💗

💗


الفصل الخامس والسادس

الفصل الخامس

دلف نبيل لغرفة نومه وقبل أن يلقى بجسده على فراشه رن جرس الشقة؛ توجه ليفتح الباب ليجد ضيفا لم يتوقع زيارته..

تطلع له بحزن وزفر بضيق إستدار موليه ظهره ودخل إلى شقته وتركه دون مبالاة له

دخل سعيد خلفه وأوقفه قائلا :

إنت زعلان منى ليه أنا كل همى مصلحتك بحلم أشوف عيالك وافرح بولد يسندك.

تطلع له نبيل بغضب وقال :

مش هيحصل ولو خلفت دستة عيال، عارف ليه عشان انا مش هفرحك بيا تاني لويت دراعى وخلتني اتجوز ومراتك جهزت العروسة؛ ماشي هتجوز بس لو خلفت هعلم عيالى ان ملهمش عم ملهمش حد مش هتفرح بيهم ولا هيكونوا عزوة ليك.

تطلع له سعيد بفزع جحظت عيناه من هول ماسمع وقال بنبرة مرتعشة من الحزن :

انت هتعلم عيالك ان ملهمش عم يعنى خلاص نسيت كل اللى عملته عشانك نسيت انى سبت تعليمي عشان تكمل انت تعليمك، نسيت لما ابوك وامك ماتوا مين عملك ام واب انا عمرى مفكرت فى نفسى دايما تفكيرى كان فيك

إقترب قلب نبيل من اللين لحديث سعيد لثوان حتى تذكر زيجته المفروضة عليه فانتفض مرة أخرى وقال :

انا رديتلك كل جمايلك احترام وحب عمري مسألتك على فلوسى كل حاجة عاوزها بطلبها منك وانا مكسوف خايف اكون بتقل عليك مع انى عارف ان الشغل ماشى كويس وبيكبر والرزق بيكتر علمتنى! يفيد بإيه تعليمى دا انت خلتني رفضت الوظيفة عشان أشتغل معاك وتتحكم براحتك فيا، وفعلا أول فرصة قلتلى يالشغل معايا ياتتجوز وخلتنى اتبهدلت عند الناس استعبدونى وانا مالى يعيشنى ملك.

بقولك ايه يابو كريم انا اللي عندي قلتهولك جهز فلوس ورثى عشان اعمل عملية البت وهتجوز زي منتا عاوز اقولك حاجك افرح بالعيال براحتك بس اعتبر أخوك الصغير مات.

سهام مسمومة أصابت سعيد بقلبه تنهد بحزن وانصرف عن أخيه والتفكير يعصر عقله وينهش داخله

بغرفة ملك

طرقة خفيفة على الباب ودلف بعدها كريم

تطلع إليها بحزن جلس جوارها وقال :

ألف سلامة عليكي ياملك حاسة بإيه دلوقتى

وضعت يدها علي معدتها وتحدثت بألم ودموع تغرق عينيها :

بطنى بتوجعنى وزورى من الخرطوم اللي الدكتور حطه فيه

ربت على رأسها بحنان وقال ببراءة :

احمدي ربنا أصلا ربنا عاقبك عشان اللي عملتيه في قمر.

تزايد انهطال دمعها وقالت بأسف :

مكنش قصدى انها تقع جامد كدا.

تنهد بحزن وأردف :

متضربيهاش تاني ياملك دي زي أختك

تمتمت بصوت خفيض :

بس ماما قالت انها مش بتحبني وانها شايفة نفسها عشان أحلي مني.

اغتاظ كريم بشدة وقال بحنق متسائلا :

هي عمرها عملت فيكي حاجة وحشة عشان تصدقي إنها تعمل كدا

تطلعت للأرض بخجل وهزت رأسها نفيا

أكمل حديثه قائلا :

متسمعيش لكلام ماما تاني وبعدين انتي جميلة أصلا مش هتشوف نفسها أحلي منك ولا حاجة

إبتسمت ملك لحديثه وقالت :

أنا عاوزه أروح أصالحها وأعتذرلها عن اللي عملته

بادلها البسمة بسعادة وقال :

أول متخرج من المستشفى كلميها انتى عارفه ان قمر طيبة وبتسامح علطول.

 

**********marwa Elgendy

في المنزل المقابل لمنزلهم

جلست نعيمة برفقة حسناء والتى اندهشت بشدة لهذة الزيارة، فكيف لمريضة لم تزل آثار مرضها بعد أن تتجول بالشارع وتذهب لزيارة الجيران.

وضعت صينية بها كوبان من الشاى وجلست جوارها ويعلو وجهها إبتسامة عذبة، وقالت :

شرفتيني بزيارتك ياأم كريم بس يعني كنتي ارتاحى انتِ لسه تعبانة.

مدت نعيمة يدها لكوب الشاى ترتشف منه قطرة وقالت بسعادة :

لا دا انا خفيت وبقيت تمام أحسن متتخيلى، وجيالك فى حل لمشاكلك كلها.

تطلعت لها حسناء بإهتمام وتساءلت بلهفة :

حل إيه دا ياختي لايميني عليه؟

وضعت نعيمة الكوب من يدها وإعتدلت فى جلستها وقالت بنبرة خبيثة :

مش صاحب البيت مهددك بالطرد عشان الإيجار المتأخر؟

تطلعت لها حسناء بحزن وسرعان ما تحول لأمل فتساءلت بلهفة :

إيه لقتيلي جمعية زى مقلتلك؟

ضحكة رنانة أطلقتها نعيمة تحت نظرات حسناء المشدوهة لتصرفها الغير متوقع.

صبرت حتى إنتهت من ضحكها وسخريتها وانتفضت بحزن ووجها توشح بالحزن، همت بالتحرك من جوارها فأمسكت نعيمة يدها قائلة بمرح :

رايحة فين ياخايبة دا انا جايه عشان أسعدك.

إلتفتت لها حسناء وقالت بضيق :

أنا مش فاهمة منك حاجة وشيفاني فى ضيقة وجاية تتمسخرى عليا!

شدت نعيمة على يدها والجدية عرفت طريقها على ملامح وجهها وقالت :

افهمي بس بصى ياستى انت مش هتحتاجى جمعية ولا هتحتاجى البيت دا كمان.

عقدت حسناء حاجبيها وقبل أن تتحدث أشارت لها نعيمة بالصمت حتى أكملت حديثها وقالت :

انتِ ياستى هتعيشى في بيت الحاج سالم العطار

لوت حسناء فمها وقالت بضيق :

مش بقولك جاية تتمسخرى عليا

نفت نعيمة بعنف وقالت :

جاية أخطبك لنبيل!

تطلب الأمر ثوانى حتى استوعبت حسناء الأمر فشهقت بعنف

وانتفضت من مكانها لطمت صدرها وقالت:

إيه اللي بتقوليه دا عاوزاني اخد الراجل من على مراته؟ لا طبعا مينفعش.

غضبت نعيمة وقالت بحنق :

مهو كدا كدا هيتجوز ولو مش انتِ هيبقا غيرك، نفسه يخاوى قمر بحتة عيل،

لم تسيطر على غضبها وقالت بصوت عالى:

يعني انتِ ترضى أبو كريم يتجوز عليكي؟

وقفت نعيمة من مجلسها وتطلعت لحسناء بإستنكار رفعت حاجبها وتطلعت حولها وقالت باستخاف :

انا غلطانة اني جاية انشلك من عيشتك المقرفة دي وريني بقا هتدفعي الإيجار منين ولا هو أصلا دا منظر بيت قاعدة فيه دا هيقع بين لحظة والتانية.

تحركت للرحيل وتوقفت مرة أخرى وقالت بخبث:

ولعلمك لو ابو كريم حابب يتجوز مقدرش امنعه بس انا مقصرتش معاه عشان يتجوز عليا جبتله الواد يشيل إسمه والبت تبقا حبيبته وعشان أنا أصيلة هسيبك تفكرى قدامك لبكرة الصبح تعرفينى رأيك لو مش موافقة ألف غيرك تتمنى.

ألقت حمم حديثها المحرقة لقلب حسناء وتركتها بحزنها وقهرها تتلفت حولها بحسرة على حال رضت به فجاءت هى لتشعرها بنقصها وضيق حالها،

تطلعت لشقوق تتخلل جدران المنزل ورطوبة عطنة عكرت جدرانه وأرضه وبعد الرضا تسلل السخط والحنق لقلبها

دخلها محدود ومايشتريه لايسمنها ولا يغنيها من جوع

على منضدة مهترئة تشبه منزلها ثلاثة أظرف مغلفة إثنان فتحتهم وعرفت فحواهم فتوقعت الثالث 

جلست على فراشها ومدت يدها للأخير تفتحه ويديها ترتعش وقرأت مابداخله وهو تماما كما توقعت (إنذار أخير بالطرد من عقار رقم.... بشارع.... )

طوت الورقة وألقتها بحزن هربت عبرة من مقلتيها تلقفتها بكف يدها، إستلقت على فراشها شاردة بالفراغ تتحاور مع عقلها.. وتتصارع مع قلبها

لا تعرف من ترجح كفته على الآخر!

تطلعت بنظرة خاطفة على الورقة المطوية، كأن عقلها أشار لها لتفكر به فكيف ستكون حياتها دون هذا المنزل؟

ولا أحد لها معين تواجه صعوبات الحياة وحدها منذ فقدت زوجها وطفليها فى حادث سير لعين، وهي لاتملك سوى نفسها

زفرت ببطئ وأغمضت عيناها تحاول النوم لتهرب من الواقع تدعوا من قلبها أن تلحق أسرتها خير لها من البقاء بالشارع أو استغلال وضع لزوجين يعرف الجميع مدى عشقهم لبعضهم..

                   🌹🌹🌹🌹

الليل يأتى للجميع سباتا إلا المجروح فالليل يشعل نيران قلبه يلهب جراح روحه يأوق مضجعه

خرج نبيل من فراشه بعد ان صال وجال به محاولا النوم دون جدوى.

ارتدى ملابسه ونزل درج السلم وقف أمام شقة أخيه َطرق على الباب بعنف؛

فتح سعيد الباب وعلى مايبدو انه يشارك أخيه الأرق دون مقدمات وبلهجة آمرة مد نبيل يده وقال :

عاوز مفاتيح العربية أروح لمراتى وبنتى.

وقبل ان يرد سعيد أكمل نبيل بحزم :

العربية دى من فلوس أبويا وليا فيها زيك بالظبط.

لهجته الحازمة أرهقت تفكير أخيه فكل ثانية تثبت له أنه فقد أخاه.

إستدار دون أن ينطق ببنت شفة أحضر المفاتيح من علاقتها جوار الباب ومدها له وأغلق الباب خلفه وتحرك ببطيء يفك أزرار ملابسه تاركا مساحة لدخول هواء أكتر يحتاحة بشدة.

فهو على مشرفة خسارة لم يعد لمواجهتها من قبل؛

توجه لغرفته ليجد (نعيمة) تقف على الباب متكأة عليه بذراع والأخر توسط جذعها،

قابلته بنظرة حانقة وقالت بضيق :

يعنى دا وقت تسيبله العربية فيه؟ يسوق في النص الليل مراته ايه دي اللي هيروحلها هي هتهرب ولا هتطير.

إقترب منها مد يده بعنف أسقط ذراعها وفتح لنفسه طريق عنوة دون ان يبادلها حديثها الذى بات يكرهه،

جلس على طرف السرير يعصر التفكير رأسه، يتخبط بصراع داخله لا يعلم ان كان على حق أو باطل..

صوت الرياح يعلوا فيضيف على ناره حطب يلهب دواخله.

نعيمة تتحدث وتكرر حديثها فيصل إليه ذبذبات لا يقدر على سماعها،

تطلع للنافذة كأنه يرى مشهدا يتحرك أمامه؛ قُبِضَ له قلبه بشدة..

نظرة غاضبة من والدته المتوفية منذ زمن رمقته بها واستدارت مولية ظهرها له وتبخرت في الفراغ تساوت مع الرياح،

شهق بفزع وأصاب قلبه رجفة كادت تهلكه،

مد يده على صدره يدلكه بضعف يستجدى قلبه ليوقف رجفته،

تطلعت له نعيمة بدهشة رفعت من نبرة صوتها قائلة :

مالك ياابو كريم بقالى ساعة بكلمك مش بترد عليا ليه فى ايه؟

تطلع لها بجمود وقال :

قلبى مقبوض أوى مش عارف ليه

قضبت حاجبيها وقالت :

ياساتر يارب هقوم أطمن علي العيال انت قلقتني.

خرجت مسرعة لغرفهم تطمئن عليهم،

وقفت أمام فراش ملك ودثرتها جيدا، تحسست وجهها لتستشعر حرارتها وتنهدت براحة خرجت من غرفتها،

دلفت لغرفة كريم واقتربت من سريره رفعت رأسه ليستريح عنقه على وسادته وربتت علي كتفه وأسجته بغطائه الوثير.

وخرجت ببطىء عائدة لغرفتها؛

إقتربت من سعيد وهو على موضعه كما تركته وقالت بقولك إيه ياابو كريم قوم صلي ركعتين مفيش حاجة انت بيتهيألك،

التفت لها منتبها لحديثها أومأ برأسه موافقا واستقام من مجلسه ليتوضأ ويصلى عله يريح صدره،

وعند عفاف

قامت تصلى بالأسحار وتتضرع لله راجية منه الشفاء لوحيدتها وصغيرتها

أنهت صلاتها ووقفت جوار النافذة تتطلع للسماء بتوسل، تسحب أنفاسها بصعوبة وتخرجها بألم تصرخ أضلعها به. .

شاردة فى الفراغ دمعها لا ينضب تبكى بصمت وتكتم شهقاتها

أخرجها من شرودها صوت إحتكاك إطارات سيارة بعنف فى الأرض تلاه صرخة تعرفها جيدا،

فرغ فاهها وتطلعت لأسفل ؛ هرعت بفزع تلتهم درج السلم، تصرخ بإسم نبيل تبعد كل مايقابلها بيدها أي كان ماهيته

وصلت للجموع أمامه تباعد بينهم بيدها بصرخات عنيفة حتى وصلت إليه

ألقت بنفسها فوقه تحتضنه وتصرخ بالجمع الوفير أمامه :

حد ينادي لدكتور بسرعة واقفين تتفرجوا عليه

تكمل صرخاتها وتستغيث

من الجمع من تحرك مسرعا لداخل المشفى ومنهم من وقف يراقب ويضرب كفيه ببعضهم ويدعوا ويحوقل متأسفا علي شبابه

أحدهم يتحدث بلهجة غاضبة :

العربية اللي خبطته هربت بسرعة ملحقناش نعرفها منه لله

وآخر يقول بنبرة حزينة :

أنا شفته ركن عربيته ونزل منها وماشى باصص فى الأرض وشكله سرحان ومهموم ياعيني يابنى ربنا يجيب العواقب سليمة..

أصواتهم ترن فى أذنيها، حواسها تشتعل بالغضب قلبها يئن بالحزن تقسم بداخلها على الانتقام من المتسبب فيما حدث، تحاول التحدث معه لايستجيب لها فتصرخ بقوة ترج كيان من يسمعها

إقترب طاقم من المشفى يهرول بسرعة إليهم، أبعدوها عنه وحملوه بسرعة لداخل المشفى لإجراء اللازم.

قابل الطاقم طبيب شاب

وقف امامه فتح كشاف صغير سلطه على بؤبؤ عينيه وصرخ قائلا :

حضروا العمليات بسرعة.

جرت خلفهم عفاف وحالتها يرثى لها فهاهى تفقد أعز مالها بعد أن عوضها الله بهم عن اليتم والقهر طوال عمرها؛

لم تعد تحملها قدامها وقفت وإستندت على الحائط وألقت رأسها عليه تبكى وتبكى؛ رفعت رأسها وتحاملت على نفسها وسارت تجاهه مرة أخرى حتى أوقفها طبيب، مشيرا بيدا وهو يغلق غرفة العمليات قائلا :

ممنوع الدخول هنا.

وتركها خارجها تتمزق ألما تتكابد بحزن على تعاظم مصائبها.

يمر الوقت بصعوبة بالغة مع الإنتظار إقتربت ممرضة من عفاف وقالت بأسف على حالها :

قمر صحيت وبتسأل عليكى.

كفكفت دمعها ببواطن كفيها وعدلت من مظهرها، رسمت بسمة زائفة وتحركت لغرفتها تطمئنها، وكم تود هي لو طمئنها أحدهم ولكنها غريزة الأمومة تخفى ألمها فى جوفها لتمتص ألم أطفالها..

إقتربت منها، أحنت جزعها لتقترب برأسها منها وطبعت قبلة حانية على جبهتها.

رفعت قمر عيناها له وقالت بملل :

مش هنمشى من هنا ياماما وبعدين أنا كمان زهقت من النوم دا كل شوية عاوزه انام كل مصحا ألاقى نفسى عاوزه انام تانى

ربتت عفاف على رأسها بحنان وقالت :

معلش ياقمر اتحملى شوية انتي بتنامى عشان الجرح يخف بسرعة وتقومى تروحى

أشارت لها الممرضة لتقترب منها وتعطيها الدواء

ابتعدت عفاف للخلف قليلا حتى قامت الممرضة بعملها.

إقتربت عفاف من أذن الممرضة وهمست بخفوت :

مفيش أخبار عن جوزى؟

هزت الممرضة رأسها بأسى نافية وقالت بنفس الخفوت :

إدعيله واضح ان عمليته صعبه أوي الدكتور بعت يجيب إستشارى مخ وأعصاب معاه.

همست بخفوت :

يااارب

إستقرت جوار إبنتها نيران القلق تنهش قلبها، صبرت حتى أطعمتها ورأت عيناها تغفوا مرة أخرى؛ خرجت بسرعة تتلهف لأى خبر تسمعه تتلاحق سرعة قدميها مع دقات قلبها،

حتى وصلت لمقصدها ولمحت خروج الطبيب من غرفة العمليات، وعلي وجه نظرة أسف أفقدتها إتزانها فسقطت فى الأرض هاربة من وعيها..

**************



الفصل السادس

 

يوم توشح بالسواد وملأ كافة أركانه.. بكاء حار، عويل آهات حسرة وحزن مرير

قلوب منفطرة، عيون بالحزن مشتعلة تظهر آلام إجتاحت أرواحهم وهشمتها

الناس تهيم بسيرها أقدامهم الحزن أثقلها وبينهم تسير عفاف ببطئ

مكفهر وجهها وحزن ينبثق من عينيها المضجرة بحمرة إنسياب الدمع

تتلفت حولها وكأنها فقدت صوابها، لم تعد تفهم أين هى وماذا تفعل.. من هؤلاء ماعملهم، لم النحيب! لم العويل

كفاكم صراخ يدمي القلب لا شيء سيء حدث يستوجب هذا الكم من الحزن.

ولكن مهلا ماهذا أهذا حبيبها!! نديمها!! زوجها ورفيق دربها سندها ومعينها بالحياة الموحشة..

الآن فهمت الآن عاد صوابها؛ صرخت من أعماقها صرخة تهز الأرواح داخل الأجساد تخلع القلوب..

سقطت على ركبتيها تعنف بيدها الأرض وتضربها تعاقب الثرى على مواراته لحبيبها..

شهقت بألم وأغمضت عيناها لتغيب مرة أخرى عن وعيها..

فتحت عينيها على لكزة بذراعها وصوت يعبث بأذنها :

يامدام فوقى يامدام يامدام..

فتحت أجفانها ببطئ وانتفضت من مكانها تتلفت حولها وتتساءل بدهشة :

أنا فين؟ مين اللى جابنى هنا

اقتربت الممرضة تهدأها وقالت :

انتى هنا من بدرى بس أغم عليكي.

تنفست ببطئ وقالت بدموع :

طب ونبيل جراله إيه.

ابتسمت الممرضة وقالت :

ان شاء الله هيبقا كويس هو دلوقتى فى العناية ومنتظرينه يفوق بين لحظة والتانية متقلقيش الدكتور قدر يسيطر عالنزيف،احمدى ربنا إن الحادثة حصلت قدام المستشفى ودخل بسرعة العمليات.

تنهدت براحة وحمدت الله وتسلل لقلبها أمل دعت من قلبها أن ينجيه.

تطلعت للمرضة وقالت بتوسل :

عاوزه أشوفه الله يخليكى.

الممرضة :

هخليكي تشوفيه بس المحلول يخلص الأول

سحبت عفاف إبرة المغذى من ذراعها وقالت بثبات :

أنا كويسه مش محتاجاه خليني أروح أشوفه.

أشارت الممرضة لها بإستسلام لتسير معها وقالت :

طب اتفضلى هتدخلى عنده دقيقتين بس عشان ممنوع الزيارة أحسن الدكتور هيبهدلنى لو عرف.

هزت (عفاف) رأسها بإستسلام وتحركت بلهفة تطمئن على زوجها.

@marwa ELgendy

خرج سعيد من منزله وتلك القبضة المهلكة لم تترك قلبه،

قابلته حسناء بوجه متجهم بعد أن عقدت نيتها على الرد

أوقفته بحرج وقالت وعيناها فى الأرض :

لو سمحت بلغ أم كريم إني موافقة عالجواز.

صمت قليلا، وغزه قلبه وأطال النظر إليها حتى لمح بعينيها دمعة تجاهد كى لاتفر من محبسها

تنهد بضيق وقال :

تعالى نتكلم فى مكان مش هينفع نتكلم عالواقف.

تطلعت حولها بحرج وقالت مينفعش ياابو كريم الناس تتكلم فى حقى

تملك الغضب من نبرته وقال بثقة :

مين دا اللي يتكلم عنك وانتي مع سعيد العطار محدش يستجرى يجيب سيرتك.

إستجابت لطلبه وسارت خلفه بإستحياء

وصلا لقارعة الطريق، أشار (سعيد) بيده لسيارة أجرة توقفت وفتح لها الباب لتستقلها وتقدم للأمام وجلس جوار السائق..

سارت بهم السيارة حتى وصلت لمتنزه عام وكان هذا طلبها.

ترجلا من السيارة وجلسا علي أحد المقاعد؛

تحدث سعيد بنبرة حازمة :

سؤال واحد وجاوبى عليه وافقتى ليه؟

أخفضت بصرها بالأرض وقالت بصوت خفيض غلفه الحزن :

الوحدة وحشة ربنا ميكتبها على حد.

رفع حاجبه باستنكار ورد سريعا بلا تفكير :

بتكدبى فهمينى لو عالوحدة كنتى وافقتى على اللى اتقدمولك قبل كدا، وافقتى ليه من غير كدب؟

رفعت عيناها لتواجه عينيه وقالت وبثبات :

انا عمرى مكنت طماعة ودايما راضية بقليلي بس قليلي قريب مش هيبقا موجود

ضيق عينيه وتساءل :

تقصدى ايه.

تنهدت بحزن قائلة :

صاحب البيت عليا ليه إيجار وجايبلى حكم بالطرد وحتي لو دفعته مش هيسكت هو عاوز يهد البيت ويطلع بيه عمارة.

فرك بذقنه ممسكا شعيرات لحيته التى تضفى علي وسامة فوق وسامته

رفع عينيه للسماء وزفر بضيق وقال :

يعنى موافقة إجبار.. نعيمة تعرف الكلام دا كلة صح؟

هزت رأسها بالايجاب وكان هذا كفيلا ليوقد نيران ثورته.

يعنى بدل متساعدك بتستغل الوضع وتجبرك عالجواز

قدماه تهتز بتوتر بالغ يشعل سيجار تلو الآخر، يتطلع لوجهها وتستعر النيران أكثر وأكثر

هب من مكانه أخيرا وقال :

انتي مش مضطرة تتجوزي نبيل عشان تعيشي من النهاردة انا هتكفل بيكي من كافة شيء

تطلعت له بغضب وقالت :

انا مش بقبل إحسان من حد.

احتدم غضبه وقال معنفا انا مش حد مش كنتى موافقة تتجوزى اخويا عشان يصرف عليكي؟

ابتلعت ريقها بضيق وتطلعت بالأرض، فأضاف مسرعا

نبيل بيحب مراته مش هيبصلك عمره هتتعذبى معاه وانا مرضاش ليكي العذاب.. انا عندى حل لو وافقتى عليه هترتاحى

تطلعت له بعينين تلمعان من عبراتهما وماعادت قادرة على حبسهما

فلتت الدموع مبللة وجهها،

مد يده مسرعا يكفكف دمعها بحنان أسرى بجسدها رجفة وقال :

تتجوزينى

جحظت عيناها بشدة فأضاف :

ودلوقتى حالا،

شهقت قائلة :

طب وام كريم هنعمل فيها ايه؟

أضاف بلامبالاة :

هى مالها انا متأكد انها مش هترفض دي كانت دايما تغلط في ام قمر عشان رافضة وبتقول انها بتقف قدام شرع ربنا.

تطلعت حسناء لأسفل تفكر قليلا؛ وحديث نعيمة بالأمس عن عدم اعتراضها على زواجه يدور بعقلها، رفعت وجهها وابتسمت بخجل؛ بادلها بسمتها وقال :

تعالى نروح نشوف مأذون،

شهقت بفزع قائلة :

دلوقتى!!

سحبها من يدها وقال خير البر عاجل الشقة فى الدور التالت جاهزة مش ناقصها غيرك تنوريها.

طب مش هتعرف أم كريم

زفر بضيق قائلا :

تانى هتقولي ام كريم ياستى اخلصى ملكيش دعوة بحد انا الراجل مش هى.

تحركت معه وداخلها سعادة لا احد ينكرها فهى تحقق حلم حلمت به طوال عمرها فقد كان لسعيد العطار نصيب فى أول دقة قلب لم تنساها أبدا حتى لو تعايشت وتزوجت وتناست الا أن نيران العشق لو نفخت ترابها تشتعل مرة أخرى.2

 

فى المشفى..

الوقت مع الإنتظار يمر بصعوبة بالغة تجلس عفاف على مقعد تتآكل دواخلها من القلق والتوتر، لا تكف عن الدعاء وان كف لسانها يكمل قلبها..

عيناها لا تترك باب الغرفة وكأنه سيخرج منها إليها

لاحظت توتر من غرفته الممرضة تهرول وتعود بطبيب آخر غير ذلك الذى جواره منذ مدة..

هبت من مكانها تحاول ان تتوسلهم ليخبروها بما يحدث ولا أحد يتحدث،

الحزن يظهر علي الملامح أولا وملامح الجميع تشبعت به حتى فاض بقوة على ملامحهم، لا تفهم السبب..

جلست تبكى وتفرك يديها بعضهم بعض..

صوت نبيل صدح عاليا؛ يصرخ بألم وصدمة بادية على صوته

تخطت عفاف الممرضة بعدتها بيدها وفتحت الباب عنوة وقفت أمامه مصدومة تبكى بحزن وقهرة تستمتع لحديثه المصدوم بكلمات غير مرتبة :

أنا مش شايف أي حاجة كل حاجة قدامى سودا ايه اللي حصلي عيني عيني..

طبيب العيون وصل فتح عينيه يحرك كشاف الضوء أمامها دون استجابه منه له.

تأكد الخبر وتمتم الجميع بأسف :

لاحول ولا قوة الأ بالله

تبع حديثهم صرخة مشتركة بين نبيل وعفاف

هرولت إليه تحتضنه بحنان وتحتوى حزنه.

تألم بين يديها؛ أرخت قبضتها عليه وتبادلا بكاء مرير بقلوبهم المكلومة

همهم بأذنها بحزن من بين شهقات بكاءه:

مش هقدر أشوفك تانى خلاص اتحرمت من عينى،

ردت ببكاء :

ياريتك تاخد عيني ياحبيبي ياريت ينفع اديك عيني.

إقترب الطبيب منهما وقال بحزم :

مينفعش كدا غلط اللي بتعملوه دا انتوا مؤمنين بالله دا قضائه.

حالته كانت حرجة جدا كان ممكن يروح فيها. عموما يرتاح من العملية الأولي وأكيد فى حل إن شاء الله

أغمض نبيل عينيه بحسرة فقده لهما والدمع يجرى على جانبي وجهه

قامت

عفاف من جواره تبكى وتردد كلمة واحدة :

منه لله اللي كان السبب

تعيدها مرارا وتكرارا

أخرجها الطبيب من الغرفة ومنع عنه الزيارة خوفا على صحته

خرجت من أمامه تهيم على وجهها توجهت لغرفة إبنتها ووقفت أمامها تطالع وجهها الشاحب

وخرجت من الغرفة ببطئ كى لا توقظها..

توجهت لبيتها والنار تكوى قلبها. ماعادت عيناها ترى

تورمت أجفانها حتى سدت عيناها، تطل على العالم من نافذة ضيقة للغاية بين انتفاخ جفونها

أوقفت سيارة أجرى وركبتها..

وقفت قريبا من منزلها نزلت منها تجر جسدها بصعوبة

تتذكر بكاء نبيل فتلتهب بالدموع عيناها تزامن وصولها

بوصول سعيد برفقته حسناء،

ما أن لمحته حتى إستعادت نشاطها وتضاعفت قوتها.. التهمت الأرض بأقدامها حتى وصلت إليه

يدها المرتعشة باتت قوية انهالت على خده بصفعة دوى صداها في الأرجاء 

صمت الجميع وكأن الزمن توقف..

الكل يراقب رد فعله؛ متعطشين لفهم السبب،

حسناء شهقت بفزع رفعت يديها تلثم فمها وعيناها إنفرجتا بدهشة عارمة..

أما هو فلم تعنيه الصفعة فمنظرها كان لقلبه أكبر صفعة..

تطلع لها بأعين تقاوم فرار دمعها وبصوت خفيض مرتعش قال :

قمر ماتت.؟

أمسكته من قميصه تجذبه وتبعده تصرخ بوجهه تعنفه..

لا يلقى بالا بعنفها بل هو يرجوا منها المزيد ليتخلص به من عذاب الضمير

صاعقة هوت على قلبه الآن بعد سماعه لآخر جملة قالتها :

أخوك كان هيموت بسببك وبسبب ظلمك ماشى سرحان عربية خبطته.

أخوك إتعما بسببك، عمرنا مهنسامحك أبدا.

فيها إيه لو سبته فى حاله يختار فى حياته

يستمع لحديثها صامت؛ دون ان ينطق بكلمة واحدة حتى ابتعدت عنه إقتربت حسناء منه تمسك يده تشد أزره وتدعمه تلعثم بالحديث وقال ببطئ :

كنت غيرت رأيى وبطلت أغصبه عالجواز.

لطمت عفاف خدها بحزن قائلة :

بعد إيه؟

تلفت الجمع مرة واحدة للجهة المقابلة بترقب متابعين احتدام الأمور بينهم..

فالآن اكتمل الأمر بوصول رأس الأفعى (نعيمة) تصرخ وتولول بعد أن لمحت يد حسناء تتعلق بيد زوجها..

اقتربت منهم وأبعدتها عن يده بحدة قائلة بهدر :

لمي ايدك وابعدى عن جوزى ياحسناء مالك لزقاله كدا ليه؟ انتى نسيتي اننا خطبناكي لنبيل مش لأخوه!

تطلعت حسناء بالأرض

الدهشة ارتسمت على ملامح عفاف رددت الكلمة بداخلها تربط بين حديث سعيد وبين الموقف

وقبل أن يجيب سعيد قهقهت هى عاليا بهستيرية مصحوبة ببكاء وتشفى قائلة :

حفرتيها ليا وقعت فيها واتدفنتي بالحيا دمرتينا بسوادك وغلك دمرتي جوزى وفى الآخر جوزك انتى اللى إتجوز عليكى.

تطلعت نعيمة لسعيد تلتمس الفهم منه.. وجدته يشدد قبضته على يد حسناء يسحبها خلف ظهره.

فهمت نعيمة ماحدث ورد فعلها لم يتوقعه أحد.......

يتبع


Report Page