...

▪لا يوصف الزوج بالدياثة إلا بإقرار الزنا في أهله بأن يرضى بذلك ولا يسعى في منعه، وهذا يتّضح بتصريحه بذلك أو بقرائن الأحوال ، وأمّا إذا اطّلع على زنا أهله ونهاها فلم تنته وغُلب ولم يطلقها مع استصحابه كراهة فعلها فهذا ليس براض بالفاحشة فلا يكون ديوثا ، وإنما اختلف الفقهاء في حكم إمساكه لها حينئذ أي مع إقامتها على الفاحشة وإقامته هو على نهيها ومن ثمّ في حكم تطليقها ـ والحال كذلك ـ هل يبلغ الوجوب أم لا ؟ ويؤيد أصل القول بالاستحباب وعدم الوجوب ظاهر حديث ابن ﻋﺒﺎﺱ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ‌ ﻗﺎﻝ : ( ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻥ ﺍﻣﺮﺃتي ﻻ‌ ﺗمنع ﻳﺪ ﻻ‌ﻣﺲ ؟ ﻗﺎﻝ : غربها . ﻗﺎﻝ : أخاف أن تتبعها نفسي ؟ قال : فاستمتع بها ).

▪من لا ينهى أهله من الخروج متبرّجة مظهرة لمفاتنها للأجانب فهو = عاص لله ورسوله ويتحمّل معها وزرها أيضًا، إذ كلّ راع هو مسؤول عن رعيّته حفظها أم ضيّع؟ وهذا فيه من التّضييع مع قلّة الغيرة ما يوجب غضب الله وعقابه، لكن من أغلاط الوعاظ وتخليطهم : وصفهم لأمثال هذا بأنّه = ديوث ، وتنزيلهم للنّصوص الواردة في ذلك ـ كالنّصّ بعدم دخول الجنة ـ عليه ، فإنّ الدّياثة هي = إقرار الشخص للخبث في أهله، والخبث هو = الزّنا ، فيشمل الوصف بالدّيوث = المقرّ لزناها أو لمقدمات الزّنا من مباشرة الأجنبي لها ونحو ذلك دون التّبرّج والتّعطّر ونحو ذلك ، وإن كان إقراره لهذا أيضًا = معصية لله ورسوله، لكن لا تجوز الزّيادة والاعتداء في الوصف مع ذلك، وإلّا كان من قبيل وصف الصّغائر بالكبائر وكالإشارة إلى المقدّمات بلفظ قذف صريح، وكلّ ذلك هو = من باب التّحريف والكذب والإسراف في العقوبة وهو = حرام، ولا يجوز معالجة الحرام بالحرام.

▪منع الزوجة من الخروج متبرجة يكون بالقول والنهي فلا يعني منعه إيّاها من الخروج سجنها وإيصاد الأبواب دونها، وإنّما هو يأمرها بالتّحجّب وترك التّبرّج إن أرادت الخروج فإن أطاعت وإلّا طلّقها إن شاء، وهو لا يأثم أيضًا إن لم يطلّقها ما دام كارها لصنيعها ذلك متعاهدا لها بالنّهي على الأصحّ كذلك.

ولذا فمن الفروق بين الزوجة والبنت في الولاية عليهما : أنّ البنت تُحبس دون تمكينها من التّبرّج والفساد بخلاف الزّوجة فلا تُحبس، وذا لأنّ ولاية الزّواج يُمكن قطعها بالطّلاق بخلاف ولاية النّسب، يُضاف إلى ذلك ما آل إليه النّظام المجتمعيّ الآن من التّفريق بين الولايتين ومن ذلك في ناحية الحبس هذه؛ فإنّ القانون المدنيّ اليوم يعاقب على منع الزّوجة من الخروج بخلاف البنت فإنّه مدخله في منعها ضعيف فلا يُعتَبر.