما اخدتيش بالك.

‏- فلنفترض، هيعمل أي؟ هيجي يقولك العبيطة أهي؟

‏اليوم عدى وأنا قلبي مليان عيظ من ناحية الشخص قليل الذوق دا، آخر اليوم بعد ما صليت العشا حسيت قلبي لان وكل الغيظ انتهى .. هو أكيد مش فاهم خطورة الأمر، زيه زي شباب كتير، وأنا طالما شوفت منكر قدامي من واجبي أحاول انهيه.

‏- عايزة اتجوز.

‏- ارحمي ماما العيانة من هرموناتك دي.

‏- مش هرمونات بحبه يا إيمان بحبه.

‏- يخربيت الشيطان! ما إنتِ لو بتغضي بصرك ما كنتش وصلتي لمرحلة الجنون دي.

‏سكتت شوية، بحسبها كَنْت، ولسه هتكلم لقيتها اتكلمت بهيحح كبيرة:

‏- تعرفي الواد ياسين اللي كان قاعد في الترابيزة اللي جنبنا النهاردا.

‏فكرت لثواني وقولت بعد ما افتكرته:

‏- ماله؟

‏قالت بنبرة هيام:

‏- بحبه أوي.

‏قولت وأنا في حالة زهول:

‏- بتحبي اتنين!

‏- أيوة يا ستي زيادة الخير خيرين.

نفخت وأنا بحاول ما اتعصبش:

‏- ملك نظرك اللي رايح وجاي يترقص بين الشباب دا حرام، وقولتلك ميت مرة!

‏- ما قدرتش أقاوم ضحكته بقولك.

قفلت التليفون قبل ما اتعصب عليها ونتخانق، بصيت للسما وبدأت افكر، إزاي اقدر اغير من معتقدات الناس تجاه المهرجانات، أكيد مش هقدر اغير من تفكير العالم، لكن لو غيرت من تفكير شخص بالنسبالي غيرت العالم.

- ممكن اعرف هو سنة كام ورقم القاعة؟

شاورت عليه بسرعة بحيث ما حدش ياخد باله، فهمت نظراتها كويس، ابتسمت بخبث وسألت ليه، اتوترت من نظراتها وما كنتش عارفة اقول ايه، حاولت اتكلم صوتي فجأة كدا فجأة اختفى، ضحكت وردت على سؤالي فماكنتش شايفة داعي أرد على سؤالها، غمزت قبل ما تمشي وقالت:

- بس خلي بالك بتاع بنات.

تصنعت ابتسامة لحد ما مشيت، ما لقتش غير بتاع البنات دا واتجوزه، نفضت الأفكار من راسي واستغفرت ربنا ودعيت له بالهداية.

نفخت بملل وبصتلي، فصلت باصة عليا كتير فبصيت لها:

- نعم؟ بتفكري في حاجة تنكشيني بيها؟ أساعدك؟

ضحكت:

- ياريت.

فبصت ورايا شوية فبصيت اشوف بتبص على مين:

- هلطشك قلم، تتعمي علطول بدل ما كل شوية اقولك غض البصر.

وقبل ما الف وشي سمعت ياسين بيقول:

- ما فيش حد دلوقتِ تقريبًا بقا ملتزم بالعادات والتقاليد، بقت فعل ماضي، الأجيال دي بقت مثقفة للحد اللي خلاها تقدر تفرق بين الصح والغلط وتتجاهل عادات المجتمع.

بصيت لملك ففهمت أنا هعمل أي، عقدت وشها، وقبل ما تتكلم كالعادة اتحشرت معاهم في الكلام.

- إنك تفرق بين الصح والغلط دي فطرة إنسانية، مالهاش علاقة بالمثقف أو غيره.

وقبل ما يستغرب من تدخلي كملت:

- كلامك مش صح، لأن زي ما الجيل دا فيه مثقفين، الفئة الأكبر متمردة، مش مثقفة ولا حاجة، ممكن يكون تمرد إنتشار نية المخالفة فقط، حتى لو أنا غلط بس هتمرد على العالم يبقا بيس يا مان مش مهم ودا تقريبًا أكثر المُعتقدات الخاطئة اللي اكتسبها الجيل الحالي، وأكثرها خطورة من الخضوع للعادات والتقاليد بحجة " كلام

الناس".

- ‏الشخص إللي حابب يتمرد في بداية الأمر هو مش عارف العادات والتقاليد دي غلط ولا لأ!

أصل جدو وبابا هيعملوا حاجة غلط إزاي يعني!

هو بيتمرد عشان شايف إن دا مش مناسبه.

- ‏"البعض" بيكون عندهم الدراية الكافية إن اللي بعمله دا غلط، لكن هعمله لأني عايز أحس بالحرية، أحس إن ليا رأي، احس إني مبسوط وحُر ولو لمرة، رغم أنه بيبقا عارف العواقب الناتجة لكن عناده مع الكل ونفسه بيبقا أكبر!

- لكن في أسباب للفعل دا بيكون ناتج نتيجة تربية خاطئة أو لأنه خُلق وسط بيئة قيدته وقصت جناحاته، فلما كبر وقدر يخرج خارج حدود البيئة قرر ينطلق.

- ‏مش مُنكرة إن الإنسان بيتأثر بالبيئة المُحيطة، نفسيًا أو سلوكيًا لكن بالرغم إننا مش بنختار الطريق اللي بنمشي فيه، لكننا بنختار الطريقة اللي بنمشي بيها، ما اخترناش أهلنا ولا جهلهم بشيء معين، لكن بإيدينا نختار نتعلم ونعرف ونفك كل القيود، أو نتمرد بطريقة غلط ونهرب من قيود وهمية علشان نكلبش نفسنا بقيود بنقيد بيها نفسنا إحنا.. في فرق بين شخص اتولد في مجتمعنا دا وقرر أنه يتعلم ويغير من نفسه ويخالف العادات" لأنها غلط"، وشخص قرر أنه يتمرد ويخالف العادات لأنه " عايز يخالفها ويحس بحُرية مزيفة، ما هي إلا طريق لسجن أبدي تقريبًا من جهل بسيط لجهل أكبر وعناد وتمرد خطير!

- ‏ودا هيرجعنا لنقطة " التربية، والعادات والتقاليد"

عرفت كتير بنات غبية، لكن أول مرة اعرف إن في رجالة غبية،

الدكتور دخل فحمدت ربنا إني ما عملتش أي تصرف متهور ردًا على غباءه دا.

- هكلم الدكتور حسام.

- ‏لسه برضو الموضوع في دماغك؟

- ‏آه، هقوله يتكلم عن الموضوع في محاضرة، يا رب يوافق.

- هيوافق.

كان صوت شاب جاي من ورانا.

- وأنت مين دخلك؟

قعد قصادي:

- ما أنتِ بتدخلي في نقاشات الناس وحياتهم من غير ما حد يقولك حاجة.

ملك ضحكت:

- عندك حق.

بصيت لملك وبرقت: ملك!

رجعت بصيت له:

- مش علشان دخلت نقاش مع حضرتك ابقى بتدخل في شؤون الناس، بجانب إن الكلام لفت نظري بس.

- وبالنسبة لحوار صلاح، بتاع الأسبوع اللي فات.

بلعت ريقي وبصيت لملك، رفعت كتافها وقالت بصوت هادي:

- ماعرفش!

بصيت له وسألت وأنا بدعي جوايا تكون الإجابة لأ:

- حد شاف غيرك؟

- ‏كل اللي كان واقف تقريبا!

خبطت بإيدي على راسي، قال بكل برود:

- ما تقلقيش هتلاقيهم كل واحد نسى، الجامعة حواراتها كتير، مش هيسيبوا كل دا ويركزوا معاكِ.

حسيت بإهانة من نبرة صوته:

- قليل الذوق.

- ‏وإنتِ عليكِ عسل؟

____

شديت أيدي:

- ما لو كنت قتـ ـلته ما كنش في حد هيزعل عليه.

- الله قصة حب

- ‏والله؟

حطت إيديها على خدها:

- أصل كل قصص الحب التركية بتبدء بخناق، وبتنتهي بجواز.

- ‏يا ملك يا حبيبتي لو أي راجل اتخانقت معاه أو اختلفت في الرأي معاه هتجوزه، يبقا كدا هتجوز رجالة مصر كلها تقريبًا.

- أنا جعانة قومي شوفي حاجة تتاكل في تلاجتكم دي.

طبطبت على كتفها:

- قومي يا حبيبتي كلي في بيتكم.

بصتلي بقرف وقامت دخلت المطبخ، جريت وراها لقيتها بدأت تغرف مكرونة وفراخ.

- بيت أهلك هو!

- ‏آه.

أخدت الصانية ولفت بعيونها على المطبخ.

- مافيش حاجة تتاكل تاني، يلا تتعوض في المرة الجاية.

فتحت بؤي في حالة ذهول من التناحة، بصتلي نفس بصة القرف وزقتني وهي طالعة من المطبخ.

- اوعي كدا.

__

لفيت الشال عليا كويس، أخدت نفس طويل، زفرته وبصيت للسما، مسكت التليفون فلقيت رسالة من الأزر.

ياسين، وه!

- ليه مهتمة بموضوع المهرجانات؟

ثواني بفكر ارد ولا اعمل نفسي مش واخدة بالي، فكرت اكلم ملك لكن تراجعت عن الفكرة.

- أغاني عبارة عن عُرة وقلة أدب، الأطفال حاليًا سلوكهم الأخلاقي تدنى بشكل ملحوظ، بسبب المهرجانات اللي كلماتها عبارة عن عنف، وكلمات إبا حيـ ة، وألفاظ بذيئة، المهرجانات ليها تأثير كبير جدًا على الأطفال، ودي الناحية الأكثر خطورة في المهرجانات، دا غير تأثيرة على عقول الشباب وتفتيح عقولهم على الحرام، زي التدقيق في جسم البنات، أو فكرة إن العنـ ف رجولة، أو العنصرية والتنمر صاروا شيء عادي.

- ‏فعلًا المهرجانات من ضمن الأسباب اللي بتحرض على سلوكيات سلبية، من خلال الكلمات اللي فيها.

- ‏قصدك من أكبر الأسباب.

- ‏لازم تعترضي؟

ضحكت وضميت الشال.

- صدقني خطـ ر المهرجانات، أو ما شبه ذلك من مسلسلات، وابلكيشنز " فيها عنف وألفاظ بيذيئة، وبلطجة وغيره" أكبر بكتير من ما إحنا متوقعين، حوار إنك تلاقي أخوك الصغير بيتخن صوته وبيضـ رب صحابه ويبلـ طج على الجيران لأنه شاف مسلسل أو فيديو أو سمع اغنية رسخت في عقله إن دا صح ورجولة وعادي، والبنت اللي بتطلع ترقص، وتتشبحن وتتشبه بالرجال، لأن المسلسلات والمهرجانات والتيـ ك توك رسخ في عقلها إن دا عادي، والشاب اللي بقا بيشرب سجاير، وبيتحـ رش بالبنات، وبيضـ رب اخته وأمه لأن فاكر إن كدا رجوله وعادي، في إن حتى اللي ما بيعملوش كدا فاكرين الحوار عادي، حوار خطر جدًا وبيأثر على المجتمع بشكل سلبي وواضح جدًا بقا عادي!

بعتها وفضلت قاعدة في الشات، فات خمس دقايق تقريباً وماعملش سين، اتقمصت وقفلت التليفون، رجعت بصيت للسما تاني بس كنت مضايقة، بعت بعد دقيقة لكني ما ردتش، استنيت سبع ثواني ورديت ضر بة بـ ضر بة بقا.

- الموضوع انتشر وزي ما قولتي صار شيء عادي جدًا، لذلك من الصعب إننا نغيير من تفكير الكل!

- ‏ما قولتش نغير من تفكير الكل، لو بدأنا نغيير من نفسنا الكل حوالينا هيتغير بالتدريج، أنا مسئول عن أخويا صغير أو كبير زي ما مسؤول عن نفسي، شوفته بيعمل شيء غلط " مش بس بيسمع أغاني، أو بيتفرج على شيء هيأثر عليه سلبيًا" على أي شيء غلط عامة، من واجبي انهيه، آخد بالي اخويا الصغير بيتفرج على إيه وبيسمع إيه، شيء مناسب لسنه ولا لأ، صديقي كذلك، زميلي، وجاري، وحد غريب في الشارع ماعرفهوش، من كمال الإيمان إنك تنصح أخاك المسلم، فمافيش شيء اسمه ما ليش دعوة، ما ليش دخل!

- ‏مش كل الناس بيفكروا كدا.

- ‏مش مهم بيفكروا إزاي قد ما مهم واجبي أنا إيه، وطريقة نصحي للشخص.

- ‏اتفق معاكِ.


تاني يوم صحيت من النوم على صوت زغاريط كتير، فتحت عيني ببطء استوعب أنا فين، لقيت ملك بتهز فيا جامد وهي مبسوطة.

- في إيه؟

قولتها مخضوضة، فقالت وهي طايرة من الفرحة:

- زينة شباب العيلة الحيلة الحلوة دي جابت رجليه.

مسحت على وشي:

- عايزة ايه؟

- ‏هتجوز!

اتخضيت من الكلمة ودعكت عيني، بصيت له وقولت بخضة:

- عايزة إيه!؟


زينة شباب العيلة الحيلة، الحلوة دي جابت رجليه.

- من ناحية أنها بنت جميلة دي جميلة طبعًا هنقول ايه!

حضنتها الحضن السابع في العشر دقايق تقريباً.

- مبارك، أخيرا هنتلم.

ضحكت وقالت بفرحة:

- خطيبي بس خلاص ما فيش غيره.

- ‏يا بخته أحمد.

ضحكت فحضنتها للمرة الـ .. الكام دي!

- تقريباً دي المرة التلاتة وعشرين؟

- صاحبتي.

- ‏دي خطوبة مش جواز، هتشوفيها كل يوم عادي.

شاورت ليها بعد ما ركبت العربية، ربعت أيدي ولفيت وشي، مشي جنبي، فسألته.

- ناوي تعمل خطوبة ولا هتخليها زغروطة وصقفة؟

- ‏على حسب إنتِ حابة إيه.

#إيمان_السيد



Report Page