❤️

❤️


كان أخر مكان في الميكروباص، وقفت محتارة؛ لأن كان آخر مكان جمبي وأكتر العربية كان شباب، لزقت في الشاب إللي جمبي علشان أسيبلها أكبر قدر ممكن وأخفضت نظري..

جلست بتوتر على الكرسي وتقريبًا كانت قاعدة على طرف الكرسي بزاوية..

عجبني حرصها الزايد حتى إن ملابسها متلامسنيش، كان واضح احترمها من غير ولا كلمة، ملابسها إللي هي كانت حرفيًا غرقانة فيها .. واسعة وفضفاضة جدًا، وشاح ولا إدناء ده زيّ ما بيقولوا عليه .. مش عارف..

المهم كانت حاجة طايرة كدا، زاد إختلافها النقاب إللي كانت لبساه ... 

قولت في سري ما شاء الله، الله يبارك في إللي رباها، كنا في عِز الحر والجو بينفخ سخونة، ومفيش شبر فيها باين، يا ترى هي إزاي متحملة..!

حقيقي الله يعينها.

اتحركت العربية ومش هقدر أنكر أنا إنجذبت لها وكنت براقبها من تحت لتحت، بدأت تضغط على المسبحة إللي في صوبعها طبعًا إللي فوق الجِوانتي الأسود إللي هي لبساه.

سندت على الشباك وهي مستمرة في التسبيح بدون إنقطاع..


لكن أنا لاحظت حاجة الشباب إللي كانت ورا سمعتهم بيتهامسوا وكل شوية يرموا كلام على النقاب والمنتقبات..

- شوف بيلبسوا يداروا أيه .. ولا تلاقيها مدارية فيه..

يا عم دي مشيا زي الخيمة .. أنا حاسس إن في غيامة سودا في العربية..


بصراحة اتعصبت جدًا وتمالكت أعصابي بالعافية، أجبرت نفسي على السكوت لأن لو اتكلمت هأذي البنت، طبعًا شباب زي دي هيألفوا كلام كتير ويقولوا أيه علاقتي بيها وهيرموها بالباطل..

انشغلت إن أطمن على التيشيرتات الجديدة إللي اشتريتها النهاردة بعد ما قبضت..

البنت إلتزمت الصمت وسندت على الشباك تسبح، الجو غرق بالهدوء ولاحظت إنها غمضت عيونها وشكلها نام.


وفجأة وسط الهدوء ده حصل أسوء شيء شوفته..

الشاب إللي كان وراها بكل هدوء وبخبث وقذارة بدأ يفك رابطة نقاب البنت للدرجة إن النقاب بدأ يتحرك عن وشها، البنت صرخت برعب وحطت إيدها على النقاب وأنا بمنتهى الغضب وبعزم قوتي كنت بنهال عليه باللكمات والضرب وباقي الرُكاب إللي شافوا المنظر والسواق نزلوا من العربية بعد ما وقفت وبصراحة وجبوا مع الشباب دي وأكلوا علقة محترمة، طبعًا أنا لما لقيت النقاب هيقع من على وشها خرجت تيشيرت وحطيتوا على راسها..

بصراحة كان نفسي أواسيها بس مقدرتش؛ لأن برغم إللي حصل هي حِصن منيع ماسمحتس لحد يقرب منها ولا يكسر حدودها، كانت منهارة وبتبكي والسيدات إللي كانوا في العربية هما إللي بدأوا يهدوها..

صوت شهقتها الضعيف كان مخلي قلبي يغلي وكان نفسي أفش غليلي في العيال الضالة دي بس الرجالة منعتني؛ لأن كان ممكن أخلص عليهم في إيدي..


المهم السواق كان جدع وابن ناس ومحدش سابها ألا ما وصلها للشارع بتاع بيتها، ونزلت وأنا كان عقلي هيتجنن..

كدا خلاص .. معدتش هشوفها تاني .. ذات العفة ..


                  ****

عدت الأيام وأنا قولت موقف وهيعدي، لكن أبدًا ذات العفة مرحمتش أحلامي .. مش أحلام النوم وبس حتى أحلام اليقظة وخيالي..

دا أنا حتى معرفش اسمها، كنت أركب كل يوم وأفضل أتلفت حولين نفسي زي الأهبل إنها تصادف وتركب تاني .. لكن أبدًا..

حتى التيشيرت بتاعي إللي رميته عليها علشان تحافظ على عفتها لسه معاها مرجعتوش يمكن من التوتر..

يا ترى يكون ليا نصيب يرجع تاني! 

مكانش قدامي ألا ألجأ لملك الملوك، رب العالمين، دعيت كتير ربنا يهديني لأن بقيت أفكر فيها وشغلت تفكيري بشكل مبالغ فيه لدرجة إن كنت بسيب مشاغلي وأقعد مخصوص أفكر فيها...

في الأخر هداني عقلي إن أوصل للشارع إللي هي ساكنة فيه، على الأقل أعرف بيتها في أنهي شارع، يعتبر كنت شبه ساكن في الشارع وبدور على أي حجج علشان أروح هناك، وفعلًا القدر كان في صفي وكان موجود مطعم على ناصية الشارع، كان الغدا بتاعي يوميًا في المطعم ده لدرجة إن صاحبه عرفني واتعرفت عليه .. وإللي كان ليه فضل كبير في قصتي عم حامد، وأخيرًا شوفتها بعد اسبوعين من قعدتي، زيّ السحابة المليانة خير كانت هي..

وعالطول من غير ما أضيع وقت سألت عم حامد إللي مابخلش عليا بأيّ معلومة..

قالي وهو بيضحك بطيبة:-

- دي ست البنات تقوى، بنت الأستاذ هشام موظف في السكة الحديد، خير إن شاء الله يا زينة الشباب.. 


ابتسمت ورديت عليه بكل سعادة وأنا بكرر اسمها على قلبي، حقيقي اسم على مسمى:-

- كل الخير يا عمّ حامد اطمن.


منتظرتش لأن أنا مع مقولة لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد وكلمت عمّ هشام والد تقوى وبعد أيام عدت عليا زي سنين كنت بتقلب على الجمر رد عليا وعطاني ميعاد..

وهنا كانت أسعد لحظة في حياتي، أخيرًا هشوف تقوى، أخيرًا ربنا كتب ليا إن أبدأ بالحلال.

كانت الرؤية الشرعية زي ما توقعت عنوانها الحياء والخجل..

عذراء قولًا وفعلًا، ابتسامتها، صوتها، صمتها، أفكارها، طموحها، ومواصفات من تُريدُ زوجًا..

بعد التخبط دا كله كنت حسيت إن هي العالم وكفى.

كل حاجة حلوة انحصرت في تقوى بالنسبة ليا، هي الخير إللي ربنا وعدتني بيه، هي الجايزة إللي انتظرتها سنوات. 

لازم أفرح طبعًا أنا معايا متاع الدنيا كله، مش الرسول صل الله عليه وسلم قال "الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة"

كنت بفكر كتير جدًا يعني أيه زوجة صالحة؟ وإزاي تكون متاع الدنيا! عرفت معنى ده مش لما شوفت تقوى، لا لما عاشرتها..

الدنيا معاشرة ومتحكمش على شاب أو بنت من مجرد معاملات بسيطة أو حتى فترة خطوبة..

تقوى كان جمالها في بساطتها وعفتها وطهارتها، فكرة إنك معاك زوجة مش مستهلكة، كل حاجة فيها محفوظة، إنت الأول في كل حاجة يعني أي تجربة بتخوضها معاك هي مغامرتها الأولى، وكل كلمة بتنطقها ونظرة بتنظرها هي الأولى وحلال..

فكرة إنها بتعلق كل حاجة بالدين بس بطريقة لطيفة غير معقدة بالمرة حتى أنا اتعلمت منها كتير ومش عيب أقول إن اتعلمت منها ولا ينقص مني في شيء..

هي السكن الهاديء والمأوى، والحب الأول والأخير إللي كان بدايته صُدفه وحلال .. ورُب صُدفة خير من ألف ميعاد..

حلال بدايته عُقدة نقاب.

كانت فرفوشة وخُضنا مع بعض كل المرح والسعادة..

خطوبة بسيطة غير مُبهرجة، وحدود قالها دينّا، وعقد قِران، وزفاف بسيط ومن هنا تبدأ المغامرة وقصة الحب الحقيقية..


رأسها كان مستقرة على رجلي بلعب في شعرها بحنان وبمسد على بطنها البارزة بحب وأنا بتأمل عيونها السود:-

- تقوى.

تبسمت وردت:-

- نعم يا مروان. 

- ولا حاجة بس بحب أقول اسمك. 

غمضت عيونها وهمست:-

- امم وأنا يا ميرو. 

- ما بلاش ميرو دي.

- طب من تقوى.

- يتم التنازل.

- فاكر التيشيرت بتاعك إللي غطيت بيه وشي.

- هو أنا أقدر أنسى، أنا بحمد ربنا إن اشتريت تيشيرتات في اليوم ده.

- بالرغم من إللي حصل اليوم ده لكن مأخدتش بالي منك أبدًا.

- حبيبتي في الخارج صماء بكماء عمياء عن كل حرام.

- من بين كل المتشابهين كنت أنت مختلف، أحبك يا حارس حجابي.

- وأنا أهيمُ بكِ عشقًا يا ذات العفاف والعِفة.


"ستُحاربكِ كثيرًا من رياح السموم القاتلة لتُزعزع خُطاكِ كي تعودي أدراجك، لكن ما دُمتي على الحق فاثبتِ واعلمي أن الشبيه قادم لا محالة."


#سارة_نيل.

<❤️🌚.>

^^

Report Page